عن مِصْرنا هل غادرَ الشرفاءُ = أمْ أنَّ عيشَ الكادحين شقاءُ !
هي جُرِّدَتْ ممن يُضاءُ به الدُجَى = فكستْ معالمَ أرضها الظلماءُ
هي لم تعُدْ إلا كضَيْعَةِ حاكم ٍ= وبطانةٍ جَمَحَتْ بها الأهواءُ
ضنَّتْ بها السفهاءُ حين تحكَّمت = بمصيرها ، مُنعَ الهوا و المَاءُ
فالجهلُ يعلو في البلادِ عُلوَّهُ = فوق الجميع وينتشي الجهلاءُ
شبعوا من اللحم الحرام وأسرفوا = ويجوعُ في قاع الدُنا العلماءُ
سكَنَ القبورَ الداجياتِ أولو النهى= واستوحشتْ بقصورها الأمراءُ
فإذا الحياةُ لهم بكل ثرائها = لانتْ لهم ، واستيئس البسطاءُ
تفنى قلاعُ الماجدين وما يُرَى = طللٌ لها ، أو مَعْلمٌ وضَّاءُ
تأبى الحضارةَ أمةٌ ٌرضيتْ إذا = وافى زمامَ أمورها الجهلاءُ
عن مصرنا هل غابت الشرفاء = حظ الشريف النفي والإقصاءُ !!
مدوا الجسور إلى الغباءِ بهمةٍ = فله مناصبُ جمة ٌ و إباءُ
وله بقاءٌ في الحياة إذا مضى = لرجاله التقديمُ والإرجاءُ
أرأيتَ كيفَ الظلمُ غيَّبَ حُلمَنا = تفنى الحياةُ ، وينتهي البؤساءُ !
ومن المذلةِ كم هنالك عَبْرَة ٌ= بين الصدور ، وكم يئنُّ بكاءُ !
لهجتْ بكلِّ البائسين قلوبُهمْ = تدعو، وكم طرَقَ السماءَ دُعاءُ !
وتساءلتْ أين الرجالُ ومن بهم= تُستجلبُ الأمطارُ و الأنواءُ !
بل أين قلبُ الحُرّ في عزماته = يحيا ، ومعْه الهمَّة الشمَّاءُ ؟
لا عيشَ للحُرُّ الكريم إذا خلتْ = منه المعالي و السَّنا الوضَّاءُ
أمَّا الحياةُ فلا وربِّك ما لها = إلا الفنا لو صُفدَ الحكماءُ
عن مصرنا هل غادر الشرفاءُ = فحياتُها هي والمماتُ سواءُ
حسراتها استل الهوان سيوفها = فإذا بها أوطاننا أشلاءُ
آلامنا رقص الطغاةُ لنزفها = ولهم بكل جراحنا استهزاءُ
ذاق الوجودُ مرارةً من خزيهمْ = حتى ارتقوا فإذا الهوى استخزاءُ
ضخَّ الإباءَ مع المدادِ يراعُنا = قصِفَ اليراعُ ، وماتتِ الآراءُ
لا رأي إلا بالنفاق وبالفِرَى = ظهر الفسادُ وفاض منه رياءُ
زيف بزيفٍ، والصفاقة منهجٌ = والجهل نورٌ ، والغباءُ ذكاءُ
والشكُّ وعيٌ والضلالة نعمة ٌ= والبَغيُ حِلْمٌ ، والظلامُ ضياءُ
والزور صدقٌ ، والنجاسة عفة ٌ= والطهر عيبٌ ، والحياةُ فناءُ
والسَّطوُ حِلٌ ، والأمانة ُ مغنمٌ = والرشدُ غيٌ ، والشقاقُ إخاءُ
بيتُ العناكبِ بيتُنا إنْ غيِّبَتْ = بين السجون ِ أمانة ٌ وفداءُ
يا أمة ً شاب الصبيُّ لحُزنِها = ومن الأسى شاختْ بها الحسناءُ
خلقَ الحياةَ اللهُ جلَّ جلاله = تسمو إذا يعلو بها الشرفاءُ