(في الذكرى 46 للعدوان على المسجد الأقصى، واحتراق منبر صلاح الدين)
تململ من حزنه المنبر:= أما أمّةٌ منْكمُ تثأر؟
أما رجل فيه نبض الحياة= فيوقظَ همّة من يُبْصر؟
فما زال للنّار في خافقي= أجيجٌ، تسعّره أعْصر
أسيرٌ أنا ويدي في القيود= يزلزلني صمْتُ من ينظر
أما ذقتم العزّ في ساعةٍ= فينهض للعز من يقدرُ؟
نميتم إلى خالدٍ وصلاحٍ= ولكنْ مسيْلمةٌ يأمرُ
ولو أنّما حجرٌ سامهُ= لظىً لاشتكى اللّهَبَ الحجرُ
ولكنكم بعتمُ أمْركمْ=إلى السّامريّ ولم تشعروا
فكم تحت عينيَ عاثوا فساداً= ولم تتأذوا ولم تنصروا
وللموتِ تحت أزيز الرصاص= برغم الأذى لذَّةٌ تُحْبِرُ
ولكنّ قوميَ لا يعلمونَ= ومن جَهِل الكرم لا يعْصرُ
هموم الأنام لهنّ انتهاءٌ= ولكنّ همّيَ لا يُقبرُ
ضلوعي كواها لهيبٌ تلظّى= بما صار يُذكيه منْ يمكُر
نمته المنافي زمانا طويلا= ونَمّتْ حزازاتهِ أدْهُرُ
وربّكَ يعْلمُ ما قدْ يُكِنُّ= وإنْ كانَ يُظْهِرُ ما يَظْهَرُ
وطعمُ العداوةِ منْهُ جَليٌّ= وما قدْ حوى صدْرهُ أكْبرُ
ولكنّ قوْمِيَ في غفلةٍ=وحولهمُ النّاسُ قدْ زمجروا
ويغشاهمُ الموتُ قبْل الأوانِ=ويلهيهمُ الكأْسُ والمزْهَرُ
وهمْ ينشدون نشيدَ الغواةِ:= (وللنّاسِ منّا الصّدى المُسْكِرُ)
فلا تتْرُكِ السُّفَهَاءَ سُكارى= وراء الملذّاتِ كمْ بعثروا
أتدعو إلى القدسِ؟ هيهات يحيا=صريعُ الغواني إذا تُنْذِرُ
ويكفي الولاةَ البياناتِ فخْراً= فهمْ في البياناتِ ما قصّروا
وأمّا الرّصاصُ فنحوَ الصّدور،=صدور الجماهيرِ إذ تجْأرُ
وماذا نقولُ لمنْ جرّموا=صغاراً بطبشورهمْ سطّروا:
"صلاحٌ"! تُفَدّيك منّا النّفوسُ=ويفْديكَ "عُقْبةُ" ما عَسْكروا
إذا أغرقوا غزّةً بالمياهِ=فطوفانُنَا اللهَ يستَنْصِرُ
ولا عاصمَ اليومَ من أمْر ربّي=فذرْهُمْ بإيماننا يكْفُروا
ويا مصرُ ما زال ضربُ الكليمِ= عزيزاَ، وفرعونها الأخسرُ