( إلى روح الأخ الكريم الأديب المهاجر : الأستاذ عمر محمد العبسو يرحمه الله )
فقْدُ الأحبةِ يدمي القلبَ ياعمرُ = إذْ هزَّ مهجَتَنا الموجوعةَ الخبرُ
وهالَنا نبأٌ قد هلَّ معتكرا = بشجوِ أنفُسِنا فالدمعُ منهمرُ
وَقْعُ المصابِ أخا الإسلامِ آلمَنا = وأوجعَ الركبَ هذا الموتُ مَن حضروا
واختارك اللهُ ذا صدقٍ وذا قيمٍ =مسعاكَ فيها به الأحبابُ تفتخرُ
لقد فقدْناك ياهذا الهمام وقد =لحقْتَ بالسَّابقين الصِّيدِ إذ عبرُوا
هي الحياةُ ابتلاءاتٌ يفوزُ بها = أخو الحنيفِ ويبقى بعده الأثرُ
فاشهدْ تفجُّعَنا آذى أحبَّتَنا = وللعزاءِ لدينا الصَّبرُ لا الضَّجرُ
والحمدُ للهِ إنَّ اللهَ بشَّرنا = بجنَّةِ الخُلدِ للأبرارِ تنتظرُ
إخوانُك اليوم في حزنٍ فهم فقدوا = مَنْ فوَّحتْ في يَدَيْ أفكارِه السِّيرُ
وقد تثنَّتْ هدى للهِ موهبةٌ = قد عاشها بعطاءٍ ليس ينحسرُ
فاقَ الذين استووا في منهجٍ عبقتْ = به سلالُ الهدى واسْتُعْذِبَ الثَّمرُ
وساقها في سبيلِ الله هجرته = وللعقيدةِ في دنياهُ ينتصرُ
وهاهنا في حناياها مضى وقضى = شهمًا فطابَ على أيامِه العُمُرُ
وللمهاجرِ وعدٌ عندَ بارئه = قد فاز بين الورى والناسُ قد حُشرُوا
وعاشها تلك أيام الجهاد فتى = لم يخش طاغيةً أو بغيَ مَن كفروا
ويشهدُ الصَّحبُ ممَّن ضمَّ مركبُنا = أنَّ الفقيدَ لفعلِ الخيرِ مدَّخرُ
ذو همَّةٍ تصطفي ماكان من قيمٍ = لخدمةِ الأدبِ المرموقِ يبتكرُ
يحبُّ إخوتَه في اللهِ يخدمُهم = كأنَّه عاشَ للأحبابِ يأتمرُ
أُخوَّةٌ في ظلالِ الدِّين أكرمها = ربُّ العبادِ شذاها ليس ينحسرُ
أجلَّها عمرُ العبسو وترجمها = في جمعِنا خُلُقًا فوَّاحُها نَضِرُ
ونالَها درجاتٍ عندَ بارئه = مانالها غيرُه ممَّن بها غدروا
فزادُه الخُلْقُ والتقوى بضاعتُه = ولن يخيبَ الذي ماناله قِصَرُ
بشرى وطوبى أباحفصٍ مكانتُكم = مكانةُ الصِّيدِ قد ربَّتْهُمُ السُّورُ
للهِ ممشى أماسيهم فما وهنوا = في الذكرِ يشهدُ هذا الليلُ والسَّحَرُ
صانوا عباداتِهم عن كلِّ بادرةِ = أغرتْ شرائحَ قومِ للهوى نفروا
هيهاتَ مانال أغناهم تجارتَنا = ولا جنوا قطفَها إذ أينعَ الثَّمرُ
قد بارك اللهُ مَن أعمالُهم قُبِلَتْ = ومَن له للهدى أعمارهم نذروا
قد اصطفاهم إلهُ الناسِ في زمنٍ = تاهتْ به في غوايات له الزُّمرُ
فمنحةُ الحبِّ في الرحمنِ أُلفتُها = فصولُها نعمةٌ ماشانَها كدرُ
وحبُّهم لم يزل في الله يسعفُهم = من الشقاقِ وممَّا يفعلُ الصَّعَرُ
مضيتَ لكنْ وهبتَ الركبَ أعذبَه = فالحبُّ في ربِّنا آثارُه غرَرُ
وسِفرُها جمعَ الأبرارَ فابتهجت = به الصحائفُ أغنتْ نهجَها العبرُ
وفي القيامةِ ظلُّ اللهِ أسعفهم = من هولِ يومٍ به الأحناءِ تنفطرُ
ومجمع الأدبِ الميمون يحفظُه = عهدًا جهابذةٌ للغايةِ انتصروا
رجالُه إخوةٌ راموه مؤتلقًا = بالدِّين شانئُها المذمومُ ينكسرُ
فبوركوا لكتاب اللهِ نصرتُهم = وسُنَّة المصطفى آثارُها دُرَرُ
أجلْ مضيتَ ولمَّا يمضِ ماتركتْ = يداك من سيرٍ يُجلَى بها البصرُ
تروي تصانيفُها مَن جاءَ يطلبُها = ففي التراجم شأنُ الذِّكرِ يزدهرُ
كم عالم عطَّرتْ بالخير دعوتُه = وللعقيدةِ نادى الشيخُ مَن فجروا
وكم أديبٍ علتْ للهِ دعوتُه = وجاءت الكلماتُ البيضُ تنهمرُ
ذادا بها عن حياض الدِّين يسعفُهم = شعرٌ ونثرٌ وأبوابٌ له أُخَرُ
فطبتَ ياعمر : الإسلامُ يجمعنا = وبالعقيدةِ تزهو تلكمُ العُصُرُ
نبقى على الدرب لايلوي مسيرتَنا = عدوُّنا الآثمُ المنبوذُ والأشرُ
وعشتَ فيها أبيًّا لم تهادنُه = ولم يروِّعْ فؤادًا عهدُه العَسِرُ
إنا فقدناك ياغالي وموعدُنا = منابرُ النورِ عندَ اللهِ والسُّررُ
برحمةٍ من إله ليس يهجرُنا = ولم يَدَعْنا لبغيٍ شرُّه نَخِرُ
بشراك ياعمرُ : الإيمانُ حفَّزنا = فهل نهونُ وهل تُسْتَبعدُ العِبرُ !
والآيُ تبعثُ في أيامنا ألقًا = يضيءُ ليلَ الأسى فالفجرُ يُنتظرُ
منابتُ المجدِ مازالت نضارتُها = في العصرُ عن ربعها قد ولَّتِ الحُمُرُ
سينطوي الظلمُ قد طالت جنايتُه = ويرحلُ الخِبُّ والختَّارُ والقذرُ
ويشرقُ الصبحُ مزهوًا بدعوتنا = وبالأفاضلِ يُجنَى الخيرُ والثَّمرُ
لنا العزاءُ بأنَّ اللهَ بشَّرنا = حقا بمغفرةٍ جاءت بها السُّورُ
والحمدُ للهِ قلنا في مصائبنا = وإن بكتْ لفراقٍ عندنا الحُجرُ
للراحلين دعانا في مرابعنا = وقد فقدنا بها الأحبابَ إذ عبروا
كم من شهيدٍ قضى دون الحنيفِ ولم = تخفْهُ سطوةُ طاغٍ بالهدى نفروا
وكم سجينٍ كواه الضَّيمُ مستعرًا = وأُمَّةٍ بجحيمِ الظلمِ تستعرُ
الليلُ داجٍ وآفاقُ المدى عبستْ = والناسُ ترقبُ حتى يبزغَ القمرُ ؟!