مَن آمنوا باللهِ ما أغواهُـمُ = هذا الهوى المرذولُ والدولارُ(1)
هذا الأبيُّ الفارسُ الصنديدُ قد = نالَ الشهادةَ إنَّــه الخطَّـارُ(2)
ملكتْ رحابَ الأرض رحمـةُ شرعةٍ = فوَّاحُهــا الإيمانُ والإبكارُ (3)
والآخرون إلى جهنَّم قادَهم = ظلمٌ عظيمٌ فالجـــزاءُ النَّــارُ
هوامش :
(1)المرذول :يقال رَجُلٌ مَرْذُول : خَسِيسٌ، رَدِيءٌ.
(2)الخطار : الخَطَّار الذي يرفع الرمح ويلوح به.
(3)الإبكار : أَول النهار إِلى طلوع الشمس، ومنه في التنزيل العزيز: (وَسَبِّحْ بالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ ـــــــ 41/ آل عمران ) ، والإبكار من مزايا الصالحين في العبادة ، وفي بقية الأعمال ذات الاهتمام من قِبلِ أولئك الصالحين .
اللهُ أكبرُ إنَّهــا الأقــدارُ = قد شاءَهـا في خَلْقِهِ الجبَّــارُ
وأرادها لِمَن اصطفى من أمَّةٍ = ذلَّتْ يديرُ شؤونَها الفجَّـارُ
لكنَّ فرسانَ العقيدةِ ما انثنى = عن نهجها في عصرِه المغوارُ
ومشيئةُ الرحمنِ مااختارتْ سوى = مَن في حنايا قلبِه الإصرارُ
فيها أتـتْ للصَّالحين مكانةٌ = يشتاقُها الفضلاءُ والأبرارُ
مَن بايعوا ربَّ السَّماءِ وأزمعوا = ألاَّ يفوتَ ركابَهم ما اختاروا
وهـي الشَّهادةُ عـذبةٌ نفحاتُها = ولأهلهـا الرضوانُ والأوطارُ
في ظلِّ ربِّ العرشِ في فردوسِه = مانالهــا السُّفهاءُ والكفَّـارُ
هذا زمانُ الفصلِ مانالَ الذي = أخـوى فخارًا نالـه الأنصارُ
أو أذعنوا فيها لطاغيةِ ولم = يطـوِ امتشاقَ سيوفهم ختَّــارُ
زكَّـى قلوبَ صفوفِهم قرآنُهم = والسُّنَّةُ الغرَّاءُ والأسحارُ
ورأوا بأمجادٍ مضت قيمَ الهدى = قد جاءَنا بجلالِها المختارُ
وبشائر الهادي وهاهي لم تزلْ = تحيي قلوبا بالحديثِ تُثــارُ
ومضى يقارعُ ذا العدوَّ مجاهدا = في الساحِ أرعبَهم لـه تــزآرُ
الضَّيغمُ الشَّهم الأبيُّ أعادها = قدسيَّةً شهدتْ لــه الأقطارُ
ماهابَ سجنا للغزاةِ ولم يكن = إلا الشجاعَ وما طواه إســـارُ
تأبى البطولةُ أن تُــرى في خائنٍ = قد نالَ وِجهتَه المقيتةَ عــارُ
أو مرجفٍ متصهينٍ أو عازفٍ = لحـنَ الخنوعِ فبئست الأوتارُ
وهي الرعونةُ والخيانةُ شأنُ مَن = لعبتْ بوجهةِ غيِّه الأوتارُ
من حول مائدة الصهاينةِ الذين . = . تصهينُوا اجتالتْهُمُ الأوزارُ
المالُ والنسوانُ والترفيهُ في = زمنٍ يعيثُ بـأهلِه الأشرارُ
هم يشمتون من الذين تسنَّوا = عرشَ الفخارِ وسيفُهم بتَّارُ
والضيغمُ الحرُّ الهزبرُ أعادها = في العصرِ إسلاميةً تُختارُ
فَهُـمُ كرامُ القومِ بل هم في الورى = المُصْطَفَوْنَ اليومَ والأخيارُ
وإمامهم ياسينُهم وهنيَّـةٌ = وألـوفُ من إخـوانهم ثُــوَّارُ
هاهم أمام تعنُّتِ الطاغين ما = برحوا همُ الفرسانُ والأحــرارُ
لم يرهبوا ماللعدوِّ من القوى = ومن التآمرِ أهلُــه قد حاروا
والناسُ تكرهُهُم وتمقتُ عهدَهم = عهدا به دمُ صبرِهم فــوَّارُ
إذ جاءَ للميدانِ مَن في وجهه = نورُ الخلاصِ فنعمتِ الأنوارُ
من ثالث الحرمين من محرابه = خرج الفدا وتخرَّجُ الكــرَّارُ
والمرجفون أذلة في جحرهم = وكيان خسَّتهم بهم ينهارُ
من أين جاؤونا وقادوا أمَّــةً = كانت تصولُ وجيشُها جــرَّارُ
نُصِرتْ على أعدائها بالرعبِ في = زمنٍ به صيدُ الرجالِ أغاروا
لم يخضعوا للفرسِ والرومانِ أو = هـم أذعنوا بعهودِهم أو جــارُوا
وليسألِ التاريخَ مَن خضعوا تُجِبْ = عنهم برغمِ أنوفه أخبارُ
ويشاءُ ربُّ العرشِ أن تصحو فكانَ .= . صباحُها في العتمة السِّنوارُ(4)
هذا المجاهد والمقاتلُ والذي = نالَ الشهادةَ رِدْنُها معطارُ
لبَّى النِّدا في غمرِ ساحات الوغى = يفدي العقيدةَ دونها الأعمارُ
ويداهُ فيها تحملان سلاحه = والسَّاحُ تشهدُ واللقاءُ غِمــارُ
قد أرعبتْ كفَّاهُ صهيونيَّةً = فيها لفيف عدوِّنا والنَّـــارُ
فيها التآمرُ والتَّجبُّرُ والأذى = والموتُ والتدميرُ والإعصارُ
لكنَّه القلبُ الذي لم يرتجف = من هؤلاء ولا لــواهُ شِــرارُ
بل خاضَها السنوارُ إسلاميَّةً = يحمى حماها الواحدُ القهــارُ
حاشا لربِّ العالمين بأن يمرَّ . = . عُتُوُّهم عبثًا وهــم مَن جارُوا
ولهــا انتضى السنوارُ صدقَ عزيمةٍ = للهِ بل غابت الأخطارُ
مَن جــدَّ في طلب الشهادةِ نالهـا = ماغرَّه جاهٌ ولا دولارُ
أو هــزَّه جمعُ الأعادي إنهم = يوم انتخى ولَّــى الونى والعـــارُ
قد جاء يبغي اللهَ في ساح الوغى = ماعاقه الأهلون والأصهارُ
يدري ويعلمُ أنَّـه حان اللقــا = مع سادة الشهداءِ إذ هــم سارُوا
ساروا وخلفَهُمُ الذين تخلَّفوا = ولأُمَّـةٍ تحت الظلامِ أنارُوا
فالعيشُ يُطوى والحياة ستنتهي = والظالمون لهم هناك تبـــارُ
والصالحون لهم منازلُ رفعةٍ = في جنَّة طوبى هُــمُ العُمَّـــارُ
هذا الأبيُّ وغيرُه مِن ركبِ مَن = باعوا الحياة لربِّهم مــا جارُوا
وهم الذين استنكروا ظلمَ الطغاةِ . = . وبغيهم فلهم هنا الإكبارُ
صفحاتُ ظلمٍ سطَّرتْ أيامُهم = عبر السجون وصوتُهم هــدَّارُ
ومضوا إلى الرحمن يحبو خطوَهم = لطفُ الكريمِ وللكريمِ جِــوارُ
ما أعذبَ اللقيا بوجه مُحَمَّدٍ = حيثُ النعيمُ وخيرُه المدرارُ
ولهم بدنياهم عواقبُ دمَّرتْ = ذاتَ الأثيمِ أليمُهـا جـزَّارُ
ولقد رأوا قبل الممات مآلهم = مـا هالهم لو تكشفُ الأستارُ !
أيام نزع الروحِ أو ساعاتها = ينسى امتشاقَ غرورِه الختَّــارُ
هيهات أن تُنسى ليالي بغيهم = أو تُقبلَ الآهاتُ والأعــذارُ
باؤوا بما أيديهُمُ فيها جنتْ = ومضى لهم بزمانهـا استكبارُ
ظلموا وعاثوا في البلاد وحاربوا = دينا إليهم أنزلَ الغفَّـارُ
لكنَّهم عكفوا على مللِ الضَّلالةِ . = . فاسْتُبيحَتْ في الورى الأسفارُ
قد أتلفوها عنوةً وعداوةً = وبمــا لمكرٍ تشهدُ الأوكارُ
لكنَّه الديَّانُ يفضحُ أمرَهم =ويتيهُ في ظلمائهـا مَن ساروا
كم ظالم من قبلهم ذاق المرارةَ . = . وانطوتْ في لحده الأوطارُ
وتبعثرتْ حلما كأنْ لمَّـا تكنْ = والجاهُ ولَّــى والتَّبــارُ دثــارُ
هـم هؤلاء النخبة السُّفهاءُ ما = نالوا إذِ اجتالتْهُمُ الأقــدارُ
فتبخَّرتْ أحلامُهم وتهدَّمتْ = أركانُهم وحصونُهم تنهارُ
فلك الخلودُ بجنَّةِ الرحمن فيها .= .إخــوةٌ لك في الوغى أبرارُ
عانقتَهُم من قبلُ في ساحِ الوغى = واليومَ طابَ الخلدُ والتذكارُ
مازلتَ حيًّا في حنايا أمَّــةٍ = أبناؤُهـا هبُّوا فهم أحــرارُ
آبُــوا إلى مولاهُمُ ولهم إذا = سألوهُ في ليل سجى استغفارُ