تبقين يا شام
تبقين يا شام
حيدر الغدير
إلى الشعب السوري العظيم، الذي أكرمه الله عز وجل بنصر مؤزر على الطاغية السفاح بشار الأسد وزبانيته، بعد أن قدم تضحيات نادرة المثال أدهشت الدنيا كلها، فنال نصره عن جدارة شهد لها الجميع.
يا شام نصرك بسامٌ أتاك يبرق غراء مواكبه وَهْيَ الحسان فلا بغي ولا بطر أتاك تسبقه أخلاقه درراً ولم تلوثه وهو الحسم شائنة لأنه نصر أنجادٍ غطارفةٍ ما أكرم النصر تحميه فضائله والنصر كالناس هذا سيد عجبٌ * * * يا شام مجدك صنو الشمس من سعة وقبلنا سطرَ التاريخُ روعتَه وحسبه أن رب العرش باركه(1) محسَّدٌ وكذا العلياء يحسدها وحاسد الشمس ترديه حسادته * * * يقول في الشام أهلوها وحُقَّ لهم ونحن في الشام للطاغين مقبرةٌ وإن أتى معتدٍ تغريه سطوته وإن عتا ساعةً في غفلةٍ سرقت رأساً ولصاً وسفاحاً وطاغيةً وتاجه من شقاء الشعب مختلسٌ يرى الرجالَ عبيداً تحت إمرته قمنا له قدراً يجتث شأفته للريح تحملها والشمس تصهرها فلست تعرف قبراً ضمّ جيفته * * * يا شام ولت عهود الظلم في ضعةٍ كأنها وهي خجلى منه تلعنه دكت معالمه حتى غدت بدداً أما الغبي الذي اختاروه قائدهم ولم يكن قط بشاراً ولا أسداً مات اللسان الذي ملت مسامعنا كأنما مسخته نفسه حجراً في رعبه قبل وقع البيض مصرعه كأنه وهو في الأغلال مرتهن لم يغنه قصره وهو المنيع ولم وما حماه غبي من عقائده وراح يسألها عوناً وتخذله أصنامه(5) وهي من زيف ومن دجل فهم وقد هلكوا أقذاء مزبلةٍ من يزرع الشر تحصده مناجله * * * لن تعبد الشام يا بشار بعد هدىً إلا الإله الذي تعنو الوجوه له لأنها آمنت إيمان محتسبٍ كل الديانات يعرو الوهن بردتها فيزهد الناس فيها زهد ذي إحنٍ وديننا وحده المحفوظ فهو هدىً والشام من جنده تفديه في شغفٍ والشام رَبْعُ رباطٍ فهو ملحمة ما اشتد إلا تحداه فأرجعه * * * "إني أرى وفؤادي ليس يكذبني"(7) في الشام نصراً كما نرجوه ملحمة تمتد في الناس قبل الأرض أنعمه كأنما هو رأد الشمس طيَّبه في عرسه الخالدون الصيد أوسمة عمرو(8) وعامر(9) والفاروق(10) قد سجدوا أما أمية(12) فازدانت بفرحتها وهنأت حلب سيفاً(14) به افتخرت * * * وصاح في الشام حادٍ نحن من صنعوا لقد بذلنا له والبذل شيمتنا وشامنا اليوم للإيمان خالصةٌ جيئوا إلينا بغاةَ الرفد تكلؤكم * * * يا شام صوني انتصاراً قد ظفرت به كأنه كل ما ترنو القلوب له يصوننا النصر إن صُنا حقيقته فإن غفلنا تولى غير مكترثٍ والنصر يدنو وينأى تلك سنته وأنت يا شام أهلٌ للوفاء له والدهر قاض، وحقٌ ما يقرره قد قال: للشام عهد لا تخيس به في صونها النصرَ تحميه فوارسها * * * يا شام تبقين كالأفلاك شامخة أما عداك فأشباحٌ قد انقرضوا تبقين يا شام في سعدٍ وفي غلبٍ | مُحيّاهُالحق مبناه والإيمان معناهُ والعدل والنبل بعض من سجاياه والنصر أجدره بالحمد أزكاه بل دونها الدر أعلاه وأغلاه والنصر يطغي ويطغي المال والجاه وأن مهديه لما أخلصوا الله وأشأم النصر تخزيه خطاياه وذاك نذلٌ غريق في دناياه * * * ومن علو ومن نور وشاحاه في أصغريه وحياه وفداه والمصطفى(2) فهو يمن مذ عرفناه من أول الدهر من هانوا ومن شاهوا وتلك وَهْيَ القصاص العدل عقباه * * * السيف نحن ومن ناداه لبَّاه فكل طاغية فيها دفناه قمنا إليه فدِناها ودناه منا بتفريطنا حتى رأيناه يقول لي الملك أدناه وأقصاه والصولجان فم ينعى ضحاياه والمحصناتِ الغوالي من سباياه في عسف عاصفةٍ تذرو بقاياه والأرض من كرهها إياه تأباه فقبره لعنةٌ والعار مثواه * * * آثامُه الصانعاتُ العارَ تنعاه لأنه السوء أقساه وأشقاه واستسلمت وهي لا تحصى سراياه فانظره والذل عرّاه وأخزاه فالشؤم والجبن أنى كان بُرداه منه طويلاً وعيناه وكفاه(3) من خوفه فغدا نصباً رجمناه والرعب نصر(4) لنا قِدْماً ملكناه يرى الثواني التي تترى مناياه يعنه جندٌ ولم تسعفه قرباه فإنها الزيغ أغراه وأغواه لا اللات أجدته أو أجدته عُزّاه صرعى تناديه لكنا صرعناه تصيح من كرهها الأقذاء ويلاه وشر ما زرع الإنسان طغواه * * * محض هو الحق مجلوّاً شهدناه مختارة ليس فيها قط إكراه شهم عليه من الإيمان أسناه مكراً وشكاً وتحريفاً بلوناه فثم من سكتوا عنها ومن فاهوا وذاك عهد من المولى عرفناه(6) كالسيف في كفِّ مغوار دعوناه من البلاء الذي ما انفك يغشاه خزيان تبكي دماً كالمهل عيناه * * * ومن يكنْ صادقاً تَصْدُقْه رؤياه البشر وجهٌ له والسعد سيماه والحق والعدل والحسنى عطاياه مزن الربيع فحلاه وجلاه جلوا وجل وهم في الفضل أشباه وخالد(11) هملت بالشكر عيناه ويوسف(13) قام والبشرى محياه كان الهمامَ الذي الأهوال تخشاه * * * هذا الفخار الذي بالصبر شدناه واليوم نحصد ما كنا زرعناه ومأمنٌ للورى وقفاً جعلناه قلوبنا قبل إحسان نذرناه * * * فيه المنى وهي أرضى ما رجوناه وصرحُ عزٍّ كما نهوى بنيناه فنحن ضيفٌ عليه ما حفظناه ولا تلمهُ، فإنا من أضعناه ونحن نختار مأتاه ومنآه والشاهد الدهر سِفراً قد قرأناه والعدل إبحاره والعدل مرساه والعسر يتبع جلاه بجلاه والروح مَهرٌ له والصبر زلفاه * * * علاك في ذروة منهن تيَّاه وقائدٌ هالكٌ تبكيه قتلاه وفي امتدادٍ لأن الحافظ الله |
-------
1 ) قال تعالى في أول سورة الإسراء: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا الذي باركنا حوله" .
2 ) قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا" .
3 ) كان الطاغية السفاح بشار الأسد يطيل في خطبه، ويكثر من حركة الجسد عامة والعين واليد خاصة، محاولاً أن يضفي على نفسه بذلك طابع العفوية وخفة الروح والثقة بالنفس، لكن ذلك كله خبا منه في أواخر أيامه بسبب الرعب الذي استولى عليه.
4 ) قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "نصرت بالرعب ..." .
5 ) يقع أهل الضلال في أسر أصنام معنوية من المبادئ الغبية الفاسدة، هي أشد في السوء والأذى من الأصنام المادية كاللات والعزى .
6 ) قال تعالى: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" .
7 ) حافظ إبراهيم، 8 ) عمرو بن العاص، 9 ) أبو عبيدة بن الجراح، 10 ) عمر بن الخطاب، 11 ) خالد بن الوليد .
12 ) بنو أمية بطن من قريش ينسبون إلى أمية بن عبد شمس، والمقصود هنا: الدولة الأموية.
13 ) صلاح الدين الأيوبي، 14 ) سيف الدولة الحمداني .