بمناسبة فك حصار حلب
يا أمةً مَا يَزالُ المجدُ في دَمها = يجري، وإن جَرّهَا للذلِ غَاويها
ملاحمُ الشامِ سُحْبٌ سوف تمنحنا = غيثًا مِن الهمةِ الكبرى غواديها
ملاحِمُ الشَّام تجري في رَوابِيها = حرباً تُؤجَّجُ في شتَّى نواحيها
تَجرِي بِحاراً مِن الأحدَاثِ مَائجة = تَكادُ تغمرُ دُنيانا دَوَاهِيها
تَجرِي أَمامَ عيونِ النَّاسِ بارزةً = قَد أشْبهتْ مَا بَدا مِنْها خَوافِيها
ملاحمُ الشَّام تفسيرٌ يُعلمُنَا = مِن الأحاديثِ مَا تَخفى معَانِيها
رِسالة مِن إِلهِ العَرشِ تُنذِرُنَا = منَ الأعادي التي تعدُو عَوادِيها
وللبشارةِ فيها مَا يبشِّـرنا = َبأنَّ أمّتـنا تصحُو غَوافِيهَا
ملاحمُ الشَّام تمهيدٌ لملحَمةٍ = كُبرى على مُستَوى الدُّنيا وَمَا فِيها
تُلملِم الشمل في مِصر الإباءِ وفي = بَغدادِنا وتُباري مَن يُباريها
وتَبلُغُ المغربَ الأقصَى بَشائِرُها = يطوي بِساطَ الهوى والوهمِ طَاوِيها
وَتَرسُمُ اليَمنُ المحبوبُ خارطةً = خيوط حاضِرها شُدت بماضِيها
تبشرُ المسجدَ الأقصى بملحمةٍ = تحرِّكُ الأرضَ قاصيها ودَانِيها
ملاحمُ الشَّام أبوابٌ مفتّحة = على انتصارٍ كبيرٍ في مَغانيها
فيها برغم مآسيها وقسوتها = بشارةٌ سوف تُنسيِنَا مَآسيها
تجمعتْ في ربوعِ الشامِ ألْويةٌ = للرومِ والفرسِ قد بَانت مَرامِيها
شواطيءُ البحرِ فِيها كل حاملة = للطائراتِ بها ضَجّت مَراسيها
والأرضُ في شامِنا الميمونِ قد جَمعَت = مَا يثقل الأرضَ مِن أعدَى أعاديها
لكنها جَمعَت أَبطالَ أمتِنا = كَأنهم فَوقها إِحدى رَواسِيها
ملاحم الشام للأمجاد نافذة = وأخسرُ الناسِ فيها مَن يُجافِيها
تهزُّ غوطتها أحداث دابقها = هزاً سيرفع فيها شأنَ حَامِيها
لا تسألوا حمصها عن ليل حسرتها = لكنْ سَلوا فَجرها لما يُوافيها
سلوا دمشق وريفا قد أحاط بها = عن روضها حينما تجري سواقيها
ولتسألوا حلبًا عَن صرحِ عِزتها = لما يُنادي بما تهوى مُنادِيها
لا تسألوا قسوةَ الباغي وخسّتَه = لا تَسألوا فِرقَةً بَانت مَخازِيها
سلوا رُبى الشام أعلاها وأسفلَها = ماذا ستحمِلُ من خيرِ أياديها
كأنني بجيوشِ الغاصِبينَ رَمَى = بها إلى خيبةِ الإذلالِ رامِيها
الفرس والروم والحزب الذي ذَهبَت = بِهِ إلى الموتِ أحقادٌ يُواريها
وكلُ طائفةٍ بَانت مَطامِعُها = وكُلّ مَن بَات من قومي يُوالِيها
وكُل من خَدعوا شامَ الإباءِ ومن = تَاهت قوافلُهم فيها وحادِيها
كأنني بهم ارتدَّت جحافلهم = يذوقُ رائحها ما ذاق غَادِيها
إني أرى فرقَ الإلحادِ جاثيةً = على طريقِ الرَّدَى، يا قُبحَ جَاثيها
إني أراهم كأعجاز النخيل هوى = فيها على ساحةِ الإذلالِ خاويها
كأنَّني برياح الذل تطمرهم = بِما تسُوقُ إليهِم من سُوافِيها
نعم، ملاحم شام العز تُحزننا = ولا غرابةَ أن تبكي بَواكِيها
فالخَطبُ فيها كَبيرٌ والقلوبُ بها = وجِيبُها من جراحات تعانيها
قتلٌ وهدمٌ وتشريدٌ وطائفةٌ = بَغَى على شَامنا الميمونِ بَاغيها
لكنها في طَريقِ النصرِ ملحمةٌ = كُبرى سينشد لحنَ النصرِ شاديها
بُشرى لمصرَ وللشامِ الأبي ويا = بشرى لبغدادِنا فالخيرُ آتيها
يا أمةً مَا يَزالُ المجدُ في دَمها = يجري، وإن جَرّهَا للذلِ غَاويها
ملاحمُ الشامِ سُحْبٌ سوف تمنحنا = غيثًا مِن الهمةِ الكبرى غواديها
ملاحمُ الشَّامِ تمحو صفحة كتبتْ = فيها مذلتنا، تمحو حواشيها
وتكتبُ المجدَ أسفارا مسطَّرة = حروفها بدماءٍ فاح زاكِيها
غداً أذكِّركم بالنَّصرِ تُعلِنُهُ = قصيدتي وبهِ تَشدو قَوافِيها