قد تكتوي النارُ في ناري فتكويني = أو يرتوي النهرُ من نهري فيسقيني
أو يُنشدُ الطيرُ ألحانا ليَطرُبَني = فكلُّ لحنٍ لدى الأطيارِ تلحيني
وكلُّ أرضٍ بلا ماءٍ تناشدُني = فلي الغيومُ صديقاتٌ تُلبّيني
والبحرُ مثلي بلا خوفٍ أطوفُ بهِ = بُعدا خرائطُهُ ليستْ تُعاديني
قلبُ مليءٌ بحبَّ الخيرِ أُشهدُهُ = بأنّهُ فيهِ شيءٌ من مضاميني
لكنّهُ حينما قاسى بأروقتي = بعضَ الصدودِ وهجرٌ عنهُ يضنيني
أسكنتُ فيهِ أحاسيسي لعلَّ بها= ننجو جميعا ومن شوقِ المجانينِ
من مُهرِ أزمنتي أطلقــتُها لُغةً = حتى الحروفُ بلفظِ الحبِّ تُغريني
أسكتُّ في زمن النيرانِ بوحَ فمي = عاديتُ نُطقي و أوراقي وتدويني
مستسلما لقضاء اللهِ, يُنكرني = شعري وقافيةٌ نامت إلى حينِ
كطائرٍ مدَّ نحو الشمسِ أجنحةً = فاحترقَ الماءُ من وهجِ الجناحينِ
وعادتِ الأرضُ تغفو من مواجعها = واستسلم النورُ من حزنِ الملايينِ
في رحلةِ الموتِ أحلامي تطاردني = فأشتهي حُلُمي في كأسِ غسلينِ
يا أيُّها الوطنُ الموجوعُ أرَّقَهُ =ظلمُ السلاطينِ في كيدِ الشياطينِ
كم بايعوكَ على اللأواءِ يخلُفُهم = نقضُ العهودِ و هم سمُّ الثعابينِ
واستصرخوكَ جهارا كي تناصرَهُمْ= حتى أطاعوكَ في قتل الرياحينِ
عمرٌ يضيعُ مع الآلامِ من زمنٍ = تطفو عليهِ مساءاتُ المساكينِ
لم تنطفئْ في حياض القهرِ أزمنتي = ويُطفأ القهرُ من عزمٍ و من لينِ
أصورُ الحزنَ بالحرفِ السخيِّ فما = وجدتُ إلاّ لغاتي لا توافيني
أدمنتُ نزفَ جراحي وهْيَ مُدمنتي = نبكي كلانا على موتِ البساتينِ
حتى ظنّنا بأنَّ الشمسَ في كسَفٍ = طبعٌ لها وتعالى الّليلُ من جُونِ
بأيِّ أرضٍ يعيشُ الحسُّ في سعةٍ ؟ = يا أيُّها الوطنُ الدامي بسكينِ
كي تستريحَ ضفافي من هوى سفري = وتستريحَ رياحي من عناويني
وكم شراعٍ يطوفُ البحرَ مُغتصَبٌ = قد قيَّدوهُ بأخطارٍ وتأمينِ
يصارعُ الريحَ بصدرِ القهرِ تعرُكُهُ = هوجُ الرياحِ بلا رَوْحٍ وتسكينِ
لكنّهُ صابرا يقتاتُ من ألمٍ =علَّ الضفافَ ببعضِ الحُبِّ تأتيني
فتكتوي النارُ من مائي لتحرقني = و تلهبُ الشوقَ ذكرى مَنْ أضاعوني