هذه القصيدة مهداة إلى العراق وشعب العراق.
إلى الصادقين من أبنائه والمجاهدين تحت لوائه؛
في يوم الصبر والمصابرة، يوم الرباط الدائم ،
والجهاد المستمرّ إلى أن يتأذنه الله بالنصر، فتستتمُّ
الملحمة وتنتهي المأساة.
يا بنَ العُروبَةِ يا ذا الرأيِ والنَظَر= ويا مُلبّي نِداءَ الأهْلِ في الغِيَرِ
لَبِّ الصريخَ وآسِ الجرحَ لا تَخَفِ= واصدع بفعلِكَ إصدعْ أنت في خَطَرِ
واقرَ السلامَ على عُربٍ منازِلُهُمْ= بين الفُراتَيْن من بدوٍ و من حَضَرِ
شُمُّ العرانينِ أبطالٌ وقوفُهُمْ= في مَهْمَهِ الروعِ يعلو كُلَّ مُعْتَبَرِ
القائمونَ على ساحٍ عليهِ عدا= الظالمون تعادي غاشمٍ تتري
والمُبْتلونَ وقد قاسَوْا مكابدةَ= فعلاً يضيقُ بهِ ذرعاً بنو البَشَرِ
الصابرونَ على فعلِ الأذى ولَهُمْ= مِنْ كَلِّ جائِحَةٍ دَرْسٌ لِمُعْتَبِرِ
في مَوطِنٍ طُهْرُهُ طُهْرُ الحياةِ وفي= سُمُوِّهِ كُلُّ ما في الطُهْرِ مِنْ كِبَرِ
ساحُ النجومِ تباهى في عَراقَتِهِ= هو الأرومةُ بَلْ هُوْ عالِي السُدَرِ
فإنْ تأذَّنَهُ خَصْمٌ وأوغَلَ في= عدوانِهِ. أو طوي مِنْ بعدِ مُنْتَشَرِ
فلا يزالُ بهِ ماء الحياةِ وما= يزالُ في موعدٍ مِنْ عَوْدِهِ الخَضِرِ
مكارِمٌ من قديمِ الدَّهرِ سالِفُها=كانتْ وبعدُ لعمري ـ بهجةَ النظرِ
وعِزَّةٌ ما لوى التاريخ ساعِدَهَا= ولا تأذّنَها مِنْ بعدُ بالخَوَرِ
أقداسُ عِزِّ تناهى في مجادَتِها= وَصهوةٌ للعلى تَعْلو على الخَطَرِ
وساحَةٌ طالما صالَ الرجالُ بِها= على الرِّجالِ فكانتْ ساحَةَ الظَفَرِ
أمجادُ قومٍ مع الأيَّام ما بَرِحَتْ= رُغْمَ الأعاصيرِ تروي عاطِرَ السِّيَرِ
معادِنٌ مِنْ فخارٍ باتَ مَعْلَمُها= كقاب قوسين من أُتْرُجِّهِ العَطِرِ
معقودةٌ في نواصي الخيرِ عِزَّتُهُمْ= كأنَّها في الحيا بعضٌ مِنَ القَدَرِ
كغُرَّةِ الدهْرِ تُزْهى قبْلُ بالعَطِرِ= أو بَسْمَةُ الفجرِ تُزهى بعدُ بالنّضِرِ
عَرِيكةٌ عَرَ كَتْ أُذْنَ الزَّمانِ وما= تَزَالُ تَعْرُكُ والأيَّامُ في غِيَرِ
فمِن قديمٍ لَهُ مِنْ سالِفٍ عِبَرٌ=إلى حَدِيثٍ على جُلَّى مِنَ العِبَرِ
لو لم يكن للعلى يسعى جَهَابِذُهُ= لما رأيتُ بِسُوحِ العِزِّ مِنْ أَثَرِ
بِهِ ازدهى النبلُ واسْتَعْلَتْ مكارمُهُ=على التسَفُّلِ رُغْمَ الجُرْحِ والقَتَرِ
رَمزُ انْتماءٍ وَرَمْزُ العِزِّ مَعْلَمُهُ= رَمزُ اصطبارِ بني الدنيا على الضَرَرِ
تمضي السُّنونّ،وآثامُ العدا حِمَمٌ= والنَّاسُ ما بين مأمورٍ ومُؤتَمِرِ
الكُلُّ صاغوا من وجدانِهِمْ حَطباً= وصَيَّرُوهُ بينَ الشَرِّ والشَّرَرِ
لم يَثْنِهِمْ عن أذَاهُمْ أيُّ مُعْتَبَرِ= أو يَرْدَعِ البغيَ مِنْهُمْ أيُّ مُنْتَهِرِ
قُدَتْ قُلوبُهُمْ من جندلٍ صِفَةً=لِلهِ مِنْ مُهْجَةٍ أقسى مِنَ الحَجَرِ
للهِ مِنْ شِرَّةٍ عَمْياءَ تخبُطُ في= سُودِ المصائِرِ أَعْمَتْها عن النَظَرِ
أغرابُ أصحابُ ذو قُرْبى على بَشَمٍ= باتَتْ تُناهِشُ من أكبادِ مُحْتَضِرِ
كم عالِمٍ عارِفٍ قد تاهَ في النَظَرِ= أو باحِثٍ دارِسٍ قد تاهَ في الأثَرِ
أو صاحِبٍ والِغٍ في السوءِ دَيْدَنُهُ=فِعْلُ القبائِحِ لم يُرْدَعْ.بمدَّكَرِ
قد أسكرَتْهُ خمورُ الأندرينَ وما= يَزَالُ في التِيهِ بين السُكْرِ والسَكَرِ
للهِ مِنْ مَعْشَرٍ لو أنَّهُمْ عَرَفُوا= ما في فِعَالِهِمُ عِرفانَ مُعْتَبِرِ
إذا لَجُنُّوا جُنُوناً لا شِفاءَ لَهُ= لِهَوْلِ ما كانَ مِنْ مُجْنٍ ومن عَهَرِ
عُمْيُ البصائِرِ في وِجْدانِهِمْ خَرَقٌ= وخَرْقُ وِجْدانِهِمْ مِنْ أكبَرِ الخَطَرِ
سُودُ الطبائِعِ في أثنائِها نِكَتٌ= أَعْيا على الخَلْقِ ما فيها مِن الحَقَرِ
سُودُ الصحائفِ في أفْعالِهِمْ سَفَلٌ= يكادُ يأنَفُهُ الأَدْنى مِنَ البَشَرِ
يا رُبَّ فاعِلَ سُوْءٍ لو تَكَشَّفَ لَنْ= تَطيقَ سَوْءتُهُ السوءَى مِنَ الحُفَرِ
أو أن فِعْلَتَهُ بانَتْ لما تَرَكَتْ= عقلاً يَثُوبُ إلى رُشْدٍ مِنَ الذَعَرِ
فِعْلٍ تَفَطَّرُ منه الأرضُ قاطِبَةً=ويرهَبُ الناسُ ما فيهِ من الخَطَرِ
هذا العِراقُ وما أدراكَ آخِرُها= إنَّ جُنَّ بُرْكانُها من بعدِ مُنْتَظَرِ
أو إنْ تأذَّنَها بالعَوْدِ بارِئُها= تأذُّنَ الغيثِ وافاها على قَدَرِ
إذاً لطارَتْ شُعاعاً من مَعَاقِلِها= تأتي على ما بَنَوْا في سالِفِ الدَهَرِ
حمراءَ سوداءَ مُزْجاةً إذا اسْتَعرَتْ= كأنَّها قِطْعَةٌ مِن جَاحِمٍ سَقَري
هو العراقُ قِبابُ المجدِ شامِخُهُ= فوقَ المُحَيَّا وفوقَ الغَيْمِ والمَطَرِ
سَيَّانَ عندي ماضِيهِ وحاضَرُهُ= الكُلُّ كالكوكَبِ الدُرِّيِّ في نَظَرِي
في كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِنْهُ رَفِيفُ هوى= وكُلُّ فَلْقَةِ تَمْرٍ بُلْغَةُ الوَطَرِ
وكلُّ نَخْلِةِ عِزٍّ طابَ مَغْرِسُها= وكُلُّ رَشْفَةِ ماءٍ مِنْ ثرى النَهَرِ
رَمْزٌ يبوحُ بمكنونِ الهوى وَبِهِ= عَوْدُ الحياةِ وعَوْدُ الروحِ للبَشَرِ
يا طِفْلَةً في مَغَانِيهِ مُدَلَّلَةً= ويا وَليداً حَبَا في حُلْمِ....مَنْتَظِرِ
ويا شُعاعاً يتيماً غابَ والدُهُ= قَد غَيَّبَتْهُ يَدٌ شَلَّى مِنْ السَكَرِ
الصبحُ موعِدُ ميلادٍ يُقرِّبُهُ= خَطْوُ الوليدِ تُجاهَ المركَبِ الخَطِرِ
فألفَ بشرى بِهِ إن قِيْلَ قد أَزفَتْ= أيَّامُهُ أو سُقي من بعدُ بالمَطَرِ