يحلو الوفاءُ وحقلُه المعطارُ = فيه المروءةُ أفقُهـا زخَّارُ
تُجلَى به النيَّاتُ يزهرُ دوحُها = وترفُّ حول أريجِها الأوطارُ
تسقيه من قيمِ العقيدةِ ماءَها = عذبًــا يــدٌ ولعزمهـا استبشارُ
فيقوم من بين الونى قومٌ ذوتْ = زمنَ التَّجافي أرضُها المحبارُ
كم من فتى أثني هواه عن الهدى = من قبلُ ذاك الموسمُ السمسارُ!
فتفتَّقتْ أحناؤُه عن عـزمةٍ = قدسيَّةٍ ماشابها استهتارُ
إنَّ الوفاءَ يصونُه روحُ الهدى = ويعيدُه للدعـوةِ المضمــارُ
فإذا أتى ساحَ الجهادِ رأيتَه = بطلا يناجزهم لــه تــزآرُ
تخضرُّ في خطواته أرضٌ زهتْ = أرجاؤُها وكأنَّــه أمطارُ
ولئن مشى في الناسِ فاحَ عبيرُه = وكأنَّه النسرينُ والنُّــوَّارُ
وكأنَّه القرآنُ يسعى في الورى = ولِفضلِه تتوجَّــه الأنظارُ
عش بالوفاءِ لَهَدْيِ دينِ مُحَمَّدٍ = واعلمْ بأنَّك للعلى تُختارُ
وانهضْ بدعوتِك الكريمةِ فارسًا = كالأوَّلين لذكرِهــم إكبارُ
بإبائهم ويقينِهم بالنَّصرِ من = ربِّ الورى تتقهقرُ الأخطارُ
سادوا البريَّة بالإخاءِ وبالوفا = وبفضلهم قد سارت الأخبارُ
لم يبق طاغوتٌ يجـــرُّ رداءَه = كِبرًا ويعلو سمتَه استكبارُ
ذلَّ الطغاةُ وقد توارى شأنُهم = واسْتُبْعِدَتْ عن غيِّهـا الأفكارُ
وهفا إلى الدنيا حِباءُ شريعةٍ = ولجودِها تتضاءَلُ الأنهــارُ
وكأنها السُّحُب التي في دفقها = جــودٌ يفيضُ وخيرُه مدرارُ
فبوجهها العُلويُّ أشرقَ كونُــنا = وتلألأتْ في العالَــم الأنوارُ
هذا صباحُ الوحيِ من ربِّ السَّما = مازالَ في قرآنــه الإعمارُ
لايُبْتَنَى أمْنُ الشعوبِ ببغيِهم = وحضارةٍ قلَّتْ لهــا الأنصارُ
فلقد جفاها الناسُ في بلدانهم = إذ زاغتْ الأحلامُ والأبصارُ
واشتدَّ كربُ الناسِ خوفا من يدٍ = ملعونةٍ فيها الأذى والنَّــارُ
وجُناتُها لم يعرفوا قيمَ الوفا = ومكانةً جاءتْ بها الأسفارُ
مَن ردَّ وحيَ اللهِ تاهَ بظلمةٍ = وسفاهُ من أخطارِها تيَّــارُ !
لن يُدركَ المجدَ المؤثَّلَ ظالمٌ = أو مجرمٌ أو عابثٌ خــوَّارُ
أما الشبابُ الأوفياءُ لدينِهم = فَهُــمُ الرجاءُ اليومَ والأنصارُ
وهُــمُ الوفاءُ وللمآثرِ أهلُهـا = فَلْيَسْقِ آمـالَ الشعوبِ الغـــارُ
فدعوه يرفلْ بالفضائلِ إنَّــه = وجهُ الأُباةِ الصِّيدِ والأبرارُ
روح الشباب إذا تسامى خطوُه = ماضرَّه في سعيِه الأشرارُ
وقُـواهُ من فضلِ الإلهِ قــويَّةٌ = وبإذنه في الخطبِ لاينهارُ
والله جــلَّ جلالُه يرعى بهم = أغلى المسيرةِ عزمُهــا جبَّــارُ
وهـُمُ الكنوزُ وما يُخَبِّئُ ظنُّها = باللهِ تحلو للغــدِ الأقــدارُ
وهمُ الشبابُ فؤادُها وفخارُها = وشموخُها المعهودُ والمغوارُ
طوبى لهم فهم الذين بوجههم = وجهُ الربيعِ ، وللربيعِ نهـــارُ