بنتُ العشرين ...

عبد الرحمن صالح العشماوي

"هاتفَتْني شاكيةً باكيةً من مخيّمِ عِرسال قالت: عمري عشرون عاماً ولكنّ عمر آلامي بليون عام فكانت هذه الأبيات"

في ليلةِ بؤسٍ وشجونِ

سألتني بنتُ العشرينِ

عيناها خارطتا بؤسٍ

ترسمُ ليْ أوطانَ حزينِ

في فمها صرخةُ صامتةٍ

ألْجمَها الخوفُ  تناديني

ياعمّي إني  لاجئـةٌ

أبحث عن زادٍ يـَغذوني

أبحث عن ماءٍ أشربـُه

وبقايا ثوبٍ يـَـكْسوني 

في المَلْجأ ياعمّي لهَبٌ

من نار الحسرة يَكويني

أحتاجُ إلى نبعِ حنانٍ

كي يُطْفِيءَ ناري ، يَسقيني

كانت نَبْرتُها باكيـةً

بسهامِ اللّوعـةِ ترميني

كم أدمى القلبَ تَوَجُّعُها

وأثارت بالحزن أنيني

        - - -

من أيّ بلادِ مَواجِعنا

يابنتي أنتِ ، أجيبيني

قالت لي ، ويـدٌ راعشةٌ

تمتدُّ بغصنِ الزيتون

ياعمي إني مسلمةٌ

راسخةُ المبدأ والدّينِ

الشام ومصرُ  هما وطني

والمولدُ  أرضُ فلسطينِ

وعراقُ المجدِ تصافحني

بيمينِ المجد وتُدنيني

وبلادُ اليَمَنِ تُصبّحني

بمفاخرنا وتُمسّيني

ورباطُ الفتح وطَنْجتُها

تَمنحُني الحبَّ وتُعطيني

مغربنا الأقصى ياعمّي

يقطفُ ليْ الوردَ ويُهديني

وبلادُ الهند تذكّرني

ببقايا عصرِ التّمكين

وقلاعُ خراسانَ العظمى

تسرد أخباراً تُشْجيني

ياعمّي إني مسلمةٌ 

من مكةَ يبدأ تـَكويني

روّيتُ بزمزمَ أوردتي

وغسلتُ دماءَ شراييني

وبطيبةَ ياعمّي انطلقت

أصداءُ نداءٍ مَيـْمونِ

أنا بنتُ مفاخرِ أمتنا

من أقصى الهندِ إلى الصّينِ

أنا بنت مَقامٍ ومَطافٍ

أنا بنتُ الفتحِ وحطّـينِ

أنا بنتُ العشرينَ ولكنْ

أحمل أعباءَ البليـون

هل تذكر ياعمّي أحداً

يمنحني الأمنَ ويَحميني؟

         - - -

يابنتي أمّتـُنا العظمى

تتزاحمُ في دربِ فُـتونِ

باعت في سوق تَناحُرِها

أثوابَ المجـدِ الميمون

صارت كاللُّعبةِ ؛ "أُوباما"

يُلقيها في يـَدِ "بُـوتـيـنِ"

يَركلُها العُمَلاءُ بعيداً

نحوَ المحتلّ الصّهيوني

عُمَلاءٌ مَلؤوا قِرْبتـَها

من حوضِ الغربِ المأفونِ

نسجوا أثوابَ قبائلها

في لندنَ أوفي بكّـينِ

جعلوها ترقص لاهيةً

في أسوأ حفلٍ ماسوني

خدعوها بالوهم كثيراً

وبريقِ المالِ القاروني

الناقة والتَّيسُ لديها

أغلى من دِيـَةِ المسكينِ

في الأمة كنزٌ يابنتي

أَعظِمْ بالكنزِ المدفونِ

لكنّ العُمَلاءَ أقاموا

بالوهمِ جدارَ التَّوْهينِ

حالةُ أمتِنا يابنتي

تُبكي الأمجادَ وتُبكيني

لولا ما نحملُ من أملٍ

في الله بصدقٍ ويقينِ

لكسرنا قوسَ تصَبُّرِنا

وأقمنا حفلَ التّأبيـنِ

        - - -

يابنتي بالله اعتصمي

وإليه اتّجهي ، ودَعيني

وسوم: العدد 648