يقذفني الشوق إلى تغريبة أبي .. والعراق !!
يقذفني الشوق إلى تغريبة أبي .. والعراق !!
إبراهيم القهوايجي
ها أنت يا أبي تستعذب
وحشة هذا المكان ،
وتقرأ فاتحة الكتاب ،
والخريف يدق الشوق في روحي،
فتشعل فانوس ذاكرتي :
تتراءى حياتي سرابا في سراب.
عندما يهزك وجع
تنبت على ظهري العناكب السوداء،
وتزحف نحوي ،
فلا تجد سوى الأشباح ،
وورق مفرغ الأحشاء.
******
ها أنت يا أبي تستعذب
وحشة هذا المكان ،
وتحمل ماضيك وتمضي
وخطاك تعبر السواقي.
ساهما والحزن يلفني
عدت إليك..
أفتش في جثتي عنك ،
عن مطر..
يغسلني من أدران مكناس.
سنغني للفرح البائت،
ويعود السندباد ،
فتطفو سفينه في البحر المديد
لأكتب في دفتر انكساري
أشعار ميلادي
******
ها أنت يا أبي تستعذب
وحشة هذا المكان ،
يأ آخر رشفة حليب
في صحن حياتي.
كأنك حبر يراق أو وجه مستعار ،
وأنا اكتب أبجدية هذا الكون
وطقس القيامة يخفي بريق تألقي.
سقط الحزن عن الحزن
تجرعــــــا..
وأنت تنفخ في الوهم أمــلا ،
وأمي تمد إلى النهر زنبقة
والخريف يعيد بقايا صور :
الأحباب حكايات تلك
البيوت ،
والتلاميذ حكايات تلك
الفصول
والعبور إلى الزمن الآتـــي..
******
ها أنت يا أبي تستعذب
وحشة هذا المكان ،
يا الذي كان لي عشقه سوسنة ،
وحديثه قمرا وانبثاق ربيعي.
ليت جرحي أبي..
لا الليل ليلي
ولا النهار نهاري،
وما أنت إلا جسدي المثخن بالجراح.
وتفاصيل انهزامي
تشربني في المقاهي..
والعراق يرقص على أنغام الدماء ،
والوسن يأبى أن يداعب عينيه ،
حمائمه تنشد عشاقها قصائد المتنبي
و"بوش"قبعة مرمية في مزبلة التاريخ.
انتهي زمن المزاد والزار ،
وآن للشمس أن تحتفي بخروجك أمام العباد
يتفيأ في ظلها النخيل ،
ويغازل الحجر الجليل.