افتحي قلبك
03كانون22009
د. محمد جاد
د. محمد عبد المطلب جاد
أستاذ سيكولوجيا الإبداع
جامعة طنطا-جمهورية مصر العربية
افـتـحـى قـلـبَـكِ يا سمراءُ أسْتَدْفِىءُ ودعـيـنـى اسْـتَـمِـعْ مـنهُ لما لم تَذْكُرِيهْ ودَعِـيـهِ يـحـتـويني شافياً جُرْحَ سِنِينِي وعـذابـاتِ حـنـيـنـي واتركيني واتركيهْ فـإذا قَـدَّمْـتُ عُـمْرِي بانْكِسَارَاتِى وصبري ربـمـا قـلـبُكِ يَرْضَى مِنْ رَجَائِي ويشتريهْ * * * افـتـحـى قـلـبَـكِ يا سمراءُ إنْ رَقَّ دَعِيهْ يـا ابـنتى كيف يَحِسُّ الخوفَ مِنْ قَلْبِ أبيهْ؟ كـيـف يـخشى مِنْ عُيُونٍ مُقْلَتِاهَا تَرْتَجِيهْ؟ كـيـف يـخشى من فؤادٍ فى الحَنَايَا يَحْتَوِيهْ؟ افـتـحـي قـلـبَـكِ أو هَيَّا إلى قلبى خُذِيهْ كـيـف يـا سمراءُ يحيا القلبُ فى القَبْرِالكَرِيهْ عَـلِّـمِـيـنِـى كـيف آمُرُهُ ويَنْصَاعُ لأمرى راقـداً فـى الـقـبـرِ ثـانـيةً ولا دَقَّةَ فيه؟ لـيـتـنـى أمْـلُـكُ يا سمراءُ مِنْ قَيْدٍ لقلبى فـإذا ضِـقْـتِ بـقـلـبـى اقْتُلِينِى واقْتُلِيهْ * * * يـا ابـنـتـى كـان سَـقِـيمَاً وعليلاً وشَقِيَّا كـان فـى الـقَـبْـرِ يـعيشُ القَهْرَ مُرَّاً أَبَدِيَّا كـان لا يُـبْـصِرُ نوراً ، كان لا يُبْدِى شُعُورَاً كـان مَـدْحُـورَاً حَـقِـيـرَاً،واهِىَ القَدْرِ دَنِيَّا مـاتَ فـى الـظُّـلْمِ وَدَبَّغَهُ مَرَارُ الظُّلمِ حتى لانَ لـلـجَـلْـدِ صـبـاحـاً ومساءً وعَشِيَّا وارْتَـضَى الظلمَ سَرِيرَاً وارتضى الغَدْرَ سَعِيرَاً ورأى هـذا مُـشِـيـرَاً أنَّـهُ صَـارَ غَـبِيَّا فـتـناسى الكونَ ذِكْرَا ، وانزوى بالقَبْرِ عُمْرَا طـارحـاً نَـبْـضَـاً وفِكْرَاً وطَوَى الأيامَ طَيَّا كَـرِهَ الـدنـيـا طـويلاً ، والذى كان عليلاً زادَ فـى الـزُّهْـدِ وَبِـيـلاً قاتلاً ما كان حَيَّا وسـرى فـيه الشُّحُوبُ ، وتزاحمتْ الكُرُوبُ وهـو فـى الـهـم يـذوبُ ذابـلاً شَيْئَا فَشَيَّا * * * آه يـا سـمـراءُ لـو حـانَ لنفسى أنْ تَبُوحْ مـا بِـسُـكْنَى القبرِ من نَفْسٍ تُغَشِّيهَا القُرُوحْ واعـتـبـارَ الماءِ بَلْ حتى الدواءِ مِنَ القَبِيحْ واعـتـبـارِ الغَسْلِ شيئا لا يليقُ سوى المَلِيحْ واعـتـبـارِ الـكَوْنِ لا شىءَ سوى هَبَّةِ رِيحْ واعـتـبـارِ الـعُمْرِ وَلَّى وَغَدَا الباقى شَحِيحْ وانـتـظـارِ الموتِ عُمْرَاً واشْتِيَاقِى للضَرِيحْ * * * آه يـا سـمـراءُ مـن ذُلِّ الـقتيلِ بِغَيرِ قَتْلِ آهِ مِـنْ نـارٍ بِـكُـلَِ مَـرَارَةٍ فـى الدَّمِ تَغْلِى آهِ مِـنْ صَـرْخَةِ مَقْهُورٍ على الأرضِ يُصَلِّى آهِ مِـنْ غُـصَّـةِ حَـلْقٍ ، آهِ مِنْ طَحْنَةِ عَقْلِ آهِ مِـنْ كَـبْـتِ نُـوَاحٍ تـحتَ وَاجِهَةِ التَّحَلِّى لـستُ أدرى لِمَ لا أجِدُ الكلامَ لِوَصْفِ فِعُلِى ؟ هـل أرادَ اللهُ أنْ يَـبْـقَـى الـكـلامُ بِعَجْزِهِ لِـيَـظَـلَّ الـحِـسُّ مَطْمُورَاً بلا كَشْفٍ لِغِلِّ؟ ويـمـوتَ الـنـاسُ لَـمْ يُجَسِّدُوا غَيْرَ الأَقَلِّ؟ رَبِّ لا تَـجْـعَـلْ بِكُلِّ الكَوْنِ مَنْ يَلْتَاعُ مِثْلِى * * * لاحَ يـا سـمـراءُ بَـدْرِى دُونَـمَا وَعْدٍ أتانِى لَـسْـتُ أَدْرِى كيفَ دَبَّرَ خالقِى سِرَّ الزَّمَانِ ؟ لـسْـتُ أدرى كـيف قَدَّمَنِى إلى هذا المكانِ ؟ لـسـتُ أدرى كيف أشْرَقَ بى وبالماءِ رَوَانِى؟ لستُ أدرى كيف من عَدَمِى ومِنْ مَوْتِى نَشَانِى لستُ أدرى ، لستُ أدرى ، كيفَ باللهِ احْتَوَانِى؟ لـسـتُ أدرى غيرَ أنِّى صِرْتُ مِشْكَاةَ زمانى صـرتُ مـن لَـمْسَةِ بَدْرِى مَالئاً أعْلَى مَكَانِ وَغَـدَا رُوحِى وفِكْرِى ، صارَ شَهْدَاً فى لسانى صـارَ أنْـفَـاسِـى وَبَـهْجَةَ كُلِّ ذّرِّاتِ كِيَانِى وبِـهِ أحْـبَـبْـتُ نَـفْـسِى وزَمَانِى ومَكَانِى وبِـهِ أحْـبَـبْـتُ عُـمْـرِى وتَذَوِّقُت المَعَانِى وأَعُـدُّ الآنَ عُـمْـرِى بـالـدقـائقِ والثَّوَانِى كـيـف أوفى حق قلب رد روحى وشفانى ؟! | فِيهْ