النكبة في عيني أمي

النكبة في عيني أمي

 عاطف كامل

[email protected]

لا أذكر كم كانت سني

وأنا أسمع أمي تروي

قصة قريتنا المدعوة كفر عنان

كانت قريتنا تصحو لنداء"الجزار"

وتنام بسفح الجرمق- - نعم الجار

فيها "الحجر الأزرق"و "العمري"

"وبنات اليعقوب السبع"

وتحيط بقريتنا "فراضية"ومغار

وهضاب تدعى" حزور"

وبيوت القرية من طين

وقليل منها من أحجار

لا أذكر كم كانت سني

وأنا أسمع أمي تروي

قصة نكبتنا الكبرى

كانت تدري أو لا تدري

أن روايتها تروي في أنفسنا

أزهار الشوق العارم

ومرارات الحقد القادم

قالت أمي :

في ذات صباح مشؤوم

قدم المحتل الغاصب

قد سبقته فظاعات الغالب

جمعونا في ساح القرية

واختاروا سبعة شبان

واقتادوهم صوب"الخلة"

وبرمشة عين ألقوهم

جثثا تأكلها النار

قالت أمي:

أما نحن فقد كنا نعدو

ورصاص المحتل يطاردنا

كنا نحسب أن الهجرة ليست

إلا أيام

فأخذنا بعض متاع

وأخذنا مفتاح الدار

(ونطرنا سبع جيوش)

كي تأخذ بالثار

قالت أمي:

ها قد مرت خمس عقود

والليل المظلم لم يعقبه نهار

ولهيب الشوق يزيد ولكن

لا نعرف للشوق قرار

وحراب يهود تقطر بالدم لم

تكمل ربع المشوار

كذاب يا ولدي من

يزعم أني

بعت الأرض وخنت العهد

هل يملك إنسان أن يسلخ جلده؟!

هل يهتك حر عرضه؟!

زارت أمي قريتنا بعد سنين

وجدت أطلال بيوت

يحرسها الصبار

وبقايا زيتون يحتضن الدار

وتراءت عن بعد بلوطتنا

تلك البلوطة كانت

تشهد أفراح القرية

وتظلل رمس جدودي

منذ قرون

حملت أمي حفنة طين

شمت منها ريح الشهداء

لثمتها بدل المرة عدة مرات

زرعت فيها شتلة زيتون

مهرت أسفلها

عنوان محبة ... عربون العودة

وسقتها من دمع الأحلام