ياليالي البطولةِ اليومَ عودي

في محيَّا طيفِ الحبيبِ غرامي = وبأفياءِ روضه استعصامي

ليس تحلو لياليَ العمرِ لولا = نفحاتُ الهناءِ تهفو أمامي

ما بنفسي من الحياةِ رجاءٌ = في مغاني ازدهارِها المترامي

غير شوقي للمصطفى وحنيني = حيثُ فخري مُحَمَّدٌ وإمامي

هي لولا حبُّ الحبيبِ لجفَّتْ = أُمنياتي وبُعثرتْ أيَّامي

نِعَمُ اللهِ لاتُعَدُّ ولا تُحصَى = وأغلاها دعوةُ الإسلامِ

* * *=* * *

في حنايا زماننا حسراتٌ = لاهباتٌ كأنَّها الجمراتُ

أضرمتْها نفوسُ قومٍ تمادوا = في الضَّلالاتِ وجهها السيِّئاتُ

ملؤُها الفسقُ والفجورُ وما قد = زيَّنَتْهُ الأهواءُ والمنكراتُ

فتعامتْ رؤى العقولِ وتاهتْ = إذْ تولَّتْ أرسانَها المجحفاتُ

كلُّ مَنْ لم يَثبْ إلى الرُّشدِ أعمى = سربلَتْهُ الآفاتُ والرغباتُ

فتنحَّى عن الفضائلِ عبدًا = قيَّدَتْ سعيَ رُشدِه الشَّهواتُ

* * *=* * *

كيف تحيا القلوبُ يالوذعيُّ = ودفوقُ الإيمانِ عنها قصيُّ !

إنَّها في الصدورِ هامدةً إذْ =ليس بالنَّبضِ عيشُها القدسيُّ

فإذا ما شممتَ نفحةَ غيبٍ = فافتُقِ السترَ لايَرُعْكَ الدَّويُّ

وادفعِ الرُّوحَ في مسارِ علاها = فوراءَ الوجيبِ أمرٌ خفيُّ

هو ذا دربُكَ السَّنيُّ وفيه = ليس يُطوَى صباحُك الروحيُّ

إنما العيشُ في الحياةِ لأمرٍ = أزليٍّ جافاهُ قلبٌ شقيُّ

* * *=* * *

قفْ بدربي إذا النسائمُ فاحتْ = بطيوبِ التوحيدِ تحيي فؤادي

ظمئَ القلبُ للرقائقِ تسقي = في الحنايا العجافِ جنَّةَ شادِ

عشْ بروضي إذا سمعتَ نشيدي = يتثنَّى لهالةِ الأمجادِ

ضاقَ صدري من الوجومِ المُدَمَّى = بالخطوبِ الثَّقيلةِ الأبرادِ

قف شموخا إذا الزعازعُ ثارت = والبراكينُ في بطون البوادي

حيثُ نمشي أخا الطريقِ أُباةً = لانبالي بعاصفاتِ العوادي

* * *=* * *

نورُ قرآني لم يغبْ عن عيوني = في النهاراتِ كلِّها والليالي

رشَّ وديانَ أضلعي قطراتٍ = دافقاتٍ من أُفقِ وحيِ الجمالِ

فتدلَّتْ على مرابع روحي = سورةٌ لم تكنْ بِسِفْرِ خيالي

هزَّتِ القلبَ فاقشعرَّ فألفى = في كتابِ الخلودِ معنى الزوالِ

خلفَ وجهِ الحياةِ موطنُ فوزٍ = ليس يلفاهُ مَن سعى في ضلالِ

نورُ وجهِ النَّبيِّ ضاءَ بدنيا = عكَّرتْها في الأرضِ سودُ الفِعالِ

* * *=* * *

ذكرياتٌ في خاطري نيِّراتٌ = لم تُدنِّسْ أسفارَها التُّرَّهاتُ

سلسلتْها سكينةٌ وطُمَأنينةُ = قلبٍ أكفُّها بركاتُ

تتهادى على فؤادي وتهفو = في الحنايا فصولُها النَّضراتُ

كم أذابتْ مرارةً هَدْهَدَتْني = فتلاشتْ عن أُفقيَ الغمراتُ

هي روحٌ من العقيدة تحيي = ما أماتتْ بالموبقاتِ الحياةُ

سكبَ الفجرُ ودقَها من سماها = مغدقًا فالكؤوسُ مُبْتَغَيَاتُ

* * *=* * *

كم من التافهين يرقصُ زهوًا = للعطايا الرخيصةِ الأثمانِ !

لايبالي إذا الكرامةُ ديستْ = أو مشى بالهوانِ في أكفانِ

إنَّها الأنفُسُ الدنيئةُ تحيا = قيدَ زيفٍ من الحطامِ الفاني

لذَّةٌ تشغلُ النفوسَ مدى العُمْرِ = ويخبو لهيبُها في ثوانِ

كاخضرارِ الأزهارِ يومَ ربيعٍ = تتثنَّى على مروج المغاني

ثمَّ يمضي مثل اللذائذِ بورا = بالأعاصيرِ في خريف الزمانِ

* * *=* * *

أتراني أجرُّ خطوي غريبا = بين ديجورِ هذه الأيامِ !

قد ضقتُ بالمهازلِ ذرعا = وفؤادي وإن تبسَّمَ دامِ

لاحَ لي موكبُ الحياةِ مريعًا = وأرَاني ماغابَ من آلامِ

فنعوشُ المغيبِ تطوي بها ها = لذُكاءٍ عبر الظلام الدَّامي

هي دنيا أعيشُ بعضَ مُناها = ودجى الهولِ لامحال أمامي

يافؤادي : إنَّ الحياةَ ستُطوَى = فامضِ للهِ رغمَ كلِّ سُوامِ

* * *=* * *

ميسانُ الورودِ في هدأة الصُّبح = ونفحُ الربيعِ في الآفاقِ

وانسيابُ المياهِ تحيي جِنانا = وشجيُّ الخريرِ بين السَّواقي

وحبورُ الأطيارِ في كل وكْنٍ = شنَّفَ الأُذْنَ بالعِذابِ الرقاقِ

وهوى القلبِ للجمالِ بزهوٍ = إن تراءى الإبداعُ في الأحداقِ

والسُّمُوُّ الميمونُ هيَّجَ روحًا = فاشرأبَّتْ بدافعِ الأشواقِ

لَدَليلٌ يشدُّ كلَّ حصيفٍ = للتَّغنِّي بقدرةِ الخلاَّقِ

* * *=* * *

ردِّدِ الذِّكرَ واشْفِ قلبي الكليما = ما أُحيْلَى التَّرتيلَ يشفي السَّقيما

رفَّتِ الروحُ فاطمأنَّ فؤادي = إذ أنارَ القرآنُ ليلي السَّؤوما

وأزالَ الغشاءَ عن فيضِ نورٍ = هلَّ في العقلِ شاطئاهُ فهوما

يا إلهي : لا تَحْرِمَنِّي هباتٍ = وهُدى من لدنْك يُملي علوما

أيُّها الغافلون عن ذكرِ ربِّي = أيقظوا القلبَ سالما والحُلوما

هو ذكرٌ للعالمين لِمَنْ شاءَ =بدنيا الأنامِ أن يستقيما

* * *=* * *

وعظاتٌ بليغةٌ قد نبذناها = لجهلٍ وراءَنا ظهريَّا

وطمسنا حقيقةً ومضينا = بهبوبِ الهوى الملِحِ مُضِيَّا

وقعدنا بعد العناءِ حيارى = وثوينا دون المطافِ بُكيَّا

إنَّ قرآننا يُثيرُ خُطانا = ويقودُ الأبيَّ يمضي سويَّا

فإذا سلسلَ الإباءُ نشيدَ المجدِ = فارَ الدمُ الطهورُ جليَّا

ياليالي البطولةِ اليومَ عودي = وامنحينا تكبيرَكِ القدسيَّا

وسوم: العدد 1105