رَباهُ
رَباهُ إني مذعنٌ وفقيرُ
متذلِّلٌ مِمَا جَنَيتُ كَسيرُ
تَتَزَاحمُ الآهَاتُ بينَ جَوَانِحي
والقلبُ فيهِ تبتلٌ وزَفِيرُ
فاغْفرْ إلهي كل ما أذنبتهُ
فالدَّمعُ من فرطِ الذُّنوبِ غَزيرُ
فلأنتَ أعظمُ من يجودُ بعفوهِ
وأنا المقِرُّ وشيمتي التَّقصيرُ
يا رب خُذ بيدي فإني مُبْحرٌ
عزمي بأغلالِ الذًّنوبِ أسِيرُ
آلاؤكَ العظمَى جَرتْ أنهارهَا
والنفسُ في فلكِ الشَّتاتِ تَدورُ
من للمسيءِ إذا رددتَ يُقِيلهُ
ولمَ القُنُوطُ ُوذُو الجَلالٍِ غفورُ؟
كُلُّ المعَاني تحت وجه ثَناءهِ
تجثو أمام جلالهِ وتَمورُ
مَهمَا كتبنَا في عُلاهُ قَصائداً
مشْبوبة ًيَتقاصرُ التعبيرُ
ملكُ الملوكِ وليسَ شئٌ مثلهُ
عَجزَ المصوِّرُ عنهُ والتَّصويرُ
لا تدركُ الأبصارُ كنهَ جلاله الْ
أعلى ولا يُحصي ثناهُ شَكُورُ
فوقَ السَّماواتِ العلىَ عن وصفهِ
يتقاصرُ التَّعظيمُ والتَّقديرُ
نورُ السَّما والأرضِ مالكُ أمرهَا
ما نَدَّ عن سلطَانهِ قطميرُ
ملكٌ تَعالى في الوجودِ مُهيْمنٌ
وبأمرهِ كُلُّ الوجودِ يُسيرُ
الأرضُ تَسجدُ والسَّماءُ ومابهَا
وإليهِ بعدَ وفاتِها سَتَحُورُ
فالكونُ في سُبحَاتِ نُوركَ قَائمٌ
وبكفكَ الأقدارُ والمقدورُ
لولاكَ ما انفطرَ الوجودُ ولا سَرىَ
في حَقلهِ الإبداعُ والتعميرُ
لولاكَ ما وُرْقُ الحمام بأيْكهَا
تَشْدو ويَرقصُ في الفضاءِ صُقورُ
ولمَا رأيْنا النهرَ شَقَّ فجَاجهُ
والموجُ في كَبدِ البِحَارِ يَثورُ
لولاكَ ما نَضَجتْ عناقيدُ الجَنى
ولما تفجرَ في الصُّخُورِ غَديرُ
والجدْولُ الرَّقْرَاقُ يَسري ضَاحكاً
وعلى السُّهولِ بشاشةٌ وسُرورُ
وسنَابلُ الوديانِ تُحْني رأسهَا
وعُيونُ وجْهِ الْمُعْصِرَاتِ مَطيرُ
لولاكَ لم تَغدُ الوهادُ نضيرةً
يُسبى بِحُسْنِ جَمَالهَا الشُّحْرورُ
أبداً ولا روح البَرَاري أنبَتَتْ
عُشباً وغَنّتْ فَوقهُنَّ طُيورُ
ولَما جَرتْ مِلْياَرُ ألفِ مَجرَّةٍ
وحُدَاؤها التَّسبيحُ والتَّكبيرُ
لولاكَ ما انْسلخَ النهارُ من الدُّجىَ
ولما تَبسمَ في الحياةِ عَبيرُ
لولاكَ ما انْفَلقَ الصَّباحُ ولاكَستْ
وجهَ الليالي الدَّاجِيَاتِ بدورُ
منْ أتْقنَ الإنسانَ ؟ قوَّمَ خَلقهُ
حسناً فمَا في الكائِناتِ نَظيرُ
يا من خَلقتَ الكونَ يَلهَجُ بالثَّنَا
كلُّ الوجُودِ إلى علاكَ يُشيرُ
فلك المحامدُ بامْتِدَادَاتِ المدَى
ما افترَّ ثَغْرٌ أو تَنفَّسَ نورُ
وسوم: العدد 671