يا شـام رفقاً
*
نبيل شبيب
كتب شاعر من شعراء الشام أبياتا بعنوان "في عشق الشام" فهيّج لواعج القلب والقلم فكانت هذه الأبيات
القَلْـبُ يَخْفِـقُ في ذِكْرِ الشّآمِ هَوىً
وَالعَيْـنُ تَنْظُرُ عَنْ بُعْـدٍ وَتَنْكَسِـرُ
وَلِلشّـريـدِ مَـآقٍ لَيْسَ يَمْلِـكُهـا
فَالدّمْـعُ مِنْ بَرَدى يُرْوى فَيَنْهَمِـرُ
وَقَـدْ أَثَـرْتَ بِذِكْـرِ الشّـامِ لَوْعَتَهُ
وَقَـدْ نَكَأْتَ جِراحـاً دونَها السُّـتُرُ
فَانْظُرْ لِنَبْضَةِ ذِكْـرِ الشّـامِ في دَمِهِ
وَكَيْفَ يَنْسى؟.. أَيَنْسى روحَهُ بَشَـرُ
دارُ الطُّفـولَـةِ حُلْـمٌ في تَسَـهُّدِهِ
وَالعِطْرُ في غوطَةِ الفَيْحاءِ وَالشّـجَرُ
وَهَذْرُ صَحْبِهِ في حَـيٍّ وَمَدْرَسَـةٍ
وَفي مَسامِعِـهِ أَصْـداءُ ما هَـذَروا
حَتَّى إِذا فـارَقَ الأَحْبـابَ وَدَّعَـهُ
دُعَـاءُ أُمٍّ تَعيـشُ الدّهْـرَ تَصْطَبِـرُ
وَطَيْفُ دَمْـعٍ عَزيزٍ في عُيونِ أبٍ
يوصيـهِ أََلاّ يَطـولَ البُعْـدُ وَالسّـفَرُ
وَأَنْ يَعيشَ عَزيـزاً شـامِخاً أَبَـداً
فَالشّـامُ أَرْضٌ بِهـا التّاريخُ يَفْتَخِــرُ
حَقٌ عَلى عَبْـدِ رَبِّ العَرْشِ عِزَّتُهُ
مـا دامَ لِلْحَـقِ والإِنْسـانِ يَنْتَـصِـرُ
فَعاشَ في مَرْكَبِ الإيمـانِ مُغْتَرِبـاً
وَعاشَ في مَرْكَبِ الأَشْـواقِ يَنْتَظِـرُ
وَالمَوْتُ أَسْـرَعُ مِنْ حُلْـمٍ يُداعِبُـهُ
وَالمَـوْتُ حَـقٌّ إِذا ما قُـدِّرَ القَـدَرُ
لَمْ يُبْـقِ إِلاَّ حَنينـاً فـي أَضالِعِـهِ
لِلرّاحِليـنَ وَقَـلْـبـاً كادَ يَنْفَـطِـرُ
يُغالِـبُ اليَأْسَ وَالأَحْـزانُ تَغْلِبُـهُ
يُجَـدِّدُ العَـزْمَ وَالآمـالُ تَنْـدَثِـرُ
يُحَرِّقُ الشَّوقَ وَالتَّشْـريدُ يُحْرِقُـهُ
في مَذْبَـحِ الغُرْبَـةِ الحَمْراءِ لا يَـذَرُ
إِنْ يَغْـفُ لَمْ تَغْـفُ أَفْكارٌ مُؤَرِّقَةٌ
أَوْ يَصْحُ عادَتْ لَهُ في صَحْوِهِ الفِـكَرُ
َمَضى الشَّـبابُ وأبقى في تَشَـرُّدِهِ
زَحْفَ المَشيبِ عَلى الصّدْغَيْنِ يَعْتَـذِرُ
كَمْ مِنْ حَبيبٍ قَضى في الشَّامِ يَذْكُرُهُ
كَأنَّـمـا لَمْ يُفـارِقْ وَجْهَـهُ البَصَـرُ
كم مِنْ وَليـدٍ تَمَنَّـى لَوْ يُعـانِقُـهُ
صاروا شَـباباً كَما تَرْوي لَهُ الصُّـوَرُ
هُـمُ الأََحِبَّـةُ رَغْـمَ البُعْـدِ تَحْمِلُهُمْ
في مُقلَتي دَمْعَةٌ في الشّـوقِِ تَنْصَهِـرُ
مَنْ لي بِيَـوْمٍ مَعَ الأَحْبـابِ أحْضُـنُهُمْ
وَالشّـامُ تَحْضُـنُنا وَالشَّـمْسُ وَالقَـمَرُ
نُلَمْـلِـمُ الدَّمْـعَ فـي شَلاَّلِ رَبْوَتِـنا
وَالورْدُ في الدَوْحِ يَكْسو وَجْهَهُ الخَفَــرُ
نَهيـمُ فـي ذِكْرَياتٍ لَمْ تَـزَلْ مَعَنـا
أَمْ ضاعَ عَبْـقُ الأَماني وَامَّحـى الأَثَـرُ
نَسيرُ في غوطَةٍ غَنّاءَ.. أَمْ تَعِـبَـتْ
فيـهـا الخَمـائِلُ لِلْغُيَّـابِ تَنْتَـظِــرُ
هَلْ يَضْحَكُ الطّيْـرُ لِلأزْهارِ مُغْتَبِطـاً
أَمْ أَنَّ ضِحْكَتَـهُ اغْتيـلَـتْ كَمـا الزَّهَرُ
كَالظِّلِّ وَالحُـبِّ وَالذِّكْـرى بِبَلْدَتِـنـا
كَالمـاءِ في بَرَدى يَغْتـالُـهُ الحَجَــرُ
وَالنّبْـعُ يَبْكي عَلى الشّطْآنِ مُرْتَعِشـاً
أَحْـلامُــهُ زَبَــدٌ يَـعْـلو وَيَنْكَسِـرُ
يا شامُ .. يا شـامُ رِفْقاً بِالشَّـريدِ أَتـى
بِالحُبِّ وَالدَّمْـعِ وَالأَشْـجانِ يَعْتَمِـرُ
روحـي بِأَرضِـكِ لَمْ تَبْـرَحْ تُقَبِّلُـهـا
وَالقَلْـبُ أَنْتِ وَأَنْـتِ النَّبْـضُ وَالوَطَـرُ
تَهونُ في غُرْبَتـي الدُّنْيـا وَما حَمَلَتْ
إِلاّ ثَـرى الشّامِ مَثْوىً إِنْ مَضى العُمُرُ
6/10/1424هـ و30/11/2003م


* من ديوان دموع متمردة الماثل للطبع.