قبسٌ من شعلة الأبدية
في الظّلمَةِ ذاتِها..
يقبعُ الصّمتُ الذي يَجتاحُنا،
ويُطبِقُ على عُنُقِ الصّباحِ الذي رُحتُ ألتحمُ بهِ؛
يحرِّرُني وأحَرِّرُهُ مِن خُرافاتِنا المُتَراكِمَة؛
نأخُذُ مِن جُنونِنا ما يَلزَمُ لِتَرويضِ ارتِعاشاتِنا؛
كَيما تَكفَّ بَراعِمُ الموتِ عَنِ النّهوضِ على جُنون صِفاتِنا؛
وتَتَراجَعَ شَيخوخَةُ النّشيجِ عَن سَحبِنا نحوَ هاوِيَةِ الضّغينَة.
في الظُّلمِ الأشدِّ عُمقًا...
تَزحَفُ قَناديلُ وَعيِنا...
نَأخُذُها وتَأخُذُنا لِمَنطِقَةِ التّبَأوُرِ الطّاغِيَةِ للبُروق..
قد تُدرِكُ، أو لا تُدرِكُ لَحظَةَ السُّطوعِ المُتَحَقِّقِ مِن مَوتِنا،
ولكنّها تَستَفيقُ على زَحفِ الغُيومِ الحُبلى بِشوقِنا الأبدِيِّ للصّيرورَة؛
يَبعَثُ شَرارَةَ يَقظَتِنا المُتعاقِبَةِ على مَرايا التّاريخ..
نَجتازُ صَدانا الواهِنِ نحوَ سُهولِ السّعيِ النّاهِضِ غِمرَ مزايا،
حيثُ يُعيدُ الحَبُّ الحَياةَ لِلَحظاتِ إحساسِنا الهارِبَة.
وصَيرورَةَ الفَجرِ مَحمولَةً على أكُفٍّ مِن نيرانِ وجدانِنا ..
نَحضُنُ الزّمَنَ ويَحضُنُنا...
قَبَسًا في شُعلَةِ الأبَدِيَّة.
ويُشرِقُ الحُبُّ مِن خَواتيمِ أعمالِنا.
فَتضيقُ نافِذَةُ الرّيح..
يَخلُدُ رمادُ الذِّكرى الموغِلَةِ بالوَجَعِ إلى بائِدات ظُنونِنا..
تَصحو سَحائِبُ صَبرِنا...
تَنفُضُ عُمرَها المَكنوزِ
يَنتَصِبُ سَنابِلَ
تُحَفِّزُني عَلى انتِشالِ الخَصبِ مِن فُوَّهاتِ بَراكينِنا العاطِلَة.
لا لَيلَ في اللّيلِ حينَ تَصيرُ خُطانا شُهُبا...
ونَكُفَّ عَنِ استِراقِ السّمعِ عَبرَ نَوافِذِ الصُّدفَةِ؛
مُصِرّينَ على انتِظار ما لا يَاتي؛
وصَبرُنا فَراغٌ يَمتَصّهُ الفَراغُ...
ويَكُفُّ العُمرُ عن أن يَكونَ لحظَةً مَطحونَةً بينَ الصّمتِ والمَوت..
كَم عِشنا تُقنِعُنا الأغلِفَةُ الشّفيفَةُ للسَّرابِ!
والرّيحُ تَسفَحُ رَجاءَنا عَلى عَتَباتِ القُصور..
وتَأخُذُنا إلى صَيفٍ لا تُجاوِرُهُ البيادِر..
نَركُضُ خَلفَ ما لا يُرى!
لِنَسقُطَ في الفَراغِ السَّحيقِ..
لِماضٍ نَفانا عَن شَمسِهِ.
لافِظًا أحلامَنا اللّاهِثَة
ونَحنُ نُصارِعُ أشلاءَنا..
نَروحُ إلى بارِقاتِ الصّقيع.
نَتَسابَقُ إلى اللّحظاتِ المهدورَةِ مِن وجودِنا..
وكُلُّنا يَتَنَفَّسُ في هاوِيَة؛
كَمن أنجَبوا عُذرَهُم واستَراحوا!
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
وسوم: العدد 682