جابر قميحة الذي عرفته
جابر قميحة الذي عرفته
(ألقيت في حفل تكريم الشاعر الكبير بنقابة الصحفيين )
أ.د/ جابر قميحة |
رأفت عبيد أبو سلمى |
شرفت بزيارته مرتين في بيتــه ، وكان الرجـــل مثالا ً بديعا ً في تواضعه ، لقد ودَّعني في كل مرة عند باب المصعد ، وكان حديثــــه من القلب إلى القلب و دون حواجز على الرغم من كل الفروق الهائلة التي بيني وبينه في العمر والعلم والمكانة ، وكانت بيننا عشرات المكالمات عبر الهاتف ، والتي كنت أشعر خلالهــــا دائما بدفء حنان الوالد ، وبهاء وقــــــــــار العــالم ، وصدق مشاعر الأديب الفذ ، و همة المصلح الكبير ، وعظمة الكاتب الذي يحترم قلمه وقارئه، أسأل الله تعالى أن يبارك عمره ، وأن يتقبل جهاده ، وأن ينفع به وبعلمه وأدبه وقلمه الإسلام والمسلمين ,, ويسرني أن أهدي إليه أصدق مشاعري في هذه القصيدة ,,,,,,
رأفت عبيد أبو سلمى
نتوق لقلبك الحاني حنينا
لتغسِلَ عن مشــاعرنا الأنينا
ويعلم ربُّنـــا الرّحمنُ أنـَّــا
نحبـُّـــكَ فيهِ حُبَّ الصَّـــادقينا
إذا رنـَّتْ هواتفنــــا مرارا ً
لصوتكَ في الهواتف ما نسينا
ونجمُك في سماواتٍ تبدَّى
فأشرقَ في رُبا الدُنيـا لحونا
إذا زرتَ الأحبَّة َ تاهُ زهْــرٌ
و أينعتِ الحدائـــقُ ياسمينـــا
نتوقُ إليكَ تاريخــا ً يُغنـِّي
لأمجــــــــادِ الأوائــل ِعاشقينا
تنـــــــادِينا هلـمَّ إليَّ حتى
نعلـِّي في سمــــاء الحقِّ دينـا
وترْسُمُ فوقَ ثغر ِالناس حُلما ً
تواسي في البلاء البائسينا
تكـــابدُ هاهنا الآلامَ تترَى
وتصبرُ يا أعَــزَّ الصــــــابرينا
جليسُك جاءك العاني المُعنـَّى
وبين يديك لم يَعُدِ الحزينا
تبسَّمَ بَعْدَهَا في التوِّ صفوا
ليهنأ إذ رأى القلبَ الحنونا
وكنتَ ولا تزالُ أبا ً يُربِّي
ويَهتـُفُ هادياً للسَّــــائرينا
وللأفغــــان قد غنّيتَ شِعْرا ً
ترى فيــــــه الفِدا لله دِينا
أبيتَ الزحفَ مِن باغ ٍ تدنـّى
يخرِّبُ في بلاد ِ المسلمينا
تسوقُ إليه مِن رَدِّ القوافي
صواعقَ يصطلي فيها المَنونا
وللزحفِ المُدنـَّس ِ عارُ ذلٍّ
يذوقُ به العِدا خِزيا وهونا
رأيتكَ عند خط ِّ النار شِعْرا ً
يزلزلُ في كتائبهِ الحُصونا
حروفكَ في معاركها جنودٌ
و واها ً للجنودِ الفاتحينا
فكنت الشاعرَ الحُرَّ المُعلـَّى
وبالإيمان وهَّـاجـــا مُبينا
حَمَــاسِيّاً رسَاليَّ القوافي
لأقصــانا تنـــادِي الفاتحينا
وحيِّ على الكفاح المُرِّ فيه
رأيتكَ تسكبُ الشِعْرَ الرَّصينا
تحلـِّقُ في الفداء على جناح
من الإيمـــان ِ تسقيهِ اليقينا
فلسطينُ الأبيّة في هواها
عشقتَ ترابَها الغالي الثمينا
عشقتَ مآذنَ الأبرار فيها
بكيتَ المسجد الأقصى الحزينا
عشقتَ جهادَها هذا المفدى
لتجعلَ من حمى الأقصى عرينا
بكيتَ بشعرك الباكي رجالا
رثاءً يذرفُ الدَّمْعَ الثخينا
من الوجدان إن الدمع يجري
صدوقا ً نزفه راع الجفونا
ولن ينسى الزمانُ به رثاءً
بكيتَ به الأباة الراحلينا
ومن طلبوا الحياة َ بلا هوان
وعاشوا ثم ماتوا طيبينا
على الحقِّ الذي ربّى فأبلوا
له في هذه الدنيا سنينا
وحبّبني الرِّثا في الموتِ حُرّا
رثاؤك في بُكا (أحمدْ ياسينا)
أراك شعاعَنا الأدبيَّ يرنو
له الأدبـــاءُ بل نورا ً مبينا
أراكَ كما يراكَ الناسُ غيري
إماما ًصالحا في المُصلحينا
وحرفكَ فوق رأس الضادِ تاجٌ
سَبَى مِن حُسْنِهِ الزاهي عيونا
كسوتَ الحرف أنوار المعاني
ليرفـُلَ في الجديدين القرونا
على عِرْض ِالبيان تغارُ حتى
رأينا عِرْضَهُ بكم المَصونا
بلغتَ بشعْركَ الحُرِّ الأعالي
تجَلـَّي في فرائدِهِ فـَتونا
تولـَّدَ فنـُّهُ في الناس فرْدا
فأصبحَ مِن بدائعكمْ فـُنونا
كسوتَ ثيابَهُ الحَسْناء ِ تِـبْرا
فأصبح وَحْدَهُ الحُرَّ الثمينا
سيكتبُ عنكَ هذا الدّهْرُ حتى
يسطـِّرَ مَجْدَكم في الخالدينا