في يوم حشر يجمعون جُماراً
06تشرين22004
د.جعفر الدندشي
في يوم حشرٍ يُجمَعون جُمارا
شعر : د. جعفر الكنج الدندشي
مابين قصيدة الحسن بن هانئ ( أبو نواس)، والتي مطلعها:
يا ربّ إن عَظُمت ذنوبي كثرةً فلقد علمتُ بأنّ عفوكَ أعظمُ
وقصيدة عمر الخيام، التي يقول فيها:
إذا كنتَ تُجزي الذنب مني بمثله فما الفرق مابيني وبينك ياربّ..
(ترجمة الصافي النجفي)
وفي لحظةٍ مُطلقة الإلهام، سطّرت ريشتي ما يلي:
فـي الـصـدرِ تَكتَنزُ الهمومُ عَقارا
تـنـمـو عـلـى واحاتها
أشجارا
خـطّـتْ على الأسْنادِ: ذاتٌ
ملكُنا
مـاجت بروحي الريحَ
والإعصارا
جـارَ الـزمانُ لهفوتي، لم
أرتضي
إلاّ بِـهَـجْـرٍ قـد لَـبِستُ
إزارا
لـمّـا تركتُ الشامَ في عهدِ
الصِبا
والـنـفـسُ فيها قد رَهَنْتُ
حِذارا
عـهـدٌ نـقضتُ بغُربتي يا
وَيلَتي
بُـلـيَ الإزارُ فـمـا أجَدتُ
خيارا
ذاكَ الـزمـانُ مضى ولكن
ضمّني
بـلَـهـيبِ روحي يحرِقُ
الأعمارا
عُـدنـا نـحاكي فيهِ أرضاً
أثخَنَتْ
مـمـا رمـتـنـا، غـربةً وفرارا
قـالـوا: قـضاءُ الله، يفعَلُ ما
يشا
شـوقٌ يُـثَـبـتُ شوقنا
استنكارا
هـذي حـيـاتي، لم تزلْ
أشواقها
فـي بعضِ عمري تبتغي
استقرارا
تـقـضـي بـحـزمٍ أن تهلَّ بِليلنا
أو تـسـتَـبـدَّ إذا تـشـاءُ
نهارا
وطـنـي تَـعَـذّر أن أردَّ
بمركبي
طـاحَـتْ بـنـا الأيامُ كي
أختارَ
كـم كـنتُ لا أبغي سوى أن
نلتقي
فـانـسَ لأنـسى، ما لحِقتُ
قِطارا
إن فـاتـنـي ذاكَ القطارُ
وهابني
بُـعـدُ الـزمـانِ أضاعَ منّي
الدارَ
دعني أعشْ عمري بوحي
بصيرتي
حـارَ الـفـؤاد بـفـكرِنا
واحتارَ
يا طيف مَن سكَنَتْ بقلبي
وارتضتْ
شـوقـاً يُـبـاري حُـبّها
الأبرارا
يـا ذاتُ إلـهـامٍ، رمَـتنا
وارتَمَتْ
مِـصـبـاحُ حُـبّـكِ قد أنارَ ديارا
يـا ذات أحـلامٍ يـطـيبُ
جنونها
فـي دربِ قـلـبٍ خـالفَ التيارا
الـحـمـدُ لـلـه الـذي قد خَصَّنا
مـن حُـبّـكـم شوقاً يضيقُ
بحارا
والـحـمـدُ لـلـهِ الذي من
رِفقِهِ
هـامَ الـفـؤادُ مُـحـيّـراً مُحتارا
سـبـحـانـه أبـداً، قضى بخيارهِ
أن نـرتـدي ثـوبَ الحنينِ سِتارا
حـتـى تـوالـتْ أشهرٌ
وتلاعَبَتْ
ذاتُ الـزمـان، بـبـعـدنا
أدوارا
جـئـنـا ديـار الـليل من
أبوابها
شـفـعـاً نـقـوم الليلَ والأسحارا
أسـهـو، تـمرُّ بيَ الليالي
ساهراً
صـحـبي خيالكِ، كم نطيبُ
جِوارا
لا بُـدَّ مـن عـهـدٍ قـريبٍ
مُبْعَدٍ
يَـقـضـي بِـجمْعِ الهائمينَ سُكارا
لا بُـدَّ مـن يـومٍ سَيَصرَعُ
شوقنا
والـشـوقُ يَـرشِحُ والعيونُ
حَيارا
لا بُـدَّ من أملٍ يُصاحِبُ جرحَ
مَنْ
يـرضـى تحَدّي الناسَ
والأعمارا
تِـلـكُـم حِـكـايةُ شاعِرٍ و
صَبيّةٍ
زانَ الـهـوى أحـلامَـنا
قنطارا
أمـضـى الحنينُ على البعادِ
وثائقاً
تـقـضـي بـبُعدٍ جاوَزَ
الأقطارا
مُـسـتَـقـتِـلانِ عـلى لِقاءٍ مُبْهَمٍ
فـي الـحـلمِ يطوي شوقنا
أسرارا
تـقـضـي الليالي أن أسامِرَ
قومها
مـن أنـجُـمٍ، كـم نـستلذُّ
حِوارا
طـوراً تـعادي فكرَ روحٍ خاصَمَتْ
جـفـنـي، طويلاً لا يَذوقُ
قرارا
هـيَ غـايةٌ، أبغي َبمحضِ
إرادتي
أنْ أكـسـبَ الـلحظاتِ ليلَ نهارا
جـاءتْ بـنا الدنيا لتَقصفَ
عمرنا
لـن تـسـتَـبـيح لعمرنا
أكوارا
فـالأرضُ ضـاقت بالزمانِ
وجهلهِ
مُـنـذُ اسـتُـبيحتْ لابن آدمَ دارا
يـا رحـلة الإنسان في جوفِ الدُنا
كـيف اكتشَفتِ الدربَ
والأسرارا؟
هل عاشَ في أرجاءِ عمركِ غيرَ مَنْ
عبروا الطريقَ إلى المماتِ
حَيارى؟
أنـا لـسـتُ إلاّ مـن بَقيّتهم
وإنْ
مـاج الـشـذا في نشوَتي
أشعارا
أرتـاحُ لـلـقـلـمِ المُشَرّدِ
حيثما
تـبـغـي الأغاني اللحنَ
والأوتارا
إنْ طـابَـتِ الـنـجوى بها
ألفيتها
تَـنـسـابُ فِـكـراً يَعبرُ الأقطارا
حـتـى إذا مـا أُنـهِكَتْ
بفرارها
عـادَتْ تُـداعِـبُ أنـملي
أفكارا
يـرتَـجُّ فـي إنـسانِ نفسي
مُطْلَقاً
يـرجـو الـتفاؤلَ صحبةً
وجوارا
أبـغـيـهِ عـوناً في النفوسِ محَبّةً
لـكـن سـتـارَ البغضِ قام
جدارا
يـا صـانـعَ الإنـسانِ من
عَليائهِ
يـامَـن خَـلَقتَ الخيرَ
والأشرارا
يـا مَـنْ تـركتَ المرءَ في
نزواتهِ
حـرَّ الـخـيـارِ يـواجِه
الأقدارا
أرنـو إلـى عظَماتِ عطفِكَ راجياً
ريَّ الـرجـاءِ، رجـوتُكَ
استغفارا
أنـا لـسـتُ أسما مَنْ تَعَبّدَ لا
ولا
بـل ألـف لا، أنـا أتـبعُ
التيارا
لـكـنَّ فـضـلَكَ كانَ مني
مُطْلَقاً
فـيـضُ الـعطاءِ يَضمّني
استئثارا
لـمّـا حفظتُ بذات نفسي
جوهراً
أنْ لا إلـهَ سـواكَ، كـيفَ
تبارى؟
هـل تـكـفني تلكَ الذريعةُ
مهرباً
فـي يـومِ ديـنِـكَ رايةً و شِعارا؟
خُـذنـي بهديكَ نحو مصباح
الهُدى
نـورٌ عـلـى نـورٍ أذوبُ مـنارا
فـي أبـعـدِ الأبـعـادِ أقـرأ
آيةً
أنـسـى غبارَ الأرضِ
والأحجارا
أنـسـى جنونَ الناسِ، أنسى
غايةً
فـي كـلِّ نـفـسٍ تبتغي
الإكثارا
عِـلـمٌ لـغـايـاتٍ،تَشَتتَ
رشدُنا
فـإلـه هـذا الـعلمِ صارَ
نضارا
حـتـى إذا مـا جاءَ وعدُكَ
أيقنوا
فـي يـومِ حـشرٍ يُجْمعونَ (1)
جُمارا |
هامش:
(1)جمارا إعرابها نائب مفعول مطلق وهذا يعني: يجمعون جمعاً