سَيِّدُ الشِّعْرِ
حاتم جوعيه - الجليل
الشِّعرُ سأبقى سَيِّدَهُ ... فأنا صرْحٌ وعَلاءٌ وَسَناءْ
راياتي فوقَ جفون ِ النجم ِ أعلِّيها ... أبعَثُ شمسَ الفقرَاءْ
سأغني للسلم ِ المَنشُودِ ... وَأنشُرُ حُبًّا وَحَنانا ً
قد جئتُ ملاكًا أسطعُ نورًا وضياءْ
لكن بعض حُثالاتٍ جاءَتْ لِتُسَمِّمَ جوَّ الشَّعبِ وجَوَّ الأهل ِ...
تنشُرُ إفكا ً ... أقذارًا وَوَباءْ
فسأوقِفهَا ... أمنعُ ما تأتني مِن ْ هُهْر ٍ ، إنِّي لنبيُّ الشَّعبِ
أمينُ الأمناء ْ
أنا أشعَرُ مَنْ كتبَ الشِّعرَ في أبوابِ الفخر ِ وَفي
ألوان ِ مديح ٍ أو غزل ٍ وهجاءْ
أنا ربُّ الشِّعر ِ هنا في الدَّاخل ِ ... شعري لجميع ِ الناس ِ خُلودٌ وبقاءْ
هذا الهاربُ مِن قهر ِ الذ ُّلِّ وَذ ُلِّ القهرْ
ظاهرُهُ مَسكينٌ وَبسيط ٌ وَوديعٌ ... نوريٌّ شحَّاذ ٌ مَعدُوم ْ
وباطنهُ كلبٌ ... وغدٌ ... سمسارٌ ، فسَّادٌ ، وَعميلٌ مّشؤومْ
يبقى كركوزَ الشَّعبِ يُعقِّدُ حُلمَ الأطفال ِ وحُلم َ الأجيالْ
فملايينُ العُقدِ النفسيَّةِ فيهِ ... هيهاتَ يُعالجُهَا طِبٌّ .. أو علم ٌ .. أو تنجيمْ يمش كالأبلهِ في الشَّارع ِ ... يهتزُّ كمُوْمِسَةٍ شَمطاءْ
وَيُرافقهُ بضعُ مجانين ، فواحدُهُمْ وجهُهُ مثلُ القردِ ... بذيىءٌ ...
سُوقيٌّ ... وغدٌ ....مَسْخٌ مَذمومْ
والآخرُ مَعتوهٌ ، كالكلبِ يُطيلُ نباحًا ، ولا يُجديهِ نهيقٌ وعُوَاءْ ظنُّوا أنهُمُ كتابٌ ، وضَعُوا أنفسَهم بينَ الشُّعراءْ
والناسُ لقد ( فرطوا ) مِن كثر ِ الضحكِ عليهِمْ ...
في كلِّ الأنديةِ هُمْ سُخرية ُ الجُلسَاءْ
هذا الهاربُ مِنْ قهر ِ الذ ُّلِّ وذ ُلِّ الفقرْ
مِن أجل ِ شواقلَ باعَ أخاهُ وأبَاهُ ... كلَّ الأصحابْ
لا يُؤمَنُ جانبُهُ فهوَ الخائِنُ ... فسَّادٌ في كلِّ الأطنابْ
هُوَ مريضٌ نفسيًّا ... مَجنونٌ ... لكن بفضل ِ عَمالتِهِ ... وَوشايتهِ ... خدماتٍ قدَّمَها للأعداءْ
قد عُيِّنَ ...وُظِّفَ في إحدى الصُّحفِ الصَّفراءْ
صَاحبُها مأجُورٌ وَعميلٌ... مَهْبُولٌ... طرطوعٌ ... كلبُ الجبناءْ
زرَعُوهُ كيّْ يُذكي التفرقة َ بينَ الشَّعبِ ونيرانَ البَغضاءْ
إني أعلنها للملإِ الواسع ِ ... للعالم ِ ... في كلِّ الأنحاءْ
فحذائي أسمى من كلِّ الصُّحفِ المأجورةِ ومن كلِّ الأذنابِ السُّفهَاءْ
فكثيرٌ من شعراءِ الداخل ِ ثمَّ الأدبَاءْ
كقرودٍ ... ككلابٍ جربٍ وجَوَاكرَ تهذي
وَوُجُوهُهُمُ مثلُ الحرباءْ
أغلبُهُمْ يحتاجُ لمَصَحٍّ عقليٍّ وعلاج ٍ نفسيٍّ ... أو يُعزلُ عنْ
كلِّ الناس ِ ويلقى في السِّجن ِ مع ِ المُنحَرفين السُّجناءْ
وأنا أبقى العاقلَ والكاملَ فيهم مع بضع ِ رفاق ٍ زملاءْ
أنا أمتازُ هُنا بجمال ٍ أخَّاذ ٍ يُغري ... يسبي كلَّ نساءِ الأرضْ
... لكني لا أهوى غيرَ فتاةٍ واحدةٍ شقراءْ
وأنا بينَ الآلافِ وَمِن شعراءِ الدَّاخل ِ أملكُ عزمًا ، عِزًّا ، مَجدًا
... وَمَبادِىءَ مُثلى وَإباءْ
أتحدَّى العالمَ بأكملِهِ ... وكلَّ المأجورينَ وكلَّ العملاءْ
ولهذا يحسدُني جميعُ الكتابِ المأجورينَ المُرتزقينَ وكلُّ الشُّعراءِ المَمْسُوخينَ وكلُّ السُّفهَاءْ
هذا المَمسُوخُ المجنونُ القذرُ الهاربُ مِن ذ ُلِّ القهر ِ سَأجعلهُ
يُبصِرُ " نجومَ الظهر ِ " ... وألقيه في قعر ِ الرَّمضَاءْ
فسَأسحقهُ تحتَ حذائي وسَأجعلهُ مثلا ً بينَ شعوبِ الأرض ِ ... سَأحرقهُ وأذرِّيهِ للرِّيح ِ وَأنثرُهُ في كلِّ فضاءٍ وَسَماءْ
هذا المَعتوهُ النوريُّ كم يجري ... يعوي ... يلهَثُ وراءَ الجنس ِ، ولكن لا ترضى بهِ حتّى عاهرة ٌ في الشَّارع ِ شنعاءْ // لا وعجوزٌ شمطاءْ
يبدو مسكينا ً ووديعًا مثلَ الفرخةِ أو زغلول حمام ٍ ، للناس ٍ ، ولكنْ في داخلهِ أفعًى رقطاءْ
هُوَ أجبنُ خلق ِ اللهِ ... لكن يطعنُ من خَلفٍ وَيبوقُ ويغدرُ أغلى الخلصَاءْ
طولهُ طولُ حذائي بل أقصرُ ... أصلعُ ... عيناهُ في كهفٍ
قزمٌ وَسَمينٌ كالبرميل ِ يُضرِّط ُ صُبحًا وَمَسَاءْ
يأتي كالنّمس ِ إلى الندواتِ وللحفلاتِ وللمُؤتمراتِ لكي يفسدَ فهوَ يَشِي ويُبلِّغُ دومًا ... لجهاتٍ يخدمُها ، عن كلِّ الأحرارِ القوميِّينَ الشُّرفاءْ
هُوَ في كبتٍ .. في حرمان ٍ جنسيٍّ لبشاعةِ منظرهِ ... يعرفني أنِّي " دونجوانٌ " ، مَعبودُ المرأةِ دومًا ، فتوسَّلَ أن أعطيه فتاة ً ... أيَّتها امرأةٍ كيّْ يُشبعَ نزوتهُ الشَّيطانيَّهْ // وتحلَّ لهُ عقدٌ نفسيَّهْ
آلافُ المَرَّاتِ أنا أكرمتُ ... دَعَوتُ بإخلاص ٍ هذا الكلبَ وقدَّمتُ لهُ الزَّادَ الفاخرَ عن حُبٍّ ... وَشَرابًا وشواءْ
هُوَ مثلُ الضَّبع ِ المُنتن ِ قد خانَ الزَّادَ وخانَ المِلحَ فلا يعرفُ صدقا ً .. ... إخلاصًا ووَفاءْ
حاولَ أن يغدُرَ بي ... لكن طعنتهُ رُدَّتْ بالعَكس ِ إلى خلفٍ وَوَراءْ
لن تنفعُهُ زُمرتهُ ... صُحَّارتهُ ... حقًّا .. لا كلُّ الممسوخينَ السُّخفاءْ أنا طودُ الأطوادِ ... أنا العنقاءْ
وأنا ربُّ الفنِّ وَرَبُّ الإبداع ِ أنا ... كلُّ العالم ِ في عينيَّ لمَّا أغضبُ ليسَ يُساوي عندي شَسْعَ حذاءْ
فالويلُ الويلُ وَمِن غضَبي// فكأنَّ جُهنَّمَ تفتحُ كلَّ الأبوابِ وتقذفُ نيرانا ً تجتاحُ جميعَ الأنحاءْ
وقريبًا سَأدحرُ كلَّ المأجورينَ .. مَجانينَ الشَّعبِ ...مُرضَى السِّفلِس ِ والإيدِس ِ في هذا العصر ِ المَأفونْ
أنا سيفُ الرَّبِّ سَأقطعُ كلَّ رؤوس ِ المَعتوهينْ
وَأنا لطبيبٌ نفسيٌّ سَأعالجُ كلَّ المصروعينَ المُرَضاءْ
مَنْ تجتاحُهُمْ عُقدٌ ومشاكلُ مُزمنة ٌ نفسيَّهْ // أعياهَا طِبٌّ وَدَواءْ
سيفي مَسلولٌ سيزيلُ الأوجاعَ وكلَّ صُداع ٍ عنهُمْ
سيطيحُ... ويقلعُ كلَّ رؤوسَ الرِّعديدينَ الجبناءِ البُلهاءْ
سأزيلُ جميعَ الأقذار ِ... جميعَ الزِّبل ِ... جميعَ الأقنعةِ الجوفاءِ الشَّنعاءْ فأنا مسيحُ العصر ِ في زمن ِ الكُفر ِ وفي زمن ِ القيم ِ الخرقاءْ
مَنْ لا يُؤمِنُ بي فليأتِ لِيُجَرِّبَني
قد آنَ أوانُ الشَّدِّ ... أوَانُ الحَزم ْ
سَأغيِّرُ مَجْرَى التاريخ ِ وَأصنعُ عَهدًا فيهِ رَخاءٌ وَحُبورٌ
وأعيدُ أنا تاريخَ الشُّرفاءْ