أنا آخرُ الزوّارِ
خلف دلف الحديثي
ابن الفرات العراقي
[email protected]
تـرفُ الـدلالِ عـلـى جبينك لاحا
فـيـقـدُّ مـن دُبـرٍ قميصَ بلاغتي
فـأدورُ فـي قـيظي احتراقاً زارَني
فـتـجـيـئـنـي لغتي بطعمِ دلالِها
أتـسـلـق الأنـغـامَ أصـنعُ نغمةً
سـحـرُ الـجـمالِ وقبّراتُ روائعي
فـتـكـوكـبـي قـمراً تسلقَ برجَه
وتـأوّلـي بـوحـاً يـطـيرُ بهمسِه
سـبـحانَ من فتحَ الكواكبَ وارتدتْ
أكـمـلتُ ذاتي في صحارى أحرفي
جـبـلُ الحنينِ يصيحُ بين جوانحي
أنـا فـي يـديَّ تـفـتتْ لغةُ الهوى
وزجـاجُ روحـي كـسّرته حجارتي
فـنـهـارُ روحـي أحرفٌ مغمورةٌ
فـأعـودُ نـحـوك أستعيدُ ملاحتي
فـيـطـيـرُ قلبي فوق جنحِ جراحِه
هـيـا ادخـلـيـني كي نكونَ بدايةً
ومـلائـكُ الـزفـراتِ تفرشُ دربَنا
مـاذا عـلـيـنـا لـو تفتق وردُنا
هـزّي إلـيّ بـجـذعِ روحِك نخلةً
أنـا أوّلُ الآتـيـن أسـكب غيمتي
أنـا آخـرُ الـزوّار أدخـلُ خيمتي
فـتـدبّـري صـمتي حِواري موجعٌ
لا تـسـألـيـنـي مَنْ أميرةُ خلوتي
هـي فـتـنتي بغدادُ تحضنُ موئلي
هـي لـمحةُ التاريخِ خاصمها الندى
أدنـيـتُ روحـي من وجودِ شفاهِها
كـسّـرتُ أنـفـاسي تكسّر صمتًها
لأقـيـمَ فـرضَ الحبّ في شطحاتنا
وتـبـغـددي فـالريحُ تغسلُ شعرَها
وتـقـمّـصـي وجهي أشيلُك شهقة
راقـتْ سـمـاواتُ الضلوعِ لبعضِها
هـيّـا اقـرايـني فالخليقةُ من دمي
فـكـشفتُ عن ساقِ المحاسن معجباً
فـقـددْتُ مـن قـبلٍ خيوطَ مآزري
هـو ذا أنـا أحـيـا بأصقاعِ الهوى
أنـا لا أتـوبُ ويـسـتـبدّ تخشّبي
أحـتـاجُ إشـراقـا لـذاتـيَ مـرةً
كـابـدْتُ نـاري واتـقـاد مجامري
جـفـنـي يـعـاني والزفير يشيلني
هـو ذا أنـا الـمـنسي أبني هيكلي
ومـدائـنـي أوراق شعري قد غدت
فـأنـا نـحتُّ رؤى حياتي في يدي
أنـا شـاعـر يـجـتاز مرآة المدى
فـتـهـيـئـيني كيف شكلي قد غدا
هـذا أنـا الـمـنـسـيّ حلمُ مسافرٍ
أشـتـاقـكـم فتوسدت روحي الندى
فـتـخـذتُ جمرَ الشوقِ فيّ وسائداً
أنـا مـا ظـنـنتُ بأنْ نصيرَ لفرقةٍ
أنـا لـسـتُ أكـذبـكِ الهوى لكنني
لا الشوقُ من روحي اختفى وجوارحي
لا هـدأتـي عادتْ ولا نفسي اهتدَتْ
فـكـأنـنـي كـنـتُ المواجع كلّها
وآهـا عـلـيّ أنـا أحـسُّـكِ نفثةً
شـدّي عـلـيّ فـذا أنـينُكِ هزّني
هـو ذا يـمـرّ تـحـمّليه وحاذري
فـأنـا بما أحسسْتُ صغتُ مشاعري
وآهـا عـلـيّ أنـا نـزيفُ مشاعرٍ
فـتـقـبـلـيـنـي ياهنايَ كما أنا
أنـا مـا خـسرتكِ إنّما خسرَت يدي
يـا قـمّـة الـمـعنى غرابةُ حالتييُـغـري الـقـلوبَ ويفتنُ الأرواحا
والـقـلـبُ يـرعفُ موهناً قد طاحا
ودمُ الـرقـادِ إلـى عـيـوني لاحى
مـيـسـاءَ تـرسـمُ حلمَها إيضاحا
تـمـشـي على هدْبِ الغيومِ صِباحا
نـقـرْنَ فـي بـابِ الوريدِ وِضاحا
وفـمـي بـإيـقـاعِ الملاحةِ صاحا
ويـحـلّ فـي جـسـدِ النهارِ جَناحا
لـهـبـي الـمـقفّى بالقصائدِ باحا
وشـذى الـبـخـورِ بـنارِه قد فاحا
ويـلـوحُ فـي الـمـشكاةِ دمعاً ناحا
وغـدتْ مـجـازاً في الدواةِ صَراحا
لـتـعـيـدَ تـشـكيلي به إصلاحا
ودمـوعُ مـشـكـاتي ارْتدته وِشاحا
فـتـزقـنـي شـفـتي إليكِ قراحا
لـيـحـطّ فـي سربِ الشجا نَوّاحا
فـعـواصمي اندثرتْ وعفتُ السّاحا
شـجـراً يـروحُ بـأفـقـنا سَوّاحا
ومـلا سـكـونَ قـلـوبنا أفراحا ؟
وتـسـاقـطـي رُطـباً يذوبُ مُتاحا
فـي مـقـلـتـيك وأحصدُ الأتراحا
مـطـراً وتـفـتعلُ الحروفُ رِياحا
وتـجـنـبـي لـعواصفي الإلحاحا
فـأنـا اسـتـحـلـتُ بثغرِها تفاحا
ويـشـدّنـي نـخلُ العراقِ صَباحا
لـمّـا بـهـا الـمنصورُ ظلْما طاحا
وأذبـتُ قـمـحي في العروقِ فسَاحا
لـمّـا أبـحـتُ بـصدرِها الأشباحا
ونـذوقَ فـي صـمتِ التنفس راحا
عـنـد الـضفافِ فأوقدي المِصباحا
وتـجـرّدي نـحـوي أجيءُ فلاحا
وتـكـسّـرت غـايـاتـنـا أقداحا
بـدأتْ ومـعـراجـي إلـيكِ أتاحا
وفـتـحْـتُ في دربِ العبيرِ مَساحا
ورمَـيـتُ في حضنِ القميصِ الرّاحا
طـفـلاً وأبـغـي في فضايَ رَواحا
لأظـلَّ فـي وادي الـغـضا مُلتاحا
لـتـتـوّجَ الـكـلـماتِ فيَّ نجاحا
ويـدي تـخـطُّ لظى الحريقِ صُداحا
شـوقـا ويـطـلب في مدايَ سماحا
وطـنـا بـكـفـي في الخيال مباحا
شـجـرا مـن الأحـزان فيّ أساحا
واخـتـرت أزمـانـي وطبن نِفاحا
لـيـصـيـر في ذات القصيد كِفاحا
مُـذ غـادرَتْ أطـيـارُنـا الأدواحا
صـارتْ بـه نـار الـحنينِ رماحا
وتـوسّـديـنـي فـالـجنونُ أباحا
وغـفـوْتُ يـسـكنني الأذى جَرّاحا
ونـعـودُ نـخلقُ من جديدَ (سجاحا)
صـيّـرتُ شعري في النساءِ مزاحا
شـطـحَـتْ وآهاتي افتعلن صِياحا
وشـرارةُ الـمـعـنـى تزيدُ جُماحا
نـقـمَـتْ ، وتأبى عن دمايَ براحا
عُـقـدت ويـشجرُني النوى مِلحاحا
فـعـلامَ وجـهُـكِ لـلرواحِ أشاحا
مـنْ أنْ تـصـبّي في دمي الأملاحا
حـرفـاً وشـعـري لـلخيالِِ أطاحا
أبـكـيـتُ مـن وجع الأنا الشّرّاحا
شـيـطـانُ شـعري زادني تصْداحا
لـونَ الـغـرامِ تـخـطـه فـوَّاحا
أنّـي أضـعـتُ بـبـابـكِ المِفتاحا