هذه إحدى القصائد التي أرسلتها غيابياً إلى أخي بعنوان شَقيقَ الروح
أخي الصغير "مهند" الذي تركته وعمره سبعة أعوام حضر في زيارتي.. كم كنت شغوفاً به وكم أوليته من اهتمامي... كثيراً ما كنت أحلم به في سجني وأناجيه وأنظم له القصيد, وقد بلغ الآن أحد وعشرين عاماً...
انقضت طفولته ومدرسته كلُّها وأصبح في الجامعة.. أربعة عشر عاماً كاملة.. لم أره منذ ذلك الحين, وصار الآن كما كنت أتخيله شاباً في قدر الرجال.. عرفتُه فوراً, وكم كنت مشتاقاَ لرؤيته.. كان يحاول أن يضفي على اللقاء طابع المرح والدعابة, فيقول "يكفي في العائلة طبيبان, البلد بحاجة إلى سباك وبلاط ودهان".
شقيقَ الروح يا حُلُمَ الليالي=وأحلى ذكرياتٍ في خيالي
ذكرتُكَ يا أخي فاهتزَّ قلبي=وذوَّبَ أسطُري لهبُ المقالِ
فرُحتُ أخُطُّ من قلمٍ كسيرٍ=إليكَ رسالتي عَبر الجبالِ
سألتُ الريح والأطيار حملاً=لها, حتى وبكمَاءَ الجِمَال
ولا أدري تُراها هل سَتلقى=رسولاً,أم تضيع على الرمال!
تركتُك يا أُخَيَّ وأنت طفلٌ=وصرتَ اليومَ في قَدْر الرجال
وكنتُ بوقتِها نَضِراً فتياً=وهأنذا على شَفةِ الزوال
وبيتٌ كان للأحباب وِرداً=يغُصُّ اليومَ من فقد الغَوالي
تُخُطِّفنا اقتناصاً خطفَ لصٍ=وكلٌ صَار في وادٍ وحَال
فأصبَحنا:أخٌ منا شهيدٌ=وآخرُ تحت راميَةِ النِبَال
فأقدمْ يا أُخيَّ وكنْ جَسوراً=شقيقَ الليث يا نَسر المعالي
ولا تنِ في الجهاد ولا تخاذلْ=وجرحُ أخيك يدعو للنِزال
ألا وامسَحْ برفقٍ دمعَ أمي=إذا نظَرَتْ لكُتْبي أو خيَالي
وان تَرَها مع الأحزان ليلاً=تقومُ تضمُّ طاقِيَتي وشالي
وواسِ أبي وكنْ بَرَّاً مطيعاً=لَمُرضي الربَّ من أرضى الأهالي
وأختَاكَ اللتان هما بقلبي=كرانِيَتَينِ في وجه الغزال
فكنْ لهما عبادة أو صلاحاً=وذُدْ لهمَا بأطراف العَوالي
وفي سَجَدَاتك ادعُ الله كسراً=لأغلالي.... وحرقاً للحِبال
ولا تنسَ الشَهيدَ أخاً كريماً=قليلَ القول... مِفضالَ الفِعال
له الرحماتُ واسألْ لي ثباتاً=ولِلبَاقِينَ من صحبي وآلي