إلى المتشرّد الشّاعر التونسيّ كمال الغالي
إسفلتُ هذي الشّوارعِ
ــــــ ومهما قَتُمْ ــــــ
لن ينفي عنّا بعض النّخيلِ
والزّياتينِ
بعضَ الجبالِ
وبعضَ الرمالِ
وإن قد عُدِمْ .
صُبُّوا لي كأسا
لن أخشى بَأسا
صُبُّوا لي كأسا .. لأحلم …
في كلِّ رُكنٍ هناكَ حديقَه
وبعضُ الحقيقَه
وإن لم تُلِمْ ،
في كلِّ ركنٍ هناكَ صديقٌ
هناكَ صديقَه
تحاكيكَ جهرا
أو تبتسِمْ ،
في كلِّ رُكنٍ
هناكَ أملْ
ولو أنَّ حُلْمَكَ لم يَكْتَمِلْ .
تجوبُ شوارِعَ هذا البلدْ
وتخشَى زُقاقَهْ
ويَأخُذُكَ العونُ
إذ لم يجِدْ لديكَ بطاقَه
فمن يَسألُ عن غَريبٍ شَرَدْ
غيرُ رفاقِهْ ؟
قلتَ الغريبْ ؟!
لماذا الغريبْ ؟!
لأنَّ الإشاعاتِ قالتْ
بأنّي اهترأتُ بكُثرِ السّفرْ
وأنَّ اشتياقي
وراءَ انزلاقي
في بعضِ الحُفَرْ
وأنَّ ضياعي
بخُلْوِ القلاعِ
قد يَنصهرْ …
فلتخلُو كلُّ القلاعْ
وليُسلخ العشقُ ثمَّ يُباعْ
وليتساقطْ كلُّ الرفاقِ
يكونُ التَّلاقي
متى الفعلُ يَثبُتُ أو يَنتصرْ .
تشهدُ كلُّ العواصمِ كلُّ المدنْ
كيف تحوّلتَ بالطائراتِ
أو بالسُّفُنْ ،
ثمَّ تشرّدتَ
حتى تفرّستَ عمقَ المحنْ
ولم تنزوِ …
إنَّ الزنازينَ تشهدُ لكْ ..
تشهدُ لي ..
لنا كلّنا …
كيف حُرمنا
زئرنا
سُجنّا
هَجرنا الدِّيارْ ،
إنَّ الرصاصاتِ تشهدُ لكْ
تشهدُ لي
لنا كلّنا
كيف انطلقنا
ثَبُتنا
صمدنا
ودون انتصارْ ،
ولكنَّ كلَّ الوقارْ
أن تَلتحمْ
أن تنتقمْ … من الإنهيارْ .
ولا تبكِ يوما
لأنَّ الرفاقَ رَمَوْا بالسِّلاحْ
فتاريخُ حربٍ لن ينتهي
بشُغلٍ
وبيتٍ
وبعضِ ارتياحْ .
طموحُ الشّعوبِ
تحتَ الرمادِ الذي لا يُضاهِي
هبوبَ الرياحْ .
وكلُّ الأراجيفِ لن تصمُدَ
أمامَ أشعّةِ نورِ الصباحْ
وسوم: العدد 706