ضاق القصيد ، وملّني الإنشاءُ=والحرفُ غاضَ كما يغيضُ الماءُ
وجنازة الكلماتِ أبصرُ حزنها =بين اللغات ، وليس ثَمّ رثاءُ
عجزتْ أمامَ الدمّ سالَ أنينها=بحْراً ، و ريحُ فنائها هوجاءُ
أنّى يدندنُ شاعرٌ ذبُلَتْ بهِ =.سُحُبُ المُنى ، فجميعها عجفاءُ
خرَسٌ أصابَ حياته ، و فؤادُهُ=ظمآنُ لم يثبتْ له إرواءُ
يا ويحَ قافيتي التي يخبو بها=صوتُ الحياة ، وهدّها الإعياءُ
تفنى القريحة والقصائدُ حولها=مرضى ، فما يُرجى لهنّ شفاءُ
صرعى بأيدي الحادثات قتيلةٌ=إنْ أسمعتْ ، ما للورى إصغاءُ
رأت الردى ينهي حياةَ طفولةٍ=قد عُذبتْ لمّا طغى الجبناءُ
لما ثوى الخذلانُ بين ضلوعنا=قد مات حِسٌ بيننا و حياءُ
لمّا قضى الأشياخُ بين ظهورنا=جوعاً بسوريّا ، و عمّ الداءُ
في مِصْرَ ينتفش الطغاةُ وجوههم=فيها السرورُ إذا بكى البؤساءُ
تشكو الأسى كلُ المدائن والقرى=نادتْ كفاني من الأسى سيناءُ
سوريا و ليبيا والعراقُ حزينةٌ =ومن الدماء بحورُها الحمراءُ
أما عن اليَمن السعيد فلا تسلُ=يلهو بها الحوثيّ كيف يشاءُ
فِتَنٌ يلاحق بعضُها بعضاً وما =تخبو بنا نيرانها السوداءُ
عذراً إذا ملك السكوتُ قريحتي=فإذا بها بين الورى خرساءُ