سَفرُ الأرْواحِ
خلف دلف الحديثي
ابن الفرات العراقي
[email protected]
روحي على أرضِ العراقِ تطيرُ
تـخـتـالُ في كون نتيه بكونِه
خذني إلى الزوراءِ طيرَ مواجعٍ
أمْشي على قلقي وأحتضنُ الشّجا
فـهنا بنو العباسِ كانوا زَهوَها
وهـنا بقايا السندبادِ على الثرى
وهـنا زمانٌ من سنينٍ غادرتْ
فـانثرْ بساطَ الرّيحِ في ربواتِها
خـذني أطوفُ عوالماً ما طفتُها
والـياسمينُ يذيعُ أسرارَ الشذى
وتـراودُ الأنـفاسَ بي زهراتُه
هـذي أمـيةُ تستريحُ على دمي
وهـنا صلاحُ على قلاعِ كفاحِهِ
حـلّقتُ في مُدنِ القلوبِ أزورُها
هذي هنا افترشتْ رؤاي غمائمي
طرنا على جنحِ الضبابِ حمائماً
وتـعانقتْ روحُ الشمالِ بأضلعي
وتـعـيـرُ أوجاعاً لكل دروبها
فخذي يدي وتأرحجي بزوارقي
وسّـدت أضـلاعي لكلّ نُجيمةٍ
وتحمّلتْ عبقَ الطيوبِ شراستي
عانقتُ فيكِ شعاعَ شمسِ عوالمي
نيرانـُنا حَفرَتْ طريقَ مسارِها
وتـآكـلـتـنـي أوبةٌ من لهفةِ
لـك طـفلتي مدّ الجمال بساطه
وتـوسَّدتْ رئتي الربيعَ بعطرِهِ
بيدي زرَعْتُ نجومَ ألوانِ السّما
عـانـقـتُـها وتعانقتْ أرواحُنا
ودَّعْـتـها ولديّ أحلامي مضتْوعـلـى هواها في الأثير تسيرُ
ولـنـا تـفتَّحُ والجمال زهورُ
أسْـري ويـلفحُني لذاكَ هجيرُ
وتـدقُّ بـابَ الريحِ فيّ عُصورُ
وهـنـا الفتوحُ وشعبُها المنذورُ
عـن رحلةِ الأحزانِ ليس يَحورُ
دربَ الـسـنينِ وغادرتْه نذورُ
فـهنا النفوسُ إلى النفوسِ تزورُ
لـلـشّامِ يُسكرُني بها الشّحرورُ
وبـهـا يـتيهُ بعطرِهِ الكشميرُ
فـيـطـيبُ في أثوابنا التعطيرُ
وفـمـي يـغـرِّدُ بالثنا ويدورُ
مـا زالَ يسرجُ زيتـَه التحريرُ
وأتـيتُ دربَ الوصلِ منه أزورُ
وهـنـا العَرارُ يدوخُ فيه خبيرُ
وحـكى لدجلةَ في المساءِ عبيرُ
وهـفـتْ إلى دارِ الجنوبِ تغيرُ
مَـنْ ذا جـناحُ الاشتياقِ يعيرُ؟
حـتّـى تضجّ بجمرِها تنـّورُ
وتـوسّـدتْ روحي وتاهَ غرورُ
فـتـحـمَّلي عطري لديكِ يثورُ
والـنـارُ صاحتْ واللهيبُ نفيرُ
بـينَ الضلوعِ وضجَّ فيَّ سرورُ
وبـي اسـتفاقتْ للجنونِ طيورُ
فـوق الـقـلوب وزفه التغريرُ
وتـنـاغـمَتْ وتنهَّدَ العصفورُ
وتـعـلـَّقتْ بيدِ الحبيبِ عُطورُ
ومضى الربيعُ على الأثيرِ يمُورُ
نـحوَ الحبيبِ بي استفاقَ حُبورُ