هرم الدهر
يوم نوديتَ بالرسالة عيدُ هرِم الدهرُ وهو بعد جديدُ
هو أسمى من أن يقاس ... فمن بعضِ سجاياه في الزمانِ الخلودُ
إنه الحقُّ ... من سوى خاتمَ الرُّسل يُرجّي زماننا المفؤودُ !!
عَظُمتْ حاجةُ الزمان لآسٍ وهو من عهد آدم الموعودُ
أنزل الله يا محمد " إقرأ " فإذا الكون خاشعٌ يستزيدُ
وإذا الدهرُ والأنامُ تلاقَوا لينالوا على المدى ما يفيدُ
وتوالى وحيُ السماء فما في الكونِ إلا مستبشرٌ وسعيدُ
الرسولُ الأمين جاء إلينا بالذي عاش يرتجيه الوجودُ
طويتْ صفحةُ الشقاءِ من الأرضِ ، وفكّت عن العقول القيودُ
جاهليات أمتي ردّها الله رشاداً مُذ أشرق التوحيدُ
فإذا شملُنا الشَّتيت كيانٌ ليس فيه إلا الحليمُ الرشيدُ
ودَّ كلٌّ لو يفتدي غيرَه بالروح ... فالروحُ في الفداءِ زهيدُ
حارت النائبات فيهم فما تدري إذا ما دهت من المقصودِ َ!
الألى آثروا الجميعَ على النفس ـ مع البؤس ـ حقُّهم أن يسودوا
نفحةٌ من هدي الرسول أتتهم فإذا العرب شعلةٌ ووقودُ
حملوا بعدها هموم بني الدنيا ... فساد الهدى ، وعمّ الجودُ
ما لغير الهدى وجود بني قومي ... وجلّ الهدى ، وجلّ الوجودُ
روّض اللهُ في نفوسهم الكِبرَ ، وأوحى إليهمو : أن سودوا
بلِّغوا هذه الرسالةَ للدنيا ، وعن شرع أحمدٍ لا تحيدوا
وعلتْ صيحة الجهادِ فيا بيدُ أفيقي ، وهلّلي يا نجودُ
وُلد العربُ فوق ظهر المذاكي واستقرت في كفِّ قومي البنودُ
كلما شاب في المعارك كهلٌ شبَّ في السّاحِ للكفاح وليدُ
أعشب الرّملُ حين مرَّ عليه جحفل الفتح ، وانتشت منه بيدُ
وبنا ادّارك العاولمَ ربي والسمواتِ ... فالوجودُ سعيدُ
حيثما شئتَ من هدانا منارٌ أينما سِرت من ندانا شهودُ
فاستنارت من هدي أحمد الدنيا ، وتاهتْ ، وأورق الجلمود
ما علمنا قبل الرّسول رياضاً بلظى البيد قلبها معمودُ
حبّة الرّمل في صحارى بلادي أصبحت الثغرَ ، واشتهاها الجيدُ
كيف لا ... والرمال عطرها الفتحُ ... وعطر الفتوح عطرٌ فريدُ !
فإذا مجدهم عزاءُ الليالي وإذا هم على الشِّفاهُ نشيدُ
ما أجدَّ الزمان في السعي إلا وله من سنا الرسول المزيدُ
كل شرعٍ إلا شريعته السمحةُ فيها الضيّاعُ والتعقيدُ
قد يحيط الإنسان بالكونِ عِلماً وهو عن نفسه جهولٌ ... بعيدُ
كيف يقوى على اختراع هداه جاهلٌ قدرُ نفسهِ محدودُ !
مجد قومي أضاعهُ اليوم بعدٌ عن سنا هدي أحمدٍ وجحودُ
فإذا الأهل فرقةٌ وعِداءٌ وإذا القومُ ظالمٌ ، وعبيدُ
قد أضعنا ذواتنا حين ضاع الشرع فينا ... فعمّنا التنكيدُ
أمَمُ الأرض قد تنادت علينا وحَّدت بينها ، وشدّت حقودُ
قد غزتنا مبادئٌ ودعاواتُ ضلالٍ يشيب منها الوليدُ
عبدوها يا رب ظلماً وجهلاً ودُعينا فكان منا الصمودُ
عيّرونا بأننا لك يا ربُّ دعاةٌ ، ووجهك المقصود
فعلى الجفن والعيون رقيبٌ وعلى النطق واللسان قيودُ
وإذا استُعذِبَ النعيبُ توارى خجلاً خلف كبره الغريّدُ
لهف نفسي أفي ثرى قدسِ قومي يزدهي اليوم غاصبون يهودُ !
المناكيدُ تحت أرصفةِ الدهر ، أتعلوا لهمْ علينا بنودُ !!
ربِّ عفواً يكاد يخنقني الدمعُ ... ودمعي ـ كما علمتَ ـ عنيدُ
ما دموعي يا ربّ إلا دعاءٌ علّك اليوم بالصلاح تجودُ
حزَّ في النفسِ أن ترانا حيارى دربُنا التيهُ ، والضلال البعيدُ
الأمانيُّ ... كلّ ما يملك العرب .. وأولى بالأمنيات قعيدُ
يصبغُ الوهمُ بالفتونِ أمانينا ، ويلهو بنا الخيال الشرودُ
اللّذاذات همّنا ومنانا وهوى النفس عندنا المعبودُ
ربّنا ضاعت العقيدة فينا فاحتوانا الضياعُ والتشريدُ
يلتقي الناس في الشدائدِ ، وازدادت خلافاتُنا ، وعزَّ الرشيدُ
العليمُ العليمُ فينا عليمٌ كيف يجتاحُ صحبَه ، ويصيدُ
وعلى أهله وكلُّ ضعيفٍ القويُّ الشديدُ فينا شديدُ
أوجع الداءِ جهلك الدّاء حتى لستَ تدري الأذى ، ولا ما يفيدُ
قد جهلنا حتى العدو من الصحبِ ، فسيّان ناصحٌ ، ولدودُ
وبذلٍّ نرجو الدواءَ من الداء فيأتي ... لكن كما لا نريدُ
سبَقتنا إلى الربيع السنونو واحتمى خلف والديه الوليدُ
وأضعنا الربيع والأب ، والأم ، وركناً هو الركين الوطيدُ
يا لبؤس الأجيال منّا إذا ما ذكر الأهلَ ، والجدود حفيدُ !
شُغل الناسُ بالحقائق والعلم فسادوا .. وهمَّنا التقليدُ
كل يومٍ لهم جديدٌ مفيدٌ وقصارى جهودنا الترديدُ
ألفَ حزبٍ وألف لا شيءَ صِرنا حينما لم يوحِّدِ التوحيدُ
الوعودُ الكبارُ عُدَّتنا الكبرى ، وخِزيٌ لدى النفير الوعودُ
الوغى حولنا جحيمٌ تلظى ومُنانا على الجحيم جليدُ
وإذا ملَّ نُصرة الحقّ سيفٌ فهو في صدر ربّه مغمودُ
ربِّ يا ربِّ هل نظلُّ حيارى بأسنا بيننا رهيبٌ شديدُ !!
تحصد الحرب كل يومٍ حصيداً من بيننا ... وللعدوِّ الحصيدُ !!
ليس بدعاً يا ربُّ ما نحن فيه طالما نحن للطغاةِ جنودُ !
اللواء المهزوز في قبضة الظلم على الأهل ... هزة رعديدُ
وإذا السيف لم يجرّد لرفع الظلم يوماً ... أذلَّه التجريدُ
ربِّ أرجو لأمتي منكَ هدْياً ربِّ منك الهدى ، ومنك الجودُ
ربِّ فينا الوجودُ كان سعيداً أويرضيك أنه منكودُ !
ربَّنا ردَّنا إلى دينك الحقّ ... وهيء لأمتي من يقودُ
ربّنا واجعل الخلاص قريباً فلقد طال في الكهوف الرقودُ
وسوم: العدد 650