الجَبَلُ الأشَمُّ

دَعِي عنكِ الهُمُومَ وَحدِّثِيني

       عن الأقْصَى عن المَجْدِ المُبِينِ

عن الدُّنيَا التِي وَقَفَتْ تُبَاهِي

         بأبطالٍ   هُمُ   حُرَّاسُ   دِينِ

عن السِّنوَارِ مؤتلقًا   يُفَدِّي

           بِلادَ الطُّهْرِ فيَّاضَ المَعِينِ

أبيًّا غَاصَ في قَلْبِ البَلايَا

       جَسُورًا   فَوْقَ أرْتَالِ الأنينِ

ومَا حَنَّ الشُّجَاعُ إلى نَعِيمٍ

         يَزُولُ سَرَابُهُ بَعْدَ الحَنِينِ

وَلكنْ للعُلا والمَجْدِ يَمْضِي

       إلى أعْرَاسِ حُورِ الخُلْدِ عِينِ

صَبُورًا عَاشَ في البَلْوَى فَتِيًّا

       يُوَفِّي عَهْدَ حُرٍّ   في يَقِينِ

يُدَندِنُ حَوْلَ عِزَّتهِ   مهابًا

       على عَجَبٍ من الدنيا مَكِينِ

سَنِيَّ الوجهِ في مِحرَابِ حَقٍّ

     وفي الهَيْجَاءِ وَضَّاحَ الجَبِينِ

رَمَى بالخوْفِ عن قلْبٍ أبٍّي

         وَأزْهَقَ روحَ خَتَّارٍ مَهِينِ

وَلمْ تسْطِعْ لِغيرِ الحَقِّ شَمْسٌ

       برَغْمِ الكَيْدِ مِن بَاغٍ خَئُونِ

يَظَلُّ فَتَى بلادِ الطُّهْرِ شَيْخٌ

         يُقَدِّمُ   للفِدا شتَّى الفُنُونِ

وَيَكتُبُ للعُلا سِفْرًا جليلًا

     يُنافِسُ حَرْفُهُ أبْهَى المُتُونِ

هُوَ الجَبَلُ الأشَمُّ فدَعْكَ مِمَّن

   مَضَى بالوَهْمِ في قَاعِ الظُّنونِ

كذا الإسلامُ يَصنَعُ كُلَّ حُرٍّ

       أبِيٍّ في هَوَى حَقٍّ أمِينِ

وكمْ للحَقِّ مِن أسَدٍ فتيٍّ

     يُلَاقِي المَوْتَ صَوْنًا للعَرِينِ

يُرَتِّلُ وِرْدَهُ بدموعِ شَيْخٍ

   وفاضَ الدَّمْعُ مِن قلبٍ حزينِ

ولكنْ في سُفُورِ الصُّبْحِ رَامٍ

     شَدِيدُ البَاسِ ذو صَيْدٍ ثَمِينِ

وما دَعْوَى السَّلامِ لها دليلٌ

   إذا ما الشرُّ أوْغَلَ في الجُنونِ

فيَا بُشْرَى العَدُوِّ يموتُ رُعْبًا

   سَقيمَ الرُّوحِ مِن خَوْفِ الكَمِينِ

هو   السِّنوَارُ آياتٌ تَجَلَّى

         بها الإقدامُ بِرًّا باليَمِينِ

أمَا ذَاقَ العِدَا بيديهِ   ذُلًّا

     وَمَرَّغَ أنفَهُمْ في وَحْلِ طِينِ

يَعُودُ الكُفْرُ مُخْتَلًّا جَبَانًا

يذوقُ المَوْتَ في جَوْفِ الحُصُونِ

أعزَّ اللهُ بالإسلامِ   قومًا

         بِكَافٍ   نَصْرُهُ   آتٍ ونونِ

فيَا بُشْرَى الأبَاةِ بِكُلّ مَجْدٍ

   ويا بُشْرَى الطُّغَاةِ عَذَابَ هُونِ

وَكَمْ في غَزَّةِ الأحْرَارِ جِيلٌ

     يُنَادِي للرَّدَى قَوْمِي خذوني

فِدَاءَ المَسْجدِ الأقصَى بَلائِي

     أسَدِّدُ لو قليلًا مِن دُيُونيِ

أنا للخُلْدِ عِشْتُ الدَّهْرَ حُلْمًا

       تُشَمُّ رَوَائِحُ الجَنَّاتِ دُونِي

وَنَارُ الشَّوْقِ تُلهِبُ في فؤادِي

   وما نَارُ اشتِياقي في كُمُونِ

قَهَرْتُ مَخَاوِفِي وَأَبَيْتُ إلا

   شَرَابَ العِزِّ مِن كَأْسِ المَنُونِ

وسوم: العدد 1113