ممالكُ السّرابِ
خلف دلف الحديثي
ابن الفرات العراقي
[email protected]قلبي بمملكةِ السرابِ يطوفُ
أنا لم أزلْ أرنو لباب مآربي
وفمُ النوارسِ في ضفافكَ يحتسي
وجْهٌ من الحزنِ البعيدِ مسافرٌ
في كلّ يومٍ تنتهي صلواتُنا
أنا عالمي القدسي وجْهُ حبيبتي
عشْتُ احتراقي غيمةً بشتائِها
يا أنتَ بسملةُ السرابِ هنا خطتْ
لا صوتَ لي لا لونَ يلبسُ سحنتي
في كلّ يومٍ سوفَ تُوقدُ شمعتي
صوتي تواشيحٌ وبوحُ قراءتي
إنّي اشْتعالُ النّارِ يُعلنُ ميتتي
إنّي انتهاءٌ منهُ تبدأُ رحلتي
مَن ذا سيُفرِغني بقدْر توجّعي
كفني بسِجْني لفّ خيْطَ وداعهِ
ما زلتُ تنحَتني الوجوهُ بحكمةٍ
أختارُ ما لا أبتغيهِ برغبتي
بعضُ من الأخطاءِ صوتُ حقيقتي
صحَّحت أنفاسي فجاءَ غبارُها
وأنا الجريءُ حبسْتُ روحَ تخاذلي
أيّ انتصارٍ جئتُ أرسمُ فجرَه
أحتارُ فيه يلوكُهَ شدْقُ الأذى
أيّ انتصارٍ لم تزلْ أفراحُنا
ما زلت وجهاً تنحني بغضونِه
وطنٌ يدثّرُنا بكلكلِ عسْفِهِ
ضجّت خطايَ وأخطأتْ أقدامُها
صحّحتُ موتي واخضرارَ طفولتي
يا كمْ جرؤتَ وما ندِمْتَ لسحقِنا
ومتى تعودُ الذكرياتُ وراءَها
للموتِ أسماءٌ تعدّدَ شكلُها
وأقمْ إليك نهايةً تحيا بها
أنت انتهيْتََ وهُمْ بأوّل خطوِهمْ
ستلفُّ ضلعكَ نارُ صيفِ جموحِهم
ستظلّ وحدَكَ والرياحُ تسوقُنا
فارحلْ فلا بحرٌ سيبدأ موجَه
لوّثتَ ماءَ اللهِ في جريانِه
وسرقتَ للعشاق لؤلؤ وعدِهم
أخطأتَ حين ذبحْتَ أوّلَ ميِّتٍ
ها أنتَ وحْدَكَ في جحيمِ حياضِها
عن أيّ طفلٍ سوفَ تُسأل عندما
عن أيّ تفجيرٍ صنعْتَ جحيمَه
عن أيّ جِلدٍ قد بلوتَ شبابَه
لا لن يظلّ بريقُ قدحِ خيولِنا
فجّرْ مرايا الروحِ واحترفِ الردى
هذا زمانُ المارقينَ عن الهُدى
قسماً ستنحرُهمْ قواصمُ عزمِنا
فإلى متى ننجرُّ نحوَ مماتِنا
قسماً ستأتيكَ الخطوبُ أوارُها
مطراً رجوم الله يأتي ويْلُها
أطلقْ غبارَ الموتِ في فلواتِنا
خبّئْ لبعْثكَ والتمسْ ألوانَه
يا أيّها اللا أحتويكَ بدفتري
نحتاجُ شيئا كي نكونَ بموتِنا
عن أيّ موتٍ سوف تُستفتى بهِ
نَحتاجُ وقتاً كي نُعيدَ قيامناوهواكَ يلبسُ في الضلوع شفوفُ
وأرى حقولي والطيوفُ رفوفُ
خمْرَ الحنين وترتجيهِ ضيوفُ
لسماءِ قلبي والربيعُ خريفُ
ويعودُ يبدأُ بالبصيصِ حفيفُ
منها سيخجلُ في الحروفِ كُسوفُ
ما أمْطرتْ وبكى الغيابَ لفيفُ
فوق الرمالِ وكوّرَتْهُ سُدوفُ
لا وجْهَ يلمسُه بذاكَ نصيفُ
أحزانَها وبها الحنينُ مُخيفُ
لا يشتهيكَ وتشتهيهِ حروفُ
وتُدقُّ عند الميتينَ دُفوفُ
ولأيِّ موْتٍ أرتأي سأشوفُ
وتظلُّ بي غُصصي عليّ تنيفُ؟
والوهْمُ ينشئُ زيفَهُ التكليفُ
وتلوكُ لحمَ الأمنياتِ ظروفُ
والحزْنُ في جرحِ الحروفِ يَروفُ
كانتْ وتحملُها عليّ سيوفُ
وطناً به كلّ الجناةِ تَحوفُ
بدمِ ارْتمائي واستُّفزَّ خُسوفُ
ومواسمُ النكراتِ فيّ قطوفُ
وبه تجاعيدُ الكروبِ صُفوفُ
موتاً ويحملُ منتهاهُ رصيفُ
غُصصٌ وخوفٌ تحتويه كهوفُ
والوهمُ يرفضُ أنْ يسودَ عسوفَ
وتكسّرت بربى السرابِ صُروفُ
وطوَتْ صنوفَ المُعدمينَ عَصوفُ
فمتى سيُبصرُ في النهارِ كفيفُ؟
ويعودُ ينبتُ في المواسمِ ريفُ؟
فاخترْ لموتٍ فيه سوفَ تُصيفُ
حتى ليبدأَ للحقوقِ حَصيفُ
عقدوا وجاءَ إلى الجياعِ رغيفُ
وشتاءُ روحِك يزدريك كثيفُ
كي ننتهيكَ وتحتويكَ سقوفُ
كلا ولا سُفنُ النجاة تطوفُ
فتوضّأت بدمِ البحارِ صنوفُ
ومحارُ درّك قد علته سُجوفُ
وشربتَ نخبَكَ فازدراكَ حليفُ
وعليكَ تركضُ للقَصاصِ حُتوفُ
يأتيكَ عصفُ الثائرينَ هَتوفُ
وعليكَ صاحَ بروحِه الغطريفُ
وشكاكَ عن أوجاعِه التعنيفُ
سيثيرُها بأوانِه التجريفُ
سيقيمُ حولك عرْسَهُ الملهوفُ
وبهمْ تألّهَ مرْجفٌ وسخيفُ
ويلوكُهم في شدقِه التصريفُ
ويشدُّنا بقيودِهِ التخويفُ؟
سيشبّ فيكَ ويُحسنُ التهديفُ
ويشيبُ من إرعادِها المألوفُ
ليجيءَ موتَك للمماتِ رديفُ
حتى يجيئكَ من يديْك قطوفُ
لكنَّ وعدَكَ ترتجيهِ ألوفُ
ويعودَ من أشلائِنا التأليفُ
قل لي بربّكَ فالقبورُ زُحوفُ
ولكي يُرمِّمَنا وراكَ وقوفُ