رسالة إلى ذاتَ الشكال
رسالة إلى ذاتَ الشكال
رأفت رجب عبيد
كان بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقال له أبو قدامة الشامي، وكان قد حبَّب الله إليه الجهاد في سبيل الله والغزو إلى بلاد الروم، فجلس يوماً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث مع أصحابه ، فقالوا له : يا أبا قدامة حدثنا بأعجب ما رأيت في الجهاد ؟ فقال أبو قدامة نعم إني دخلت في بعض السنين" الرقة" أطلب جملاً أشتريه ليحمل السلاح ، فبينما أنا يوماً جالساً إذ دخلت عليَّ امرأة فقالت : يا أبا قدامة سمعتك وأنت تحدّثُ عن الجهاد وتحث عليه وقد رُزقتُ من الشَّعر ما لم يُرزقه غيري من النساء ، وقد قصعته وأصلحت منه شكالا للفرس " أي عقالا " وعفرته بالتراب
كي لا ينظر إليه أحد ، وقد أحببت أن تأخذه معك فإذا صرتَ في بلاد الكفار وجالت الأبطال ورُميت النبال وجُردت السيوف وشُرعت الأسنّة ، فإن احتجت إليه وإلا فادفعه إلى من يحتاج إليه ليحضر شعري ويصيبه الغبار في سبيل الله ، فأنا امرأة أرملة كان لي زوج وعصبة كلهم قُتلوا في سبيل الله ولو كان عليّ جهاد لجاهدت وناولتني الشكال ، وإلى صاحبة الشكال أهدي هذه الكلمات...
بوركتِ يا ذات الضفيرة والإباءْ
بوركتِ عنوانَ الفداءْ
زوجٌ يُضرَّجُ بالدِّماءْ
هو في سبيل الحقَّ سافرَ للسَّماءْ
أمَّا الغلامُ فقبرُهُ بين الحواصل في السَّماءْ
بوركتمُ أهلَ الوفاءْ
وبلاؤنا ماتَ الفداءْ
ماتَ الإباءْ
والأرضُ جافاها الضياءْ
و "أبو قدامة َ " في السُجونْ
والشرُّ أرغى في جنونْ
والرُومُ تذبحُ في قلوبِ الأبرياءْ
تبّا ً لأيام ٍ بها صِرنا إماءْ
نبكي كما تبكي النساءْ
أنا ما أرى في الأرض للحقِّ لواءْ
ردَّتْ كلامي يا أخي
هذا هُراءْ
قالتْ هناك بغزَّة ٍ
أنظرْ أخي تلقَ اللواءْ
هو لا يزالُ على الرُبَى فوقَ السماءْ
هو في رياحين ِ الفداءْ
هو في قلوب رجالها
هو بين أرحام النساءْ
"آياتُ " "دارينُ" البطولةِ في يدَيْ أختي "وفاءْ"
رغمَ الحصار ِ المُرِّ
ينتعشُ الإباءْ
رغمَ الحصار المرِّ ينتحِرُ الغباءْ
و"أبو قدامة َ" قادمُ
مَعَه ُ "الغلامْ"
هيهات يُرديهِ الظلامْ
******
بوركتِ يا ذاتَ الضفيرة والأمَلْ
بوركتِ أمّا ً في ثباتِكِ كالجََبَلْ
بوركتِ
في العصْر العقيمْ
في ظلمةِ الليل البهيمْ
بوركتِ يا ذاتَ الشِّكالْ
بوركتِ يا تاجَ النضالْ
بوركتِ يا أمَّ الغلامْ
ما عاد يُجدينا سوى
فرسانُ غزَّة َ والحُسامْ
فرسانُ غزَّة َ والحُسامْ