قصيدة وراءها قصة (3)

أ.د/ جابر قميحة

[email protected]

تقديم : إن الباعث الذي شدني لعرض العدوان الفرنسي الغادر على دمشق وسوريا هو الجرائم العدوانية البشعة التي رتكبها ويرتكبها بشار بن حافظ الأسد على الشعب السوري بالدبابات والمصفحات ، حتى تفوق على العدوان الفرنسي في التخريب وعددالضحايا . ورأينا في التلفاز عساكر الأسد و"شبيحته" وهم يضربون ويلعبون برءوس القتلى بأحذيتهم مما لم يفعله الفرنسيون .

=

ذكرى العدوان الفرنسي الغادر على دمشق وسوريا في 29 من مايو سنة 1945

بدأت التحرشات الفرنسية منذ بدء شهر مايو وانتهاء الحرب العالمية الثانية . ارتفعت حدة التوتر في البلاد وانطلقت المظاهرات الغاضبة وأصبح الوضع ينذر بأشد الأخطار وبتاريخ 18 5 1945 عقدت مباحثات بين وفد فرنسي ووفد عربي وأثناء المفاوضات جاءت المطالب الفرنسية تتنافى مع السيادة والحرية وكأنها إنذار مفروض . وتزامن ذلك مع إنزال تعزيزات عسكرية فرنسية كبيرة في ميناء بيروت . لذلك قررت الحكومتان السورية واللبنانية قطع المفاوضات وتهيئة البلاد لجولة القوة التي أصبحت وشيكة الوقوع.‏

وحدد يوم 29 51945لبدء العدوان حيث كان مقرراً عقد جلسة للمجلس النيابي يحضرها الوزراء في الساعة السادسة مساء اليوم نفسه ، ومن أجل إيجاد ذريعة لبدء العدوان يطلب من حامية المجلس النيابي أن تصطف لتحية العلم الفرنسي عند إنزاله مساء من فوق سارية الأركان الفرنسية ( دار المندوبية ) التي تقع مقابل البرلمان .‏

 حضر الجلسةعدد قليل من النواب ، ولما لم يكتمل النصاب طلب السيد رئيس المجلس المرحوم سعد الله الجابري من النواب الانصراف ، وكذلك انصرف الوزراء ، وبعدها بوقت قصير جداً دوت في وقت واحد القنابل وطلقات الرصاص من دار المندوبية الفرنسية تجاه البرلمان ومن الحامية الفرنسية . وماهي إلا لحظات حتى اشتركت جميع المراكز الفرنسية في العاصمة ومنطقة المزة بإطلاق الرصاص والقنابل . وأبدى رجال الشرطة والدرك السوري دفاعاً بطولياً بينما تقدمت المدرعات الفرنسية لتوجه نيراناً حامية ،وقصفت البرلمان السوري بكل ما تملك من قوة . ولم يعد يسمع في دمشق إلا صوت الرصاص والقنابل . وراحت المدفعية الفرنسية من قلعة المزة تقذف المدينة بالقنابل مركزة القصف على قلعة دمشق ، لوجود قوى الدرك والشرطة فيها . وظلت قلعة دمشق تحت رحمة القنابل حتى الصباح . وقد نتج عن هذا القصف الشديد هدم العديد من الأبنية ومهاجع السجن ، وظلت الجثث تحت الأنقاض ، وعددها يزيد على 300 شهيد .

وما أن أطل الصباح في يوم الأربعاء 30 من مايو حتى استمر القصف وقذف القنابل بمشاركة الطائرات الفرنسية التي راحت تقصف المدينة قصفاً عشوائياً بعيداً عن كل إنسانية . وانفجر بركان من النيران التي أتت على بعض الشوارع بأكملها .

وقد تعاطف الأدب العربي - وخصوصا الشعر- مع الشعب السوري فيما أصابه . وكانت القصيدة التالية :

قصيدة نكبة دمشق لشوقي

هذه القصيدة نظمها أحمد شوقى عندما دخلت القوات الفرنسية عام 1911م من الجهة الغربية لمدينة دمشق (منطقة ميسلون) فتصدت لها المقاومة بقيادة البطل يوسف العظمة مع نفر يقدر بثمانين مقاوما لا يحملون سوى البندقية على صهوة خيولهم للتصدي للقوات الفرنسية المدججة باحدث العتاد الحربي من الدبابات والمدرعات والمدفعية واستشهد البطل مع رفاقه فى معركة شهيرة سميت (بمعركة ميسلون ، فقام الجنرال الفرنسي غورو باشعال حريق كبير أتى على سوق الحميدية كله .

 .أي أن شوقي لم يشهد النكبة الكبرى ؛ لأنه توفي سنة1932 وأهم المحاور الموضوعية في القصيدة :

 1 – حزن وبكاء على دمشق مما نزل بها .

 2 - دمشق السعيدة قبل النكبة .

 3 – أنباء النكبة .

 4 - حضارة دمشق في التاريخ .

 5 - عود إلى وصف النكبة .

 6 – ملامح المستعمرين وقائدهم .

 7 – نصائح .

 8 – دعاء لأبطال دمشق .

والآن نعيش مع القصيدة :

سـلام  مـن صبا بردى iiأرق
ومـعـذرة الـيراعة iiوالقوافي
وذكـرى عن  خواطرها iiلقلبي
وبـي مـمـا رمتك به iiالليالي
دخـلـتك  والأصيل له iiائتلاق
وتـحت جنانك  الأنهار iiتجري
وحـولـي فـتـية غر iiصباح
عـلـى لـهواتهم شعراء iiلسن
رواة قـصائدي  فاعجب iiلشعر
غـمـزت  إباءهم حتى iiتلظت
وضـج  مـن الشكيمة كل iiحر
لـحـاهـا الله أنـبـاء توالت
يـفـصـلـها  إلى الدنيا iiبريد
تـكـاد لـروعة الأحداث iiفيها
وقـيـل  مـعالم التاريخ iiدكت
ألـسـت دمشق للإسلام iiظئرا
صـلاح الدين  تاجك لم iiيجمل
وكل حضارة في الأرض طالت
سماؤك من حلى الماضي كتاب
بـنـيت  الدولة الكبرى iiوملكا
لـه بـالـشـام أعلام iiوعرس
ربـاعـ الخلد ويحك ما iiدهاها
وهـل غرف  الجنان منضدات
وأين دمى المقاصر من  iiحجال
بـرزن وفي نواحي  الأيك iiنار
إذا رمـن الـسلامة من iiطريق
بـلـيـل  لـلـقذائف والمنايا
إذا عـصف الحديد  احمر iiأفق
سـلي من راع غيدك بعد iiوهن
ولـلـمـستعمرين  وإن iiألانوا
رمـاك  بـطيشه ورمى iiفرنسا
إذامـا  جـاءه طـلاب iiحـق
دم  الـثـوار تـعـرفه iiفرنسا
جـرى  فـي أرضها فيه iiحياة
بـلاد مـات فـتـيـتها iiلتحيا
وحـررت الشعوب  على iiقناها
بـني سورية  اطرحوا iiالأماني
فـمن خدع السياسة  أن iiتغروا
وكـم صـيـد بدا لك من ذليل
فـتوق الملك تحدث  ثم تمضي
نـصحت ونحن  مختلفون دارا
ويـجـمـعنا  إذا اختلفت iiبلاد
وقـفـتـم بـين موت أو حياة
ولـلأوطـان  فـي دم كل حر
ومـنـ يسقى  ويشرب iiبالمنايا
ولا يـبـني الممالك iiكالضحايا
فـفـي الـقـتلى لأجيال iiحياة
ولـلـحـريـة  الحمراء iiباب
جـزاكم ذو الجلال  بني دمشق
نـصـرتـم  يوم محنته iiأخاكم
ومـا كـان الـدروز قبيل iiشر
ولـكـن ذادة وقـراة iiضـيف
لـهـم جـبـل أشم له iiشعاف
لـكـل لـبـوءة ولـكل iiشبل
كـأن مـن الـسموأل فيه شيئا






















































ودمـع لا يـكـفكف يا iiدمشق
جـلال الرزء عن وصف iiيدق
إلـيـك تـلـفـت أبدا iiوخفق
جـراحات لها في  القلب iiعمق
ووجهك ضاحك القسمات طلق
ومـلء  ربـاك أوراق iiوورق
لـهم في الفضل غايات  iiوسبق
وفـي  أعـطافهم خطباء iiشدق
بـكـل  مـحـلة يرويه iiخلق
أنـوف الأسد  واضطرم iiالمدق
أبـي  مـن أمـيـة فيه iiعتق
عـلـى سـمع الولي بما iiيشق
ويـجـمـلها  إلى الآفاق iiبرق
تـخال من الخرافة وهي صدق
وقـيـل أصـابها تلف iiوحرق
ومـرضـعـة الأبـوة لا iiتعق
ولـم يـوسـم بأزين منه iiفرق
لـها من سرحك  العلوي iiعرق
وأرضك من حلى التاريخ  iiرق
غـبـار حـضـارتيه لا يشق
بـشـائـره بـأنـدلـس iiتدق
أحـق  أنـهـا درسـت iiأحق
وهـل لـنـعيمهن كأمس نسق
مـهـتـكـة وأسـتـار iiتشق
وخـلـف  الأيـك أفراخ iiتزق
أتـتـ من  دونه  للموت iiطرق
وراء سـمـائه خطف iiوصعق
عـلـى جـنـباته واسود iiأفق
أبـيـن فـؤاده والصخر iiفرق
قـلـوب كـالـحجارة لا iiترق
أخـو حـرب به صلف وحمق
يـقول عصابة  خرجوا iiوشقوا
وتـعـلـم  أنـه نـور iiوحق
كـمـنـهل السماء وفيه iiرزق
وزالـوا  دون قـومـهم iiليبقوا
فـكـيـف  على قناها iiتسترق
وألـقـوا عـنكم الأحلام iiألقوا
بـألـقـاب  الإمارة وهي iiرق
كـما مالت من المصلوب iiعنق
ولا يـمـضـي لمختلفين iiفتق
ولـكـن  كـلنا في الهم iiشرق
بـيـان  غـير مختلف iiونطق
فـإنـ رمتم نعيم  الدهر فاشقوا
يـد سـلـفـت ودين iiمستحق
إذا الأحـرار لم يسقوا  iiويسقوا
ولا يـدنـي  الحقوق ولا iiيحق
وفـي الأسرى فدى لهم  iiوعتق
بـكـل يـد مـضـرجة iiيدق
وعـز  الـشـرق أوله iiدمشق
وكـل أخ بـنـصر أخيه iiحق
وإنـ أخـذوا  بما  لم iiيستحقوا
كـيـنبوع الصفا خشنوا ورقوا
موارد في السحاب الجون بلق
نـضـال دون غـايته iiورشق
فـكـل  جـهاته شرف iiوخلق