تناهى إلى سمع لقيط بن يعمر الإيادي وهو يعملُ كاتبًا في دواوين كسرى: أنَّ كسرى سيغزو إيادًا قومه فكتب قصيدة من أجمل القصائد يُحذِّر قومه فيها من كسرى ونواياه في غزوهم. كتب الشاعر القصيدة ووضعها في كتاب، وعنونه بالعبارات التالية:
كتابٌ من لقيط إلى مَن بالجزيرة من إياد، بأنَّ الليث كسرى قد أتاكم فلا يشغلنَّكم سوق النقاد. وهذه بعض أبيات هذه القصيدة:
و ما أشبه الليلة بالبارحة، جادت قريحتي بهذه الأبيات أحذر قومي من كسرى هذا العص سائلاً المولى عز و جل أن يدحر المسلمون الغزو الفارسي الغاشم لديارهم عما قريب
تحذير الغافلين من مكر الفرس المجرمين
* الشَّحْط: البعد. الضِيَع: جمع ضيعة: أرض ذات غِلَّة. قرية.
** قُنُع: جمع قناع.
*** الولِع: شديد التعلق.
شروا: باعوا. المَنِع: المنيع.·إشارة إلى المثل الشائع: "أكلت يوم أكل الثور الأبيض".··عرَض: متاع الدنيا و حطامها.الجَذَع: الشاب الحدَث. الأسد.
أَبْلِغْ إِيَادًا وَخَلِّلْ فِي سَرَاتِهُمُ= إِنِّي أَرَى الرَّأْيَ إِنْ لَمْ أُعْصَ قَدْ نَصَعَا
يَا لَهْفَ نَفْسِيَ أَنْ كَانَتْ أُمُورُكُمُ= شَتَّى وَأُحْكِمَ أَمْرُ النَّاسِ فَاجْتَمَعَا
أَحْرَارُ فَارِسَ أَبْنَاءُ الْمُلُوكِ لَهُمْ=مِنَ الْجُمُوعِ جُمُوعٌ تَزْدَهِي الْقَلَعَا
فَهُمْ سِرَاعٌ إِلَيْكُمْ بَيْنَ مُلْتَقِطٍ= شَوْكًا وَآخَرَ يَجْنِي الصَّابَ وَالسَّلَعَا
فِي كُلِّ يَوْمٍ يَسُنُّونَ الحِرَابَ لَكُمْ= لاَ يَهْجَعُونَ إِذَا مَا غَافِلٌ هَجَعا
لاَ الْحَرْثُ يَشْغَلُهُمْ بَلْ لاَ يَرَوْنَ لَهُمْ=مِنْ دُونِ بَيْضَتِكُمْ رِيًّا وَلاَ شِبَعَا
وَأَنْتُمُ تَحْرُثُونَ الْأَرْضَ عَنْ عَرَضٍ= فِي كُلِّ مُعْتَمَلٍ تَبْغُونَ مُزْدَرَعَا
مَا لِي أَرَاكُمْ نِيَامًا فِي بُلَهْنِيَةٍ=وَقَدْ تَرَوْنَ شِهَابَ الْحَرْبِ قَدْ سَطَعَا
فَاشْفُوا غَلِيلِي بِرَأْيٍ مِنْكُمُ حَسَنٍ= يُضْحِي فُؤَادِي لَهُ رَيَّانَ قَدْ نَقَعَا
قُومُوا قِيَامًا عَلَى أَمْشَاطِ أَرْجُلِكُمْ= ثُمَّ افْزَعُوا قَدْ يَنَالُ الْأَمْرَ مَنْ فَزِعَا
صُونُوا خُيُولَكُمُ وَاجْلُوا سُيُوفَكُمُ=وَجَدِّدُوا لِلْقِسِيِّ النَّبْلَ وَالشِّرَعَا
لاَ تُثْمِرُوا الْمَالَ لِلْأَعْدَاءِ إنَّهُمُ=إِنْ يَظْفَرُوا يَحْتَوُوكُمْ وَالتِّلاَدَ مَعَا
مَاذَا يَرُدُّ عَلَيْكُمْ عِزُّ أَوَّلِكُمْ= إِنْ ضَاعَ آخِرُهُ أَوْ ذَلَّ واتَّضَعَا
يَا قَوْمِ بَيْضَتُكُمْ لاَ تُفْجَعُنَّ بِهَا=إِنِّي أَخَافُ عَلَيْهَا الْأَزْلَمَ الْجَذِعَا
يَا قَوْمِ لاَ تَأْمَنُوا إِنْ كُنْتُمُ غُيُرًا =عَلَى نِسَائِكُمُ كِسْرَى وَمَا جَمَعَا
هَذَا كِتَابِي إِلَيْكُمْ وَالنَّذِيرُ لَكُمْ= فَمَنْ رَأَى مِثْلَ ذَا رَأْيًا وَمَنْ سَمِعَا
لَقَدْ بَذَلْتُ لَكُمْ نُصْحِي بِلاَ دَخَلٍ= فَاسْتَيْقِظُوا إِنَّ خَيْرَ الْقَوْلِ مَا نَفَعَا
أبْلغ لقيطاً إن الكيد قد جمعا=كسرى و قيصر و الساقِينَ منه معا
للَّهِ درُّ لقيطٍ هاجه حَزَنٌ=فما يزال على أقوامه فزِعَا
و ما يزال على شَحْطٍ يُؤَرِّقُهُ=ما قد يصيبُ بيوتَ العُرْبِ و الضِّيَعَا*
مهلاً لقيطُ أَمِنْ كسرى قُرونِكَ أم=كسرى قرونِ الدجى نسْتصرِخُ الضَّبُعَا؟؟
مجوسُ كسرى يسنُّونَ الحرابَ لكم=و اليوم يَرْموننا من نارهم شِيَعَا
يا ليت شعري وَعَيْتُ النصحَ في يَفعٍ=فلا أحابي من الأحفادِ من تَبِعا
و لا أُوالي من الفساق من ولغوا=في عِرْضِ أسوتنا مُسْتَغْشِياً قُنُعا**
إِنِّي شُغِفْتُ بحب الآل ما خفقت =في مُهجتي خافقات الحُبِّ مُنْصَدِعَا
و هل أجابتْ إيادٌ يا ابن يعمر ما=يشفي الغليلَ و يروي الصادِيَ الوَلِعا***
فإنَّ قومي سَلَوا عن شَأْنِهِم و شَرَوا=حِرْزَ التِّلاد و حِرْزَ النسوةِ المَنِعا·
المال و الزرع أضحى رأس غايتهم =من أجله الغايةُ العظمى و ما جُمِعَا
يا أهل مكةَ هل من عارفٍ فَهِمٍ=يجلو السيوف و يحيي الدين و الوَرَعا
أما أذابَ قلوبَ الأكرمين بكم=كيدُ المجوس بأَرْضِ الشام مُجْتمِعا
يا من تبيتون في نَجْدٍ بلا وجلٍ=هل سَرَّكم من حديث الثَّوْرِ ما سُمِعا··
هل ترتجون المنى إن شامُكم أفَلتْ=أو تأملون الهدى إن قُطِّعت قِطَعا
أحفادَ عمروٍ بوادي النيل دُونَكمُ=قوماً تنادوا بما نادى العلا و سَعى
هل تُسْلِمون ليوث الشام عن عَرَضٍ=لا تفزعون و هذا الذئب قد رتعا···
يا طَيِّبَ التُّرْكِ في جَيْحانَ أنت لها =إن كان مُعْتصمٌ يُرجى لمن هَلِعَا
أدرك بلادك إن الأمر جِدُّ طغى =فالفرس ماجت على أمصارنا طَمَعا
أَسْمِعْ لقيطُ و أعلنْ في ذُرَا حَلَبٍ="يا مسلمون هلموا نفتدي الجَذَعا"§
"قوموا قياماً على أمشاط أرجلكم=ثمَّ افزعوا قد ينال الأمْنَ من فزِعا"