الموت حارس وقاتل وبرزخ إلى حياة أبقى.
أطللت من ستر كثيف جافي=حيناً وحيناً لين شفَّافِ
أرنو وأمعن في الحياة وسرها=فإذا بها سفن بدون مرافي
وإذا بها عجلى كمر سحابة=في الأفق سارية بدون خفاف
وإذا بها مرهوبة مرغوبة=في عسف طاغية ووعد زفاف
ووجدت فيها الدُّرَ مثل ثمالة=ووجدتها بحراً من الأصداف
ووجدتها تهب الرضا لكنه=يأتي كآلٍ سارب متجافي
أحلامها وهمٌ ونشوة سادر=ووعود مخلاف ومر سوافي
تطوي الأنام وهم أسارى حبها=في الريث إن شاءت وفي الإيجاف
تدني وتقصي والخوان لها يد=مبسوطة بالشَّين والألطاف
ما أتلفته اليوم ردته غداً=من طيبات تشتهى وعجاف
طال الزمان وما ونت أخلاقها=عن عادة الإتلاف والإخلاف
لكنها أبداً تعدّ لغدرة=ما بين نعماء وبين جفاف
وتظل تحصي للفتى أنفاسه=شأن الغريم المسرف العساف
حتى إذا ما صوّحت أيامه=ودنت لموعد رحلة وقطاف
نادته للكأس التي قد أترعت=فسقته من سم أُعِدَّ زعاف
فكأن ما عاش الفتى من دهره=سنة ليقظان الرؤى أو غافي
* * *=* * *
الموت حارسنا ونحن ضيوفه=فاعجب لحارسنا وللأضياف
يهوي علينا لا نراه فنتقي=ويصول في صمت بلا أسياف
فإذا بنا في حفرة تفضي إلى=أعمالنا في ساحة الإنصاف
ويموت عند الموت مطمع طامع=ويموت عند الموت كل خلاف
والله يلقى الوافدين بعدله=من أقوياء أعزة وضعاف
* * *=* * *
الموت صنو للحياة وموئل=لقوافل الأخلاف والأسلاف
فاجعل رغابك في المفاز فإنه=بحر من النعماء دون ضفاف