***
هبَّت الريحُ فافترشْتُ لِذاتي = صهوةَ الأُنسِ بعد طولِ شَتاتِ
وتجافتْ أحناءُ قلبي عن الوهنِ ... = ... وألقتْ مساوئَ الآهاتِ
وتحاملْتُ ، والخطوبُ جسامٌ = فائراتٌ ، على يدِ العزماتِ
وتجلَّت ، رغمَ الظلامِ ، ذُكاءٌ = لابصبحِ الآثامِ والعثراتِ
إنَّه النُّورُ والهدى والمثاني = والحديثُ الشَّريفُ في هالاتِ
وازدحامٌ على مشارفِ فتحٍ = من عبيرِ الآياتِ والجنَّاتِ
هي أغلى البواحِ من بشرياتٍ = بينَ عيْنَيَّ لُحْـنَ في النفحاتِ
ماطوى الكربُ عـزَّةً لرجالٍ = من جنودِ المشاعرِ اللاهباتِ
رمضانُ القرآنِ نرجسُ وحيٍ = فاحَ في الكائناتِ بالبيِّناتِ
ولياليه مقمراتٌ دوامًـا = نِعْمَ أُنسُ التقاةِ في المقمراتِ
للظِمـاءِ الأبرارِ منه فراتٌ = في كؤوسٍ تلذُّ للسَّرواتِ
هم فخارُ الزمانِ في حقبِ الظُّلمِ ... = ... تعالوا فوقَ اعتسافِ الطغاةِ
وَهُمُ الخيرةُ الأُباةُ وقد أرغى ... = ... عدوٌّ لهم بألفِ قناةِ
فَتَوَلَّتْهُمُ العنايةُ تحمي = مجتناهم من وطأةِ الآفاتِ
فلهيبُ الحقدِ الدفينِ سَيُطوَى = رغـمَ مافي يديـه من ويلاتِ
قُلْ لكلِّ المستعذبينَ دِمانا = من بقايا فلولِ أهلِ الأذاةِ :
لن تمرُّوا ، فأرضُنا ذاتُ إرثٍ = ليس يبلى مُحَمَّدِيِّ الشِّياتِ فأبو بكرٍ قد حباهُ بِنُبْلٍ = وبروحٍ فيَّاضةٍ بالثَّباتِ
هَزَمَ المرتدينَ يوم تلاقت = في نزالٍ كتائبُ الغزواتِ
وأخوهُ الفاروقُ ذو الشأنِ أعلى = رايةَ العدلِ في رحيبِ الجهاتِ
أنكرَ الظلمَ والضلالَ وأرسى = دولةَ الحقِّ في دجى الغمراتِ
ولعثمانَ في السباقِ ارتقاءٌ = لم ينلْهُ أكابرُ السَّرواتِ
فافتدى الدينَ ، والأمانةُ عهدٌ = قد حماها بأطهرِ المهجاتِ
وعليُّ المقدامُ عاشَ فأغنى = مالمجدِ الإسلامِ من غدواتِ
بابُ بحرِ العلومِ والعلمُ كنزٌ = ليس يرضى بالزيفِ والتُّرهاتِ
وصِحابٌ أعزَّةٌ لم يبالوا = في لقاءِ العدا بزهوِ الحياةِ
فاصطفاهم مولى البريَّةِ جندًا = للمثاني ، وليس للمنكراتِ
آهِ يا أُمَّتي فَقَدْتِ خطاهم = فتخبطتِ ويك بالعثراتِ
وتبعثَرْتِ كالغثاءِ بأرضٍ = بين عصفِ الشدائد المهلكاتِ
لستُ أبكي على النعيمِ توارى = أو على الخيرِ ديفَ بالحسراتِ
إنما لوعتي على موتِ عـزِّ = ومزايا قد بِتْنَ مندثراتِ
وفتوحٍ أرادها لكِ ربِّي = غامراتِ للخَلْقِ بالرحماتِ
فتقاعسْتِ وانثنى لكِ فضلٌ = وتهافتْتِ فوقَ جمرِ الشكاةِ
ولِمَنْ تشتكينَ والكلُّ حمقى = ماتوانوا في كيدِهم والأذاةِ
رافقَتْ قلبَك المدمَّى البلايا = صنعوها للفتكِ والصفعاتِ
فانظري وجهَكِ الكئيبَ توارى = عنه نورُ القرآنِ والصلواتِ
والمسي الجرحَ نازفًـا بدماءٍ = جارياتٍ كالنهرِ في الحاراتِ
أتنامينَ والمصائبُ شتَّى = وأسى النازحين في الفلواتِ ؟!
كلُّ أرضٍ فيها أذانٌ و ذكرٌ = ومقامٌ للمسلمين الهُداةِ
قد رماها عدوُّهم بفناءٍ = وبطعنِ القلوبِ والَّلبَّـاتِ
وبحقدٍ مانامَ يومًـا بصدرٍ = قد تلظَّى كالجمرِ في العرصاتِ
هـم عدوُّ الإسلامِ منذُ تنادى = جمعُ أهلِ الإسلامِ للمكرماتِ
وَهُـمُ الشَّرُّ في قلوبِهُمُ السمُّ ... = .... تلوَّى كالسمِّ في الحيَّاتِ
ليس فيهم نُبلُ السَّجيَّةِ تُلفَى = في صدور الأفاضلِ المؤمناتِ
والمزايا ، وهل لهم من مزايا ؟ = غير مافي رعونة القنواتِ
أعلنوها حربًـا على اللهِ خابوا = في حروبٍ مع الهدى خاسراتِ
كم غبيٍّ أثارَه الزيغُ يُغري = نفسَ مستأنسٍ بزيفِ الفُتاتِ
وشقيٍّ يدورُ في فلكِ الوهمِ ... = ... يُمَنِّي دنياهُ بالثَّمراتِ
وخبيثٍ أجرى اللسانَ سفيهًـا = بقبيحِ الأذاةِ في الكلماتِ
أيُّهـا المارقونَ ليس لديكم = من دواءٍ للناسِ في العلاَّتِ
أنتُمُ المفلسون دنيا و أخرى = لن تفوزوا غدًا بحبلِ نجاةِ
يُحرمُ الآثمون من كلِّ خيرٍ = يومَ تُبلى سرائرُ الصَّفحاتِ
لـم يروا نعمةَ الحياةِ وقد فاتَهُمُ ... = ... البِـرُّ من كريمِ الهباتِ
هـم تناسوا مكانةَ الأُمَّـةِ العُظمَى ... = ... ولاذوا بذيلِ قومٍ غزاةِ
آهِ يا أمَّتي وأنتِ نشيدي = كم تمنيتُ فيك مبتغياتي
كم تغنَّى الزمانُ ، كم يتراءى = فيك حلوًا ، نديَّ بيضِ الصِّلاتِ
والربيعُ المخضلُّ بالخيرِ يُؤتي = لبنيك الفرسانِ طيبَ الأناةِ
عاشها المجدُ في السنين الخوالي = يتهادى بالأمنِ لا الأنَّاتِ
لكِ يا أُمَّتي ظلالُ المثاني = دانياتٍ تفوحُ بالطيباتِ
في حِماكِ الشعوبُ تمرحُ تيهًـا = وابتهاجًا بأعذبِ الآياتِ
وتعالى عٌلاكِ والحقُ أبقى = من سرابِ اللذَّاتِ والشهواتِ
وأتاكِ الفخارُ في ثوبِ خلدٍ = ليس يبلى من شدةِ الغمراتِ
وحِباكِ الوريفُ جنَّةُ بِـرٍّ = عاشه الناسُ ليس من حسراتِ
وتثورُ الرياحُ هوجًـا ، ويلوي = عصفُها من غصونُكِ الباسقاتِ
حينَ جانبتِ شِرعةً أنقذَتْنَا = من نيوبِ الوحوشِ في الغاباتِ
ومشى القومُ بالمزاميرِ لهوًا = فوجدنا القلوبَ مكتئباتِ
ماتَ في الناسِ حسُّهم فاستُذلُّوا = من عدوٍّ أشاحَ عن عربداتِ
كم أغارت عليكِ يا أمَّتي من = هبواتٍ من غُمَّـةٍ و غُزاةِ
وتقاعستِ والخطوبُ جِسامٌ = وروابيكِ غيرُ ممتنعاتِ
وانثنى عزمُك الشَّديدُ أمامَ ... = ... المنكراتِ انفلتْنَ والنَّزَواتِ
وغزتْ أفكارُ الفرنجةِ أفكارَ ... = ... بنيكِ النيامِ كالأمواتِ
كنتِ . مَن كنتِ ؟ آهِ وانفرطَ العقدُ ... = ... على دربِ حسرةٍ و شتاتِ
وتراميْتِ والنَّوازلُ تَحكي = ماعرا من هوىً ومن تُرَّهاتِ
ويكِ يا أُمَّتي أفيقي ، أفيقي = فالرزايا تنداحُ بالقارعاتِ
واستردِّي خيريَّةً سلبتْها = عربداتُ الأشرارِ بالفلسفاتِ
انتِ مَن أكرمَ الإلهُ عُلاها = يومَ أعطاكِ أنضرَ القسماتِ
لم يزلْ وعدُه الأجلُّ نداءً = في مثاني قرآنِه المحكماتِ
ليس واللهِ من إعادةِ عـزٍّ = لكِ يا أُمَّتي بلا آياتِ
شرعةُ اللهِ قوَّةٌ وثباتٌ = إن أردتِ الإيقاعَ بالحملاتِ
فَخُذيها إذا اتخذتِ قناةً = كي تردِّي ما للعِدا من قناةِ
وأعدِّي لهم ، ولكن حذاري = من شيوع الفسادِ والموبقاتِ
إنَّمـا تُنصرين بالعمل الصالحِ ... = ... والتقوى ، فذاك دربُ النجاةِ
بدعاءٍ للهِ في هدأةِ الليلِ ... = ... به حتفٌ نازلٌ للجُناةِ
إنَّـه اللهُ ربُّنا المتعالي = فاستظلي بالرحمةِ المهداةِ
رغمَ كلِّ الأوجاعِ في صدري الدامي ... = ... وفيضِ الشجونِ في آهاتي
واكتوائي بجمرِ كلِّ مصابٍ = ولهيبُ الأحزانِ في نظراتي
وتمادي فجائعي صارخاتٍ = موقداتٍ من لفحِ نارِ الأذاةِ
رغمَ شِدقِ الأرزاءِ ينهشُ قلبي = فبقايا الآمالِ في بسماتي
لاأرى في الغدِ القريبِ سوى الفتحِ ... = ... وإشراقةِ الصباحِ الآتي
إنَّـه الوعدُ من نبيِّ حبيبٍ = فاستعدِّي يا أُمَّـةَ الجُمُعَاتِ
واكسري النايَ والربابةَ واصغي = لصحيحِ الحديثِ عندَ الرواةِ
لن يمرَّ الطغيانُ دونَ عقابٍ = ولأهلِ الطغيانِ والمنكراتِ
فَهُدى الشرعةِ الأثيرةِ باقٍ = رغمَ سيلِ المخاطرِ المفزعاتِ
بشبابِ الإسلامِ ، بالقيمِ العليا ... = ... بروحِ الفداءِ والتضحياتِ
بثباتِ اليقينِ باللهِ عونًـا = قاهرًا للغزاةِ ، بالصلواتِ
أُمًَّتي دينُهـا أعزُّ وأعلى = من سخيفِ التضليلِ والفلسفاتِ
سقطتْ كلُّهـا بنارِ عماها = وتهاوتْ في سلَّةِ المهملاتِ
إنَّ نورَ الإٍسلامِ فيه انعتاقٌ = عن مدارِ الضياعِ والشُّبُهاتِ
لم تَمُتْ أُمَّتي فقد أخرجتْها = رحمةُ اللهِ من لظى النكباتِ
وَهَدَاها إلى الصراطِ سويًّا = فَنَجَتْ في عصورِهـا الغابراتِ
وأراها وللإباءِ شِياتٌ = تلبسُ اليومَ من جميلِ الصفاتِ
ويـدُ المخلصين عادت لتبني = ماتهاوى على يدِ الغفلاتِ
فبآيِ الرحمنِ يسترشدُ الركبُ ... = ... ونورِ النبيِّ والباقياتِ
ما أجلَّ الشبابَ في ثوبِ تقوى = وأعزَّ البلاد مبتهلاتِ
بوركتْ أُمَّتي يهبُّ بنوهـا = بالتفاني لأكرمِ الرغباتِ
يبذلون النَّفيسَ دونَ شموخٍ = ماتردَّى في حومةِ الجَلَبَاتِ
في حُداءٍ يطوي الجفافَ ، ويأتي = بربيعِ الجنائنِ المورقاتِ
أُمَّتي لن تموتَ والخيرُ باقٍ = في مغانٍ بالجودِ منبجساتِ
لم تهبْ سطوةَ التآمُرِ أو ذلَّتْ ... = ... هوانًا لبهرجِ المزرياتِ
يومَ هُـم أوثقوا يديها بقيدٍ = من قتادٍ ، وعوملتْ كالرفاتِ !
إنَّ ذلَّ الأحرارِ بالقهرِ موتٌ = في ثيابِ الإذعانِ والهَلَكَاتِ
إنَّمـا مَن أرادَ وأدَ علاها = لم يُوَفَّقْ وآبَ بالحسراتِ
إنَّها موئلُ النُّبُوَّةِ زكَّاها ... = ... إلهُ الوجودِ عندَ الرواةِ
لم يصبْها الفناءُ ، واللهُ مولاها ... = ... فنعمَ الحِمى بوجهِ الطغاةِ