حديث إلى الوطن
وطني أيا هذا الذي ملكَ الجوارحَ والفؤادْ
ما لي أراكَ وما أفقتَ من المتاهة والرقادْ
أين انبعاثكَ بالحضارة والنضارة والجهادْ
ماتت خيولُكَ في مراعي الذلّ وانتحر الجوادْ
*****
يا أيها الوطنُ الذبيحُ المستباحُ و مَن فَدـاكْ
إلا كتائبُ عزةٍ ترجو الكرامة في عُلاكْ
تاقتْ إليكَ معظَّماً ، ولربّما يوماً تراكْ
تهوى العلا ، فأبيتَ إلا أن تسيرَ على هواكْ !!!
*****
أوَ قد رماكَ الذلُ في زمنٍ به طغت الخطوبْ
أم قد علاكَ القهرُ يطوي كل خيرٍ في القلوبْ
فإذا رجال الحق فيكَ مشرَّدون بلا ذنوبْ
وهمُ المنارةُ للبوادي والحواضر والشعوبْ
*****
ليسوا هنا بل هم هنالك في السجون الداجياتْ
همْ تحت آلام السياط النازفات الدامياتْ
قد جُرّعوا كأس المرارة عازمين على الثباتْ
وتشرّبوا بالحق صبراً ذاك إحدى المعجزاتْ
*****
يا أيها الوطنُ المغرّدُ للهوان و للقيودْ
قد كان حبّكَ ياحبيبي في فؤادِي بلا حدودْ
وأنا المكابدُ ما بدا لي منكَ من أثر الجحودْ
لكنّ روحي لم تزلْ تدعو بعزّكَ في السجودْ
*****
أتُراكَ لمْ تكُ قاصداً لي ما أراهُ من الأسى
أم أنّ ظلمَكَ قاتلي قهراً غبياً يُحتسى
أنا قد كسوتكَ حُلة الحبّ الوفي ومَن كسا
أمسى الجفاءُ نصيبَه الأوفى ليصبحَ مفلسا
*****
وأنا المطارَدُ من كلابكَ كلّ يومٍ يُستباحْ
ديني وعرضي ، والكرامة تشتكي نزفَ الجراحْ
هبّتْ عليّ مكارهٌ عصفتْ بآمالي الرياحْ
والليلُ في غسق الدجى ألقاهُ ينتظرُ الصباحْ
*****
يا أيها الوطنُ الذي تشدو على أوتار جوعي
وأراكَ تضحكُ هازئاً مني إذا سالتْ دموعي
وإذا أبيتُ الدهرَ ما ترضاه من ذل الخضوعِ
فدمي حلالٌ في ترابكَ ثمّ تركيع الجموعِ
*****
سأظلّ أحلمُ عازماً حتى وإن طالتْ حياةْ
أن أستعيد كرامتي حتى وإنْ كَرِهَ الطغاةْ
عبدٌ أنا لله أعلنُ كل يومٍ في الصلاةْ
قسماً فلن نحني لغير الله خالقنا الجباهْ
وسوم: العدد 702