ماذا تخبِّئُ يا أخي الأيامُ = فالأُفقُ دامٍ والخطوبُ جِسامُ !؟
والنَّازلاتُ مريرةٌ أحداثُها = وطغاتُها بالفاجعاتِ قيــامُ
القتلُ والتَّدميرُ والتهجيرُ من = بعض المآسي صاغها الإجرامُ
واللؤمُ والبغضاءُ كانا حافزا = للمجرمين وشأنُهم إرغــامُ
هزُّوا نوازعَ أنفسٍ ملعونةٍ = إذْ غاب عن فرسانه الصَّمصامُ
فإذا بشذَّاذ الشعوب تكالبُوا = ولضعفنا تستنسرُ الأقزامُ
قتلوا الألوفَ المؤلفةَ ارتوتْ = بدمائهم أرضٌ وعاثَ أُوَامُ
داخوا وقد جلَّ المصابُ ولم تجد = من حاكم إذْ غُيِّبَ الحُكَّامُ
هذا يخونٌ وذاك بعدُ معربدٌ = وبقيةٌ عمَّـا يكون نيامُ
والمرجفون أذلَّةٌ قد نافقوا = والفاسقون لهم ــ أخا المصابِ ــ مــدامُ
لم يشعروا إذ ضجَّت الدنيا وقد = نادى بردمِ ترابها الأيتامُ
آباؤُهم تحت التراب تراكمت = أجسادُهم والصَّحبُ والأرحامُ
فعدوُّهم نسلُ الصهاينةِ انثنى = عن كلِّ ما جاءت به الأحكامُ
فهم الوحوشُ تنكَّروا عمَّا أتى = بسُمُوِّه للعالَم الإسلامُ
وأعانهم حشدُ البغاةِ وعالَمٌ = ماتتْ بوجهِ فسادِه الأحلامُ
ولهم تآمُرُ مَن إذا قالوا فقد = كذبوا وعُــدَّتُهم هي الإيلامُ
أممٌ تداعتْ يا أخي لقتالنا = إفرنجُ هذا العصرِ والأعجــامُ
أما الذين استنصروا وتهوَّدوا = من شعبنا فلديهم الإبــرامُ !
جفَّتْ مغانيانا وكادت ترتحل = فرسانُنا الأبطالُ والأعـلامُ
واليأسُ هبَّ عجاجُه في أنفسٍ = وبمَن رأتْهم مالهـا استعصامُ
وقد اكفهرَّتْ بالمكاره أوجــهٌ = تشكو فأين المنقذُ المقدامُ
أين الذين إذا المنايا أقبلتْ = ثبتوا فأين الثأرُ والإقدامُ ؟
أين المجددُ للعقيدةِ آنَ أنْ = يرث البطولةَ الفارسُ المقدامُ !
أُسدُ الحنيفِ (بغزَّة ) الأبطالُ ما = وهنوا ولا جبنوا لِمَــا قــد راموا
صانوا عهودَ اللهِ في غدواتهم = والفتح هلَّ ورفَّتْ الأعلامُ
واسترخصوا بيعَ القلوبِ لربِّهم = غّ بالقبولِ تفرَّدَ العلاَّمُ
صانوا مسيرتهم بسيرةِ مَن مضوا = نجباءَ ماغرَّتْهُـمُ الأيامُ
حفظوا كتابَ اللهِ واجتهدوا بما = يُنجيهُمُ والآخرون نيامُ
فهُمُ الأباةُ الصِّيدُ منهم فتيةٌ = ترفيهُم بالصَّالحاتِ يُــرامُ
هاهم كما علمَ العدوُّ بشأنهم = إذ منهُمُ الصَّوامُ والقــوَّامُ
ولأحمد الياسين ذكرٌ لم يزل = يرضاهُ في غدواتهِ الإعظامُ
والجندُ جندُ الله ربَّاهم على = حبِّ الشهادةِ فانتفى استسلامُ
شهداؤُهم كُثــرٌ وتلك شهادةٌ = قد خانها العملاءُ والإعلامُ
والشيخُ كان القدوةَ المُثلى لمَن = رامَ الحقيقةَ عافهـــا الأقزامُ
سبعون عاما بل تزيدُ وبذلُهم = تعنو لبهجةِ فيضِه الأحـزامُ
كم قد أتى حزبٌ بزورِ هـرائه = والقدسُ تأبى أن يجيءَ لئــامُ
ماحرَّر الأقصى سوى جندِ الهدى = وبغيرهم تتعثَّـرُ الأقــدامُ
مكرٌ لهم وبهم أتى كيدٌ طغتْ = فيه الخيانةُ كفُّهـا هــدَّامُ
واليوم يابن الأكرمين إبادةٌ = فيه الشعوبُ المسلماتُ تُضامُ
في الشام في بغداد في يمنٍ وفي = كلِّ البقاعِ لبغيهم إسهامُ
والظلمُ طاغٍ والعداوةُ أنشبتْ = أظفارَها واستفحلَ الإجرامُ
والحالُ حالُ المسلمين مبعثرٌ = ولقد نأى عن أهله الإكرامُ
شهداؤُنا الأبرارُ ضخُّوا بالدِّما= وبشعبنا تتوقدُ الآلامُ
والثأرُ للشهداءِ باتَ محتَّمًا = إذ لم ينفعِ الآهاتُ والأوهامُ
مَن لم يجرِّدْ للجهادِ سلاحَـه = فهو الخنوعُ يشينُه استسلامُ
لكن وقد صحت الشعوبُ وأعلنت = غضبًا لهــا ماشانه استذمامُ
ولقد أبتْ حكمَ الذين تقاعسوا = تبًّا وما صلُّوا ولا هـم صامُــوا
وهم الشبابُ وقد حدتْهم نفحةٌ = هي للشبابِ يزفُّها الإلهـامُ
أحيا ضمائرَهم حديثُ نَبِيِّهم = والبشرياتُ فمـا لهم إحجامُ
فاليوم ليس كأمسنا بل لم نجد = إلا الجهادَ يعيدُه الإقــدامُ
للهِ في هذا الزمان خبيئةٌ = ولمَن طغى فلحشدِه الإرغــامُ
فاسمعْ ولا تعجبْ إذا ألفيْتَه = يحنو على بلدانــه الإســـلامُ