وداست حماس على رأسهم
تقدَّمْ أخا الصَّبرِ إنَّا هنا = نعيدُ إلى عصرِنا مجدَنا
فأهلُ الضَّلالِ وأهلُ الفساد = وكان العَداءُ لهم ديدنا
فهاجوا على أُمَّةٍ لم تزلْ = مناطَ المآثرِ في كونِنَا
ألم تَرَ أنَّ اليهودَ الذين = أذلَّهمُ اللهُ في ذي الدُّنى
تَعَالوا ومَن حولهم آزروا = كيانًا تهاوى بأيدٍ لَنا
وربُّك يُخزي الطغاة اعتدوا = وراموا تَّسلُّطَهم بيننَا
فداستْ حماسُ على رأسِهم = وجرَّتْ دعيَّ القوى موهَنَا
برغم البعيدِ العدوِّ اللدود = ورغم القريب قلى عزَّنَا
أهانَ القويُّ العزيزُ الحكيم = فراعنةً قد رموا أمنَنَا
فعاش العبادُ جحيمَ الشَّقاء = وذاقوا المرارَ الذي مسَّنَا
فأطفالُهم رَهْن رُعبٍ ثقيل = وأما النساءُ فَقَيْدُ العَنَا
وقتلُ أناسٍ وَهُم في البيوت = وجرحى ألوفٌ فَسَلْ أرضَنَا
ومَن لاحَ في دربِه عزُّه = فيأبى الهوانَ ويجفو الونى
ونادى أخاهُ التَّقيَّ الودود = وهذا الإخاءُ جلا شأنَنَا
ودعْ عنك أهلَ الهوى والمجون = وأهلَ النفاقِ ومَن عقَّنا
أولئك باعوا البلاد لِمَن = سيجتَثُهم بعدُ إن هَيْمَنَا
فربُّك يمكرُ بالظالمين = ويُؤتي الطغاةَ الردى معلَنَا
ومن فضلِه جلَّ ربُّ العباد = سيمحقُ حشدا لهم أرعنَا
وجاءَ يريدُ لنا حتفَنا = فأرداه ربِّي ومَن رامَنا
وقد أذِنَ اللهُ للمسلمين = بردعِ الأثيمِ بما قد جنى
يحنُّ الأبيُّ لساحِ الجهاد = وهبَّ إلى فضله مؤمنَا
وما العيشُ إلا نهوضُ الفتى = إلى موطنِ العزِّ لن يركنَا
ويحلو الجهادُ ففيه ابتهاج = لنفسِ المجاهدِ نال المنى
ففيه السَّلام الذي لم يزل = سرابًا إذا لم يُشَيَّدْ بنا
ويشهدُ بالفضل للمسلمين = وبالأمنِ للخَلقِ تاريخُنَا
تناسوا لنا حقبًا ظلَّلَتْ = روابيهُمُ أمس من خيرنَا
فأيُّ هُدى غير نورِ الكتاب = يفيضُ سخيًّا بطيبِ الهنَا
فحسبُ التفاوت أن النعيم = تأرَّجَ بِرًّا وكان لنا
وجاءت رؤانا لمستقبلٍ = نضيرٍ يطيبُ لهم مسكنا
فلا ترَ فيه سوى رحمةٍ = وكل عسيرٍ غدَا هيِّنَا
وتجني الشعوبُ ثمارَ الإخا = وتقطفُ من حقلِه الأثمنَا
فعصرٌ لنا قد مضى بالنجاح = ونلنا به بالوفا فخرَنَا
وللمنصفين الذين ارتأوا = مناهجَ فضلٍ فعادت بنَا
وجاء بهيًّا كوجه الصباح = كزهوِ الربيعِ على أرضنَا
ويومُ الفلاحِ الذي لانرى = عليه اكتئابًا بدَا داكنَا
أُخَيَّ فصبرًا كصبرِ التُّقاة = فأهلُ المآثرِ حازوا الثَّنَا
فطوبى لمَن جدَّ في سعيِه = وقرَّ بحقلِ الرضا آمِنَا
فلا تنكأنَّ الهمومَ الكبار = بصدرِ الأُباةِ وعِشْ موقنَا
بأنَّ الإلهَ الحكيم العليم = من الخطبِ حقَّقَ آمالنَا
ستُطوى ليالي الهوانِ العجاف = فربُّك ويحك لم ينسَنَا
ففتحٌ من اللهِ يأتي غدًا = يغيِّرُ بالنَّصرِ أحوالَنَا
بيومٍ به ظلمةٌ فانجلى = وتلقى الحقيقةُ عنوانَنَا
تحثُّ الشبابَ لِسَبقِ على = مدارجِ عزمِ ويطوي العنَا
فدينُك أولى بكلِّ الجهود = وكلِّ العطاءِ الذي جاءَنَا
ودينُك أغلى من الصَّافنات = مسوَّمةً بالهنا والغِنَى
فيومئذٍ أنتِ صنوُ الولاء = وصوتُ الرجاءِ الذي أحسَنَا
وأوجعتَ خِبًّا أماط اللثام = عن اللؤمِ في قلبِه دنْدَنَا
فبشرى لأهل الهدى إذْ جنوا = ونعم الأفاضلُ والمُجْتَنَى
فعصرٌ يُجدَّدُ فيه النهار = ويغمرُ بالبِشرِ أرجاءَنَا
وهلَّتْ به من حنايا الزمان = مثانيَ وحيٍ أتى مُعْلِنَا
وفيه تثنَّى حديثُ الحبيب = فرائدَ فاحتْ هنا سوسنا (*)
فبورك في الشَّامِ أجنادُها = وألقتْ على المجدِ ريحانَنَا
وليلُ الشآمِ بهم مقمرٌ = ويحدو علاهم بها معلنَا
بأنَّ الشآمَ بلاد الهداة = وأرض الرباطِ بأزماننَا
فليست لِتُنسى برغم الخطوب = ورغم المصائب حلَّت بنَا
ولولا البلاءُ لغاب الرجاء = ومات الفداء الذي ماونى
فحمدًا لربِّ الوجودِ الذي = يفرِّجُ مهما عتا كربُنَا
(*) السوسن : أو الرفيف :هو جنس نباتي ينتمي إلى الفصيلة السوسنية، ويزرع لأزهاره الجميلة . تنتشر معظم أنواعه في العالَم القديم ، ويوجد منه أكثر من أربعين نوعا في بلاد الشام .
وسوم: العدد 1112