أيا رفيقي في الدُّروب ألا فقفْ= حتّى نُلـِمَّ بما جَرى في المَحْفل ِ
فتلاحظَ الوجهَْ القبيحَ لعالـَم = على صفيح في الجحيم مُنزّل ِ
فرأيتَ أنّ الغربَ ناء بثـقـْـله = وقضى على جُهْد الصّلاح بمُنْصل ِ
ورأيتَ أن الشرقَ هدّ حُصونه=ورمى الصَّغارَ على شُفوف الحَنْبل ِ
ووجدْتَ أنَّ الحال زاد مرارةً=لمّا اختلى قمرَ السَّماء بمِقـْصَل ِ
فإذا الطغاةُ تدثروا بعروشهم= ورَقــَــوْا حماها بكلّ مَعْنٍ سَلسَل
أما الشّعوبُ فلُقِّنتْ سُبلَ النّوى=وكؤوسُها مُزجتْ بماء الحنظل
فُجعَ العراق وهذه مِحَنُ الدّيا= ر تضاعفتْ بيَدِ الجناة الجُهّل ِ
فجَرَتْ بأربيلَ الدّماءُ وضَمَّختْ=ميسانَ ثمّ روَتْ ضفافَ الموْصل ِ
سَقِيَ النِّساءُ صقيعَها وضِرامَها=ودجا بها ليـْلُ الشُّيوخ العُزَّل ِ
فرُبّ مُرضعة في الخرائب مَسَّدتْ=بدمائها جسَد الرّضيع المُحْول ِ
وغادةٍ كالبدْر ناء بها الزّما=نُ وَأسْقطتْ وسَط الوحيش الجحْفل
وطفلةٍ خلف الشوارع شُرِّدتْ=وبكَتْ وأبْكتْ كُلَّ جفْن مُثقل ِ
وتَظلُّ رغْماَ ترْتجيكَ عيُونُها=فتُسائلَ الألْحاظ َ كُنْهَ المَوْئل ِ
وسرت بسوريا فجائعُ لم تكن=حُسـِـبَتْ على عهْد القرون الأ ُوَُُّل ِ
ويْحي على حلب وقد أوْدى بها=لـَمَمٌ يهْمي في الضلوع ويغتلي
فأبو فراسٍ قد بكاها بأدْمُع=وسَبْعُ دولتها بغاز الخَرْدل
ودمشقُ غابت في القرار وغيّبتْ=أزمانها اللاّئي شربْن بمَنهل ِ
نزلت عليها في الجَهار حوادث=ثقـُلت على عيْن البعيث الأشهل
وانظرْ إلى يَمنٍ تجدْ هُ على النّوى=فرِحاً بأنْ بات السّبيلُ بأوْحل ِ
وقال إنّي للدّمار لـَذاهبٌ= فأجعلـَه ضعْفَ الخــَـراب الأوّل
عجبتُ من صوَر تناثر لوْنها =وجَلتْ رمادا منْ حُطام الهيكل ِ
دُوَلُ الحياة بنَتْ على دُول الرّدى=فكلاهُما حُطمٌ يَحُزّ بمِعْوَل ِ
ولقد تضاعف نسْجُها منْ ومْضة=تزجي الدواهيَ في زمانٍ أغْول ِ
فإذا النفوسُ سحائبٌ تقتادُها=لـُججُ الدّجى، فسَرَتْ بسُؤلٍ أكـْحل ِ
وليلُ ذي الأحْزان طال سبيله=وليلُ ذي الكاسات باتَ بأطوَل ِ
وإذا صميمُ العقل راح مردّداً=أنْ ليْس ثمّة َ منْ جواب أكمَل ِ
وليْس منْ لبسَ المَخيط َمنَ الثيا = ب ِ، كمَنْ ثوى بلبائدٍ لمْ تـُغزل ِ
فلا تـَعِبْ على الجُنون إذا اخْتلى=بسِهامِه عقلَ الرَّقيق الأوْجل ِ
وإذا أردْت بأنْ تشُلَّ يدَ الرّيا= ح ِ فاعْقد لها شرَك الحبال وعَجّل