تمتمات تائهة

خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)

حين تتقد جذوة مشاعر تشرئب بعنقها في صحراء قلب أنهكته الدروب وتلاعبت به الكروب ، أجدني بلهفة أبحث عن ماء حروفي ، لا أظفر سوى ببضع قطرات تخلفت عن تلك التي آثرت النضوب .

وحين تجمح خيول فكر هائج وتتدافع كموج غاضب تعلن ثورتها في عالم الصمت المريب ، تتهاوى عند اصطدامها بحاجز الخذلان والهوان العجيب !

هي اللوثة التي أصابت جمعنا ونحرتنا من الوريد إلى الوريد 

هي اللكمة التي أسقطتنا في منافي العجز والتشريد

هو الخنوع الذي أسلمنا لقيود أقسى من زرد الحديد

ما عاد فينا كف يصفع

حق يسطع

جند في حمأة ليل مجنون قصةَ نصر تصنع 

كم طال الدرب بنا كم طال

كم يبكي في قهر خير رجال ورجال

كم تزفر نفس حرّى

تتلو الوجع بألف سؤال 

يا ذاكرة الأيام دعيني أتلمّس فيك جديد مقال

يا صيحة حق فاعترفي 

من ذا أخرس فيك نداء الزحف وألقانا صوب الأهوال ؟

يا عينا تعرف ماضينا 

ترقب بوميض الذعر وحوش الكون اجتمعت

تغرس في الجسد السكينا

ما عادت لُحمتنا تزهو بثياب العز بتاج فخار

ما عادت هيبتنا صيحة حق في وجه الفجار

وقبائل هذا الكون الدموي

بسيوف شتّى تنهشنا

من خير الأرض تجردنا

تأتينا بجيوش دمار 

تتغذى لحم الثوار

ودمانا ، يا ويح دمانا

ما عادت تبصر درب الثأر لتسلكه

أشلاء الحق موزعة بين الأمصار

أثواب الطهر ممزقة خلف الأسوار !

وصلاح يحوقل في قهر

وينادي أين الأحرار ؟

تاهت خطوات بني قومي

ما بين العجز يكبلها

ما بين الذل يزلزلها

ما بين أيادِ الخزي تمد يمينا

لعدو جبار

ويسارا للشعب تطوّقه

بقيود النار

نكصوا عهد إخاء في ذاك ال(أيّار)

وتناسل في عتم الليل وحلكته

غربان الخزي دعاة العار

وتزعّم كل قليل تراب من وطني

شرطي يحكم قبضته

تتجبر فينا سطوته

يترعنا أكواب مرار

فوضانا تنبي عن تيه جنون عربد فينا

تتغزل في دمع مآقينا

تنسج أثوابا لاتستر عورة واقعنا

تسلمنا ليد الجزار

ما عدت لأفهم ترنيمة فخر في الماضي

مذ صار السيف سجين متاحف خيبتنا

مذ ماتت أشجار الغار!!

وسوم: 637