من واحة السيرة النبوية

إن سيرة الرسول المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم هي دروس الحياة .. وأعظم هذه الدروس كان في غزوة بدر الكبرى !!

حلم قريش وخوفها على العير :

هبَّ مذعوراً من رؤى أحلامه

مستطار الفؤاد من آلامهْ

راعه الحلم أن عير قريشٍ

سوف تغدو سليبة في منامه

فتنادوا يا لَلْرجال وهبوا

ليزودوا عن مالهم وحطامهْ

وأبو جهل فرعونهم يتلوى

كالأفاعي من غيظه لانتقامهْ

نفرت فرسانهم فوق صخرٍ

تسبق الريح في بلوغ مراميه

تبعث الحقد في نفوس بنيها

ترسل الرعب في ذرى أوهامهْ

وتراءى الجمعان جمعٌ غويٌّ

مشمخرٌ يتيه في أحلامه

وفريق يدعو لخير سبيل

ينتشر النور والهدى في ظلامه

***

قريش ترسل رائدها عمير الجمحي :

أرسل القوم رائداً يكشف الأمرَ

ويجلو ما بيّتوا في الخلفاءِ

وعميرٌ قد عادَ نحو قريشٍ

يبدي لهم ضرباً من الآراءِ

قال عودوا من حيث جئتم فإني

أبصرتهم يبغون بذل الدماءِ

هم قليل عديدهم غير أن ..

الموت يبدو لديهم كالماءِ

رأي حزمٍ من فارس وخيبرٍ

بصروفِ الحروب والهيجاءِ

ساقه عمير إلى رؤوس قريشٍ

علهم يرجعون عن الأهواءِ

لكن القوم قد تناهوا غروراً

واستطالوا بطفرة الخُيلاءِ

أبصروا قلّة العدو فقالوا

سوف يغدو بحلةٍ حمراءَ

***

أسود المسلمين يتأهبون للجهاد :

ورد القوم بحر المنون عطاشاً

يجثم الموت في لظى المرهفاتِ

يذكر القوم كيف أن (قريشاً)

أخرجتهم في حالك الظلماتِ

شردتهم بعد أن أرهقتهمْ

بصنوف من الأذى مهلكاتِ

أبعدتهم عن المنازل كرهاً

هجّرتهم عن أرضهم في الشتاتِ

غادروا أم القرى وفروا بدينٍ

تركوا الأهل خوف بغي الطغاة

يذكر القوم كل هذي المساوي

من قريش والله فوق البُغاةِ

حاسبوهم كل حساب عسيرٍ

سددوا الطعن في الحشا واللهاةِ

أشبعوا الطير من لحوم طغاةٍ

وتقاضوا ما بينهم من تراثِ

صرعى الحرب :

وانجلى موقف الوغى بعد لأيٍ

وقريشٌ تشتتتْ في القفارٍ

ذا صريعٌ مضرّجٌ بدماءٍ

وأسير يجر ثوب الصِّغارِ

وفريقٌ لوى الأعنَّة يجري

يحمل الخزي في ثياب العارِ

و(أبو جهلٍ) خرَّ ميتاً .. كطودٍ

مشمخَرٍ أضحى من الآثارِ

***

وأتت بشرى انهزام قريشٍ

تسبق الريح ضمِخَتْ بعرارِ

والميامين يُغمدون سيوفاً

كتب النصر حدها بنضارِ

خطَّ أسد الوغى بحدِّ المواصي

آية المجد كُللت بالغارِ

فرح المسلمون بالنصر يوماً

كان بدءً لأمةِ الأطهارِ

***

يوم .. بدر :

يوم بدرٍ فصلت بين ضلالٍ

وبين هديٍ وعزةٍ وصمودِ

بين جهل وبين علمٍ ونورٍ

فاطمأنَّ الفؤاد بالتوحيدِ

غسلت موجةُ الهدى كل شركٍ

وأطاحت بنابهِ المحدودِ

وانتهت حقبةٌ تتباهى بكفرٍ

وبظلمٍ وخسةٍ وجحودِ

وانطوى بعدَ ذا علمُ الكفرِ

وأمسى للحقِّ خفقُ البنودِ

يوم بدرٍ أخَفْتَ كل كميٍ

ذي شموخ وفارس صنديد

يوم بدر أنت رمزٌ لشعبٍ

مطمئن بدينه المحمود

أنت أسُّ العلا وعقد فخارٍ

أنت طبُّ وبلسمُ المفؤود

أنت بدءٌ لأمةٍ تتباهى

بالمعالي وشرعة التوحيد

يوم بدر أنت عيدُ الأماني

ردّد الحق في صدى أنغامه

ذكرى وعبرة لأناسٍ

قد أضاعوا تراثهم في حطامه

لست أدري والكون فيه عظاتٌ

هل سنبقى فريسة لسهامه

ليس يرضى بحالنا غير غرٍّ

لا ولا ذو خسةٍ في منامه

فاستفيقوا يا قومنا وأعدّوا

ما استطعتم فالمرء رهن اعتزامه

يوم بدرٍ أنت أسُّ المعالي

غرس المجد في ذُرا العلياء

يوم بدر أنت إشعاع نورٍ

بدَّد الظلم في دجى الظَّلماء

يوم بدرٍ أنت ابتداءٌ لعهد

ظهر النصر فيه على الأعداء

يوم بدرٍ قد كنت درساً لجيلٍ

قد تخطّى مصاعب الجوزاء

أيها الشباب النضير المُفدَّى

بسمة الدهر في ربى أحلامه

أنت شبل الغُرِّ الميامين جدِّدْ

ما بنوه وأحفظْ حقوق زمامهْ

وسوم: العدد 673