أيَا وَشمًا بِحرفِ النارِ في صَدري
وفي إغفاءةِ الذِّكرى على سُرُرٍ مِن النِّسيانْ
أعودُ إليكِ مخذولًا يؤرِّقُني صدَى الحِرمانْ
أنا مِنْ صُلبِ أشواقٍ إلى السُّقْيا، إلى التَّحنانْ
أنا الثمرةْ .. أنا البذرةْ
أعودُ إليكِ ضُمِّيني
سأذوي.. مَن يُداويني؟
فَحيحُ الجَمرِ حين الماءُ يغمُرُهُ
يُطرِّزُ وَعيَ مَن رَحلوا ومَن عَبروا
وما صَبروا
على وحشيَّةِ الصحراءِ أو قَدَريَّةِ العطشِ
ورَجَّعَتِ الفَلا شوقًا إلى المطرِ
أيا بِئرًا بِلا دَلْوٍ، وأنتِ الماءُ
والدنيا بلا ماءٍ هي الأوهامْ
أأنتِ خيانةُ الأرزاءِ تجلدُني:
فلا شجرٌ، ولا ظلٌّ، ولا عُشْبٌ، ولا طَلٌّ
وقافلةٌ تسُدُّ الأفْقَ، تحجُبُ فجرَ أيامي
أُهاجِرُ منكِ أو فيكِ أيا صحراءَ آلامي
أيا وشمًا بحرفِ النارِ في صدري
وفي حَتميةِ المنفَى يُمازجُني احتضارُ الشمسِ والقمرِ
ومِن شُرُفاتِه تبدو فضاءاتٌ لعجزٍ يرفضُ التأويلْ
تُلَوِّحُ لي أكُفٌّ هاجَرت منها أصابعُها،
تُشيرُ إلى الغَدِ المجهولْ
أيا دمعًا بحجمِ الليلِ.. يا قدَري
وما زالتْ تُطاردُني على سفحِ المُنى ريحُ الضَّنى المغزولْ
فكيف مسافةُ الأشواقِ أُلغيها، أُعانقُ حُلمِيَ المأمولْ؟
وآنَ ممالكُ الغيماتِ تفتحُ بابَ غَيمتِنا،
وتَأذَنُ للهوى بهطولْ،
أبوحُ بسرِّ أسراري؛
يذوبُ الصخرُ عند شواطئِ البُركانْ
أُحبُّكِ يا شذى أزهارِ وادي الجِنّْ
-غُموضُ الكَونِ عَاقَرَها فباتت في العَراءِ تَئنّْ-
لِينداحَ الشَّذى منها مع الأنَّاتِ أُحْجِيَةً تجوبُ الكَوْنْ
وكَمْ للجِنِّ مِن شرفٍ
إذا اشتعلتْ خُصومتُهم مع الأبناءْ
وإنْ رفعَت عقيرتَها طيورُ البَغيِ تَحدوها
مزاميرُ الغَوَى التَّتريِّ؛
مَرَّ النَّصلُ بين الدَّاءِ والأصداءْ
أأُخفي السرَّ والفنجانُ يرصُدُني
وفي كفِّيْ خطوطُ الوَجْدِ ترفِدُني
وأسْتَسْقي على عُمْري
عُقودًا في تمائمِها تعاويذُ انكسارِ الحُبّْ؟!
***
سيأتي القَطْرُ بعد مَواسمِ التَّشجيرِ والتعميرِ، فاعتبري
وبعد الجَدْبِ تَنْضُرُ واحةُ الرَّحماتْ
وتلك مَضارِبُ الأغرابِ فاصطبري
ولا تُهدي الرمالَ جَنينَ أسراري؛
يمُتْ في الرَّملِ حبٌّ عاشَ بالصلواتْ
خَلاصُكِ باتَ موسومًا بعُمقِ الجُرحِ في صدري
فَضُمّيني .. أيا نخلاً تَبَرَّأَ من حنينِ التَّمْرْ
أنا المَجبولُ مِن دِبْسٍ، ومِن شَجَنٍ، ومِن أمْسادِ ليلِ القهرْ
تَماهتْ في شراييني وُرودُ الوَعدِ بالعِرفانْ
ولُفَّ الحبلُ –ظالِمَتي-على عُنُقي.. فلا غُفرانْ
وسوم: العدد 706