قِبلَةُ لِصَلاةِ الجِنازَة...
(قصيدة لزومية: فن لزوم ما لايلزم)
كنت قد نشرت نتفة من هذه القصيدة منذ أيام, والآن أنشرها كاملة :
اللَّيلُ وَالمَنفَى زِنادا عِلَّتِي
وَالجُرحُ أَكبَرُ مِن ضِمادِ تَعِلَّتِي
*
وَالصَّرخَةُ الشَّعواءُ أَعرَضُ مِن فَمِي
وَالدَّمعُ أَوسَعُ مِن مِساحَةِ مُقلَتِي
*
يا أَيُّها الوَطَنُ المُعَتَّقُ فِي دَمِي
شِعرًا يَغُزُّ حُشاشَتِي بِمِسَلَّةِ
*
يا أَيُّها البَدرُ المُمَزَّقُ فِي الدُّجَى
لِكَواكِبٍ وَنَيازِكٍ وَأَهِلَّةِ
*
خَمسٌ؛ وَما زالَ النُّزُوحُ مُضَرَّجًا
تَجتاحُ عُمرِي كَالفِرِندِ المُصلَتِ
*
وَكَأَنَّما البُركانُ أَمطَرَنِي بِها
حِمَمًا! وَجِلدِي المُستَباحُ مِظَلَّتِي!
*
مُتَعَثِّرًا أَمشِي عَلَى عُكَّازَةٍ
فَصَّلتُها مِن خَيزُرانَةِ ذِلَّةِ
*
فَتَكَسَّرَتْ بِالواقِعِ الوَحشِيِّ, فارْ
تَطَمَتْ عَلَى صَخرِ الحَقِيقَةِ غَفلَتِي
*
يا مَوطِنِي؛ وَالذَّبحُ فِيكَ مُؤَدلَجٌ
بِطَرِيقَةٍ عَبَثِيَّةٍ مُنحَلَّةِ
*
أَوَ كُلَّما انفَضَّ الطُّغاةُ بِحَملَةٍ؟
عادَ الطُّغاةُ لِيَغصِبُوكَ بِحَملَةِ!
*
أَوَ هَكَذا مَبغَىً هِيَ الدُّنيا؟ وَما
كُنَّا نَرَى مِنها خَبِيثَ الخِلَّةِ!
*
لِلمَوتِ نَكهَتُهُ المَرِيرَةُ ذاتُها
تَحتَ المُدَى, ما المِدفَعِيَّةُ فَلَّتِ
*
فَالكُلُّ يَقتُلُ خَلفَ كُلِّ ذَرِيعَةٍ
وَبِدُونِ أَشهادٍ, وَدُونِ أَدِلَّةِ
*
بِالدِّينِ, بِالحُرِّيَّةِ الحَمراءِ, بِالدّ
دُستُورِ, بِالوَطَنِ الذَّبِيحِ بِدَولَةِ
*
بِالرُّعبِ, بِالتُّهَمِ المُسَبَّقَةِ التِي
وَلَّى الزَّمانُ, فَما لَها ما وَلَّتِ
*
مِلَلٌ تَقاذَفُنِي, وَلَستُ مُؤَمَّلًا
بَينَ العَبابِيدِ الدَّمِيَّةِ مِلَّتِي
*
تَلُّوكَ رَغمًا لِلجَبِينِ, وَذِبحُكَ اسْـــ
ـــتَلقَى, وَلَكِنَّ الخَناجِرَ ضَلَّتِ!
*
فَمِنَ التِي أَمَّنتَ ظَهرَكَ! وَالتِي
أَعطَيتَ صَدرَكَ! وَالتِي! ثُمَّ التِي!
*
ما كُنتِ- يا أَرضَ الشَّآمِ- زِيادَةً
أَبَدًا, وَلَكِنَّ العُرُوبَةَ قَلَّتِ
*
تَرَكُوكِ لِلذُّؤبانِ, وَاقتَسَمُوا القَمِيـــ
ـــصَ, وَراوَدُونا بِالصُّواعِ وَغَلَّةِ
*
يا أَيُّها التَّأرِيخُ؛ وَالدَّمُ قائِمٌ
بِجِنازَةٍ لِلياسِ... خَلفَ الفُلَّةِ
*
أَقِمِ الصَّلاةَ, فَإِن أَضَعتَ تُجاهَها
فَالشَّامُ- مِن حَولَيكَ- أَرضُ القِبلَةِ
وسوم: العدد 688