ضَاقَ القَصِيدُ ، وَمَلَّنِي الإنشَاءُ= والحَرْفُ غاضَ كما يَغيضُ الماءُ
يا رُبَّ قافيةٍ تئنُّ حزينةً= ماتت على شفتي ، وغُلَّ رثاءُ !!
ما بالُ شاعرها تطوفُ بِشِعرِهِ= سُحُبُ الأسى ، وحياتُهُ عَجفَاءُ
خرَسٌ أقضَّ وُجُودَهُ ، وفؤادُهُ= ظمآنُ لمْ يُشْهَدْ له إرواءُ
يا ويحَ قافيتي التي يخبو بها= صوتُ الحياةِ ، وهدَّها الإعياءُ
تفنى القريحةُ ، والقصائدُ حولها= مَرضَى ، فما يُرجَى لهنَّ شِفاءُ
صرعى بأيدي الحادثاتِ قتيلةٌ= إنْ أسمَعَتْ ، ما للوَرَى إصغَاءُ
لمَّا ثَوَى الخُذلانُ بينَ ضلوعِنا= كم مات حِسٌ بيننا و حَيـاءُ
يا كَمْ لغزة إذ تقاومُ وَحْدَهَا = وَجَعٌ تئنُّ لأجلِهِ الأحياءُ
وَجَعٌ يُفتِّتُ مِن أساهُ جلامِدًا= وله تلينُ الصخرةُ الصَّمَّاءُ
خذلانُ غزةَ غُصَّةٌ ملعونةٌ= ولها بأفئدةِ الرِّجال شَقاءُ
لمْ نَسْقِ في ساحاتِ غزَّةَ ساغبًا= دهْرًا وكم شَحَّ الغِذَا والماءُ !!
كم أفلحَ الأبطالُ حين تجاسروا = وتقدَّموا وجميعُهُمْ شهداءُ !!
هم مِلْحُ أرضِ اللهِ في أقطارِها = سُقيا الحياةِ ونهْرُها السَّحَّاءُ
واهًا لأرض الطُّهْرِ أزهَرَ غَرسُها= نُبلًا ، وعانقَ طُهْرَها النبلاءُ
طوفانُ غزةَ فيه ماتتْ ذلةٌ= فيه الكرامةُ جَنَّةٌ فيحاءُ
لمْ يَبْقَ إلا الخزيُ فيهِ بلاؤنا = تطويه عِزةُ غَزةَ الشمَّاءُ