أصداءُ الهشيمِ
خلف دلف الحديثي
ابن الفرات العراقي
[email protected]
سـرى مـع الليل عن عينيّ واستترا
وطـارَ سـربَ قطاً في الريحِ مختبئاً
فـجـئـتُ أرسـمُ غيمَ الروح ملتمسا
فـخـاصـمـتني حروفٌ كنتُ أنقشُها
فـلـمـلـمتْ صحوها غابات بسملتي
رجـعـتُ فيه ورعشُ الروحِ محترقٌ
مـضـى وخـلـّفني في بيدري قحطاً
نـهـراً رجـعْـتُ تـلاويني مويجتَه
وفـزَّزَ الـطينُ لونَ البوحِ في وطني
مـسـافـرونَ ، حـمـلناها حقائبنا
فـغـابَ هـدهـدُ قلبي عن ربى سبأٍ
رأيـتُ كـلّ انـفـعـالاتـي بدمعتِه
بـلقيسُ راحت وصرْحُ الحبِّ منكسرٌ
مـضـى وقـلـبي يتيمٌ في محبـّتِه
تـلـكّـأ الـلونُ في عينيّ وارتجفتْ
مـا زالَ حـلمي على شطآن شهقتِه
ومـا أزالُ بـوادي الـتـيهِ ملءَ يدي
يـنـمـو سـرابـاً يـمّنيني وأخيلةً
يـغـري دمـائي رفيفُ الماءِ منبجساً
وظـلّ صـوتـي ينادي ركبَ رحلتها
ونـجـمـةٌ نـجـمةٌ شاهدْتُ دمعتََها
حـمـلتُ عبئي وأنفاسي به ارتعشَتْ
كـانَ الـغـيابُ طويلاً فارتمَتْ مُقلي
وقـفـتُ عـند رصيفِ الحزنِ أقرأه
مـرّ الـقطارُ وداست سكـَّتي وَجعي
صرخْتُ وحدي دمي المطلول يا سعفي
شـكـَتْ إلـيَّ غيابَ الوعدِ محبرتي
كـنـتُ انـتظاراً يناديني صدى لهفي
وقـفـتُ عـندي وكانَ الوقتُ يسألني
وحـائـطُ الـلـيلِ ألوى فوق سنبلتي
هـا عـدتُ لـكـن إلينا عدتُ منفرداً
وخـلْـفَ سـورِ الأذى أقنعتُ ذاكرتي
وأنْ يـراودَ نـي قـدّاسُ مـقـبرتي
هـا قـد رجـعـنا ولكن لا إلى أحدٍ
عـدنـا نغنّي ولكن صوتـُنا غُصصٌ
كـنّـا مـع الـليلِ نغفو عندَ عتبتـِه
حـتـى أفـقـنا وعندَ البابِ غيبتـُنا
مـضـتْ شطوطي وشالتْ كلّ أمتعتي
كـم صحْتُ والريحُ لا أدري لأيِّ مدىً
قـد غـادرتني نجومي وانطفتْ شُعلي
أسـتـودعُ اللهَ فـي عينيكِ لي كبدٌ
سـأسـتـردُّ جـراحـي رغمَ قسوتها
يـا أيـهـا الغرُّ قلبي صاحَ مِن وجعٍوقـد سـقـانـي بكأس اللوعة الكدرا
ويـشـتـلُ الجرحَ في قرآنِه سِفـَرا
دربـاً .فـأمطرني عند الضفاف قِرى
عـلـى جـدارِ دمي تستنطقُ الحجرا
وعـادَ قـلـبـي ولـكن عادَ منكسرا
بـجـمـرِ نبضي بأحلامِ المنونِ سرى
وجـوعُ دمـعـيَ مـن مـقلتيَّ جَرى
وزورقُ الـهـمّ فـي مـجدافِهِ انتحرا
فـرحـتُ أخـطو على حنّائِه حذِرا
فـاسّـاقـطـتْ وجعاً غاياتـُنا كِسَرا
وعـادَ يـحـمـلُ مـن أحزانِه أثرا
وكـادَ عـنّـي بـمـوتي ينقلُ الخبرا
وقـد تـمـرّد عـنّـي قـلبها بطرا
وحدي أعاني وفيّ الجرحُ قد كـَبـُرا
مـسـافـةُ الـحزنِ حتى أدمنَ السهرا
وَمْـضاً وما زالَ وجْهي يحْملُ السفرا
سـلالَ حـزني ونفسي تزرعُ الشّجرا
وصـوتُ بـعضي كمثلِ اللوحةِ انتثرا
بـقـحـطِ رمْلي غنيـّا يعشقُ الفقرا
وعـرشُـه الـماءُ في أنفاسِه انشطرا
وصـوتُ بـحـري بمينائي هنا سَكِرا
وخـلـّفَ السكرُ في أقداحيَ الضجرا
وظـلّ طـيـفي لظلِّ الأمسِ منتظرا
لـحنَ الوداع على دربِ الأسى انحدرا
وفـي بـقـايـاي لـمّـا مرَّ قد عثرا
عـلى المحطّاتِ وجهي لونُه اختُصِرا
لـمّـا مَـحـا الـريحُ من آياتِها أثرا
ويـنـثـرُ الـهـالُ في أفيائِنا زهَرا
مَـنْ يـا ترى مِنْ هنا قدَ عاد أو عَبرا
وخـبّـأتْ دمْـعَها عن ضحكةِ الوزرا
أذيـعُ شـوقـاً تمرأى في فمي شرَرا
مِـنْ أنْ تـخـطَّ على جدرانِها صُورا
وأنْ تـلـمَّ شـتاتَ البوحِ إنْ خطـَرا
عـدنـا . وصرْنا إلى أنفاسِنا ذِكـَرا
وسـاحـلُ الـموتِ في تابوتنا ظهَرا
ونـقـتـلُ الـوقتَ منـّا وقتنا نفـَرا
لـوَتْ نـدائـي وقلبي فيّ ما اعتبرَا
وشمعُ روحي اختفى والضوءُ ما انتشَرا
أبـقـى أنـادي وهذا الكونُ قد صَغُرا
وصـارَ مـوتـي يقيناً يحتسي القدَرا
لا تـحـرقـيه ففيهِ الحزنُ قد كـَبُرا
وأكـنـسُ النارَ من صدري وما ادّخرا
إلـى مَ يـبـقى انكساري فيكَ مُعتمِرا