في مِصْرَ لي قَلْبٌ
خالد شوملي
القَيْدُ في القَدَمَيْنِ يرْتَعِدُ
فالشّعْبُ في الْمَيْدانِ مُحْتَشِدُ
في ساحَةِ التّحْريرِ مُعْتصِمٌ
والنّصْرُ في الْعَيْنَيْنِ مُتّقِدُ
هذي دِماءُ النّيلِ هادِرَةٌ
مِنْ مَوْجِها يَتَقَهْقَرُ الزَّبَدُ
والْخائِفونَ مِنَ النّدى عَبَثاً
قدْ حاوَلوا الشلّالَ أنْ يَئِدوا
قَدْ أطْلقوا النيرانَ حاقِدَةً
فَتَعاظَمَ الْبُرْكانُ والْعَدَدُ
سالَ الظّلامُ لِحَتْفِهِ هَرِماً
وَالضّوْءُ هَلَّ يَزِفُّ مَنْ شَهِدوا
تتَبَعْثرُ الأوْراقُ طائِرَةً
في ضِفّتَيْهِ النّهْرُ مُتّحِدُ
وَيَسيرُ نَحْوَ الْمَجْدِ مُنْتفِضاً
لا السّدُ يوقِفُهُ وَلا الزَرَدُ
قَصْرُ الرّئاسَةِ قِشْرَةٌ سَقَطتْ
يا مِصْرُ أنْتِ الرّوحُ والْجَسَدُ
أُمُّ الْحَضارَةِ أنْتِ شامِخَةٌ
والْحاضِرُ التاريخُ وَالْأبَدُ
سَجدَتْ لكِ الأهْرامُ خاشِعَةً
أنْتِ الْبِدايَةُ والْمَدى الْأمَدُ
مِصْرُ الْمَسَرّةُ سِرُّ قاهِرَةٍ
فَمِنِ اسْمِها الْإصْرارُ وَالْجلَدُ
الشِّعْرُ مِنْكِ وَفيكِ جَنّتُهُ
فَالنّيلُ في شرْيانِهِ الْمَدَدُ
وَالْلوْنُ يرْقُصُ في فراشَتِهِ
تعْلو فيَهْوي الزّيفُ وَالصَّفَدُ
وإليْكِ يَعْدو الْحُلْمُ في لهَفٍ
وَالْليْلُ مِنْ عَيْنيْكِ يَبْتعِدُ
وُتُرَفْرِفُ الآمالُ مُشْرِقَةً
فَمَتى يَخافُ مِنَ الظّلامِ غَدُ ؟
لَوْ كُنْتُ يَوْماً أشْتَهي وَطَناً
لاخْتارَني العُنْوانُ والْبَلَدُ
شقّوا الْفؤادَ لِيَقْرأوا كُتُبي
لكِنّهُمْ إلّاكَ لمْ يَجِدوا
في تونسَ الخضْراء لي قَمَرٌ
رِئَةٌ هُنا في الشّامِ لي وَيَدُ
في الْمَغْربِ العَرَبيِّ لي كَتِفٌ
صَدْري الْعِراقُ جَبينُ مَنْ صَمَدوا
في مِصْرَ لي قَلْبٌ يَضُخُّ دَماً
وَهُناكَ في لُبْنانَ لي كَبِدُ
يا أرْضُ إنَّ الرّيحَ ذاكِرَةٌ
والْقُدْسُ لا ينْسى اسْمَها أحَدُ
الْغَيْمُ يَبْكي الآنَ مُنْفعِلاً
فالْيَوْمَ عُرْسُ النّصْرِ يَنْعَقِدُ