أعِدْ لدُنيا الورى هَدْيَ النَّبيِّينا= وأصلِحَنْ حالَها إذْ باتَ محزونا
واسقِ القلوبَ التي بعدَ الهدى ذَبّلّتْ = من دافقِ الوحيِ تحييها مثانينا
قد بارتِ المللُ العجفاءُ ، وانكفأتْ= عن دارةِ المجدِ ، واختلَّتْ موازينا
راموا السَّعادةَ في تيهِ الهوى ، فغوتْ= نفوسُهم ، وهووا من حيثُ يعلونا
تسابقوا لا إلى فضلٍ ومكرمةٍ= وإنَّمـا لهلاكِ النَّاس يسعونا
واسترشدوا بعقولٍ غيرِ نيِّرةٍ= قد أوردتْهم لِخُسْرٍ منه يشكونا
ولم تجدْ في بقاعِ الأرضِ مرشدها= فعرَّجتْ ـ بئسَ ـ تستجدي الشَّياطينا
ولم تجدْ مـرَّةً أخرى سوى قيمٍ= للمسلمين تردُّ الشَّرَّ والهونا
وسائلٌ من ضميرِ العصرِ يسألُهم= أين الهداةُ يعيدون العلى دينا !!
أين المآثرُ صاغتْها شريعتُهم= وأين مَنْ بالتٌُّقى والحقِّ يوصونا !!
وأين مَنْ تعشقُ الأسماعَ سيرتَهم= فليس للنَّاسِ في الآفاقِ يؤذونا !!
لمَّـا مشوا فَسَحابٌ ممطرٌ نِعمًا= يُزجَى لمَن في زوايا البؤسِ يبكونا
مَن قال : إنَّ سِوى الإسلامِ ينقذُهم= فكاذبٌ قولُه ، أغراهُ شانينا
لن يُسعدَ الخلقَ إلا دينُ خالقِهم= مهما تقوَّل في الدَّعوى أعادينا
فالخيرُ والبِـرُّ والإيثارُ مابرحتْ= نديَّةً ، وسناها في نواصينا
طيبُ المزايا ، وما زالتْ بفطرتِنا= ما أبدلتْها بسوءِ الخُلْقِ أيدينا
مازاغَ قومٌ وفي أحنائِهم قبسٌ= من النُّبوةِ يَنفي الزَّيفَ والدُّنا
يستثقلون الهوى يودي بشيمتِهم= ويُضرمُ الوهْنَ بالَّلذاتِ مشحونا
ولا يرونَ إذا تاقتْ قلوبُهُمُ= غيرَ المآثرِ في الدنيا ميادينا
تصدُّ أنفسُهُم عن كلِّ مُبتذَلٍ= فلم تجدْ بينهم أعمىً ومفتونا
يامَنْ تبصَّرَ في أحوالِ أُمَّتِنا= وراعه عزمُهــا في السَّعيِ موهونا
تأخَّرتْ عن مطافِ العزِّ إذْ قعدتْ= تكابدُ الضَّعفَ قوَّاهُ الأذلُّونا
وتشتري البخسَ في سوقِ الونى وتفي= ملهى التَّنافُسِ بالأهواءِ مأفونا
كأنَّما غادرتْ ويحَ التَّبارِ غِنَىً= أعزَّهـا قبلُ بالإسلامِ مقرونا
واختارها اللهُ للأسمى وأفردها= لحملِ دعوتِه والخلقُ يلهونا
نادتْ بهم ، فتداعى كلُّ ذي رَشَدٍ= مسابقًا بالهدى صفَّ الملبِّينا
وغيَّرتْهُم فما ثابوا لمرتكسٍ= ولا أناخوا بظلِّ الرَّيبِ يشكونا
يامَنْ رأى أُمَّةً مثلَ التي صنعتْ= يدُ الشَّريعةِ فانظرْ وجهَ ماضينا !!
أيَّامُها حُجَّةٌ لو شاءَ مُنكرُها= وهْيَ التَّحدِّي لمَن جاؤوا يلاحونا
هاتوا لنا حِقبةً تزهو بمفخرةٍ= غيرَ التي بهُدَى القرآنِ تحدونا
والَّلهِ لو ملكوا أضعافَ ما امتلكوا= من تقنياتٍ وأفكارٍ ليُلهُونا
ماوجَّهتْ لسوى الرحمنِ أُمَّتُنا= عزيزةً وجهَهَا بئسَ المراؤونا
لابدَّ من عودةٍ تُرجى لموكبِها= فالبُشرياتُ هفتْ فتحًا وتمكينا