بعيداً عن ضوضاء السجن وآلامه... يُحلق شاعرنا الطبيب في سماء التأملات الكونية, ويتفكر في إبداع الخالق في مخلوقاته, ويرسم لنا هذه اللوحة البديعة.
آيَاتُ ربِّك في الوجود كثيرةٌ=فاقرأ بقلبِك هذه الآياتِ
ما الكونُ إلا أسطرٌ وصحائفٌ=قد خَطَّها الخَلاقُ بالذراتِ
فافتحْ فؤادَك فالوجودُ يقول في=أبهى بيانٍ صادقَ الكلماتِ
أنشِئْتُ من عدم واني راضخٌ=لقضاء ربي مُحكَمُ الحركاتِ
هذي سَمائي لوحة قُدسيَّةٌ=رُسِمتْ بوجه البدر والنجمات
هل حادَ نَجمٌ مذ بَراهُ إلَهُهُ=عن دربه أو تاهَ في الظلمات
والبحرُ ماذا قد حوى في جوفِهِ=وبما عساهُ يبوحُ في الموجات
طوراً تراهُ مُزمجِراً بل تارةً=كالطفلِ يلهو برملةٍ وحصاةِ
والياسمينُ وكيف يصنع عطرَهُ=ولمن يبُثُّ العطرَ في النسمات
والغصنُ إذ يُسقى بماءٍ واحدٍ=ما بَالُهُ قد أنشَأَ الجَنَّات
أتراهُ سحرٌ قد سرى في جوفِهِ=حتى تَفتَّق أعجب الثمرات
هذي شَهيٌ طعمُها ومذاقُها=وبتَلكَ سُمٌّ قاتِلُ القطرات
ولمن تطرِّزُ يا فراشُ وترتدي=أبهى الثيابِ بأجملِ النقشات
والعنكبوتُ وكيف يصنع بيتهُ=والنحلُ هل يَستأذن الزهْرات
هذي عناوينٌ لبعضِ صحائفٍ=وسطورُ إعجازٍ وبعضُ عِظاتِ
من كان ذا لبٍ وقلبٍ مُبصرٍ=كانت له فيضاً من الرحمات
فاجنِ الخُشوع تذللاً وتقرُّباً=واستَمطرِ الرحماتِ بالعبراتِ