إلى فضيلة الشيخ العلامة حسين رمضان الخالدي يرحمه الله
وإلى العلماء العاملين المجاهدين السَّاعين لنهضة أمتنا من جديد.
بنورِ بصيرتي وجميلِ صبري = رأيْتُ بطيفِكَ الميمونِ سِفْري
وقد حملتْ يدايَ هُداه نورًا = فلم يجدالضلالُ هوىً بصدري
وجمرٌ في الحنايا قد تمادى = لظاهُ ، وليس من وجلٍ وذُعرِ
ولا من وطأةِ الأرزاءِ نبكي = فما للعينِ من دمعٍ لِضُــرِّ !
ولم يبلَ الوفاءُ وظلَّ ينهى = عن الإذعانِ في الدنيا لكفرِ
سما القلبُ المعَنَّى لايبالي = وعاشَ ولم يزلْ في ثوبِ فخرِ
ولم تُزْرِ النوازلُ والرزايا = به يومًـا لظلمٍ أو لغدرِ
يهبُّ بِعَزْمةِ الإيمانِ يجفو = هوىً للناسِ قد جدُّوا لوَفْرِ
ولم يخشَ الملامةَ والتجافي = إذا ماعاشَ للشَّرعِ الأغرِّ
ذكرتُكَ شيخَنا الغالي بعهدٍ = وآفاتُ الزمانِ أرَدْنَ كسري
فلم أَرَ أيَّ عصرٍ في تبارٍ = على مـرِّ العصورِ كمثلِ عصري
يهيجُ طغاتُه من غيرِ طبلٍ = ويطلقُ سهمَه من غيرِ ثأرِ
وباتَ لظلمِهم وحشٌ عقورٌ = فقمْ تشْهَدْهُ في نابٍ وظُفرِ
وصفتَ سِماتَه ياشيخُ حقًّـا = كأنك عنه تروي سِفْرَ شرِّ
وأعلمُ أنك الداعي لصبرٍ = وأذكرُ أنك الأقوى كنَسرِ
ويعصفُ عصرُنا هذا بنارٍ = فهل من منقذٍ من وقْدِ بَتْرِ ؟!
فقال وفي مقالتِه شؤونٌ : = (على مضضِ الجفا قاسيتُ دهري )
فقلتُ : وكيفَ عانيتَ الرزايا = وهَمًّــا عشتَه في طولِ عُمرِ
فقال وفي رؤى عينيه طيفٌ = ( يريني شدَّةً وأُريه صبري )
فقلتُ : وكيف كنتَ تعيشُ فيه = وساحلُه على مــدٍّ وجَزرِ !
شدائدُ لم تزلْ ترمي أذاها = عليك وأنتَ في ضيقٍ وعُسرِ
ويأتي منه إيذاءٌ وشرٌّ = ( ويلقاني بوجهٍ مكفهرِّ )
فقلتُ وهزَّني منه اعتدادٌ = بحولِ الله لن أرضى بخُسرِ
أَأَنتَ له ، فقال على يقينٍ = ( وألقاهُ بأنفٍ مشمخرِ )
رجعتُ أجددُ الإيمانَ إني = وحملُ الخطبِ آذى فوقَ ظهري
على ماقد كرهتُ لي اصطبارٌ = وحمدي فاضَ في شفتي وشكري
أيا شيخي ذكرتُك حيثُ كانت = وصاياكَ الأثيرةُ نهجَ خيرِ
وصايا الشيخِ مٌؤْثَرَةٌ تراءتْ = على نورٍ من التقوى وبِشْرِ
ولي بعقيدتي المُثلى ملاذٌ = لوعدِ الله في حُلوٍ و مُــرِّ
أَأَنسى اللهَ في دنيايَ حاشا = على نأيِ يطولُ بها وهجرِ
وكيف أقولُ : ياربِّي أعنِّي = وربِّي ليس في جهري وسِرِّي !
وأرجعُ رغمَ أنفي مستجيرًا = ببارئِ طينتي في كلِّ أمرِ
ولم ينفعْ هوى ليلى وسلمى = ولا الأُغرودةُ الثَّملى بشعري
وعدْتُ بخيبتي من كلِّ حقلٍ = ولم يجْنِ المنى كرِّي وفرِّي
ولم تُجْدِ استغاثاتي مرارًا = بزيدٍ في النوازلِ أو بِعَمْرِو
ولم يسمعْ لها الطاغوتُ كسرى = وقيصرُ مثله ماكانَ يدري
تهدَّمَ ما علا من صرحِ مَجدٍ = وأخوى مازها من تيهِ قصرِ
وسالتْ أدمعٌ ، وجرتْ دماءٌ = لأُمَّـةِ أحمدِ الهادي كنهرِ
وهل تُنسَى سراييفو ، وتُطوَى = لكشميرٍ صحائفُ ذات ذعرِ !
وفي الأفغانِ قد دارتْ رحاها = ملاحمُ أمسِ في الزمنِ الأمَرِّ
ودعْكَ من العراقِ ومن شآمٍ = ومن مصر الكنانةِ ويح صبري
ومن بلدانِ أُمَّتنا عرتْها = مذابحُ دُوِّنَتْ في ألفِ سطرِ
مذابحُ صارخاتٌ لن تُوارى = لعذرٍ مجحفٍ وبدونِ عُذرِ
أردتُ شروحَها فأبتْ وقالت = أيا نفسَ الجريحِ اليومَ مُرِّي
ولا تقفي هنا فالكلُّ يدري = ومَن لم يدْرِ ، ها : قد باتَ يدري
هجرْنا شرعَنا ، ولقد عرانا = أذى الكفارِ من حقدٍ ومكرِ
فجئتُ وقد هُديتُ بفضلِ ربي = وأُلهمتُ السدادَ بدربِ سيري
سلمتُ من السفاهةَ والتمادي = وفزْتُ بنهجِ خالِقِيَ الأَبَرِّ
وإنَّ العيشَ للخَلقِ ابتلاءٌ = فذو يُسرٍ بأربُعِه وعُسرِ
وفي وجهِ التُّقاةِ له ائتلاقٌ = ونورُ الصَّالحينَ وِسامُ فخرِ
وغيرُك أيُّها الشيخُ المفدَّى = قضى دنياهُ في دجلٍ وَهَذْرِ
فكم من عالِمٍ أخوتْ لديه = طيوبُ الحقِّ من هَدْيٍ وبِـرِّ
فليس له من التبليغِ فضلٌ = به للناسِ من نفعٍ وخيرِ
وفي يومِ القيامةِ لستُ أدري = إذا اصطفَ الورى من دونِ سِترِ
ذكرتُكَ والنوازلُ عاصفاتٌ = وما في الأُفْقِ من نورٍ لفجرِ
وألمحُ وجهَكَ الباهي بسيمًـا = بليلٍ التيهِ فيَّـاضًـا كبدرِ
تحدثُني ويُصغي كلُّ سمعي = وأقرأُ ماكتبتَ بكلِّ سطرِ
وكنتُ هناك يومئذٍ صغيرًا = أحبُّ العلمَ يملأُ كلَّ عُمري
وأعلمُ أنَّ في الكلماتِ نورًا = يبددُ ماعرا في حقلِ فكري
غزلْتَ بهنَّ حكمةَ مَن تصدَّى = لحُلوٍ جاشَ في صدري ومُـرِّ
وما زالت لنا نبراسَ عـزٍّ = تلألأَ بالهُدى في لوحِ طُهرِ
يعيشُ المسلمُ الحــرُّ الليالي = ولا يرضى بذلٍّ أم بِنُكْرِ
ويشمخُ في القيودِ ولا يبالي = بما للبغيِ من جَوْرٍ وضُـرِّ
لِمَنْ يحيا على اسمِ اللهِ حُـرًّا = ويُسندُ ركنَ سيرتِه لِوَفــرِ :
فخارٌ عندَ بارِئِه مديدٌ = وخير إذ يرى من دونِ حصرِ
هو الوهابُ يُغني مَن أتاهُ = ويُجزلُ بالعطا لكثير شكرِ
حديثُ الشيخِ أدرك في فؤادي = هوى فحواهُ أغنى زادَ ذُخري
أيا ربِّي دعوتُك مستجيرًا = بحولِكَ مأمني و فِكاكَ أسْرِي
دعوْتُكَ رغمَ آثامي جريحًـا = لنكبةِ أُمَّتِي من طولِ هَجْرِ
وتجأرُ والرزايا مضرماتٌ = على أرجائها في كلِّ قُطْرِ
أغثْها يا إلهي وانتشلْها = لطفلٍ عاجلتْهُ أكفُّ كُفْرِ
بفضلِكَ واستجِبْهُ دعاءَ شيخٍ = أتاكَ وما أناخَ ببابِ غيرِ
وشكوى من جوى امرأةٍ عرتْها = مُدى الإجرامِ في صبحِ وظهرِ
وأخرى لم تجدْ ياربِّ سترًا = وقد هجمَ المغيرُ بسيفِ شرِّ
بلهفةِ مؤمنٍ ياربِّ أمسى = أسيرًا بين طغيانٍ و كُفرِ
تقاذفَنا العِدا حقدًا و بغيًـا = وسامونا الأذى في عصرِ جَوْرِ
وهاهم قد أتوا من كلِّ حَدْبٍ = وحوشًا أهلُ أنيابٍ وظُفْرِ
أباحوا للجرائمِ والمخازي = سُمُوًّا كان في أمنٍ وسِترِ
وكِبرُ الوغدِ أنساه المزايا = فلم يرحمْ وجاءَ بكلِّ مُزْرِ
ولم نَــرَ للمحافلِ من وقوفٍ = يصونُ الحقَّ أو يُحمَى بأزرِ !
هي الدولُ اللعينةُ قد تمادتْ = فلم تسمعْ ولم تقبلْ بِعُذْرِ
ففي آذانِها صممٌ قديمٌ = فأكبرُ من ممالأةٍ و وَقْرِ
ألا إنَّ الجهادَ به خلاصٌ = وفتحٌ ليس يُبقي أيَّ إصْرِ
وما لسِواهُ من بابٍ يؤدِّي = إلى الفرجِ المؤمَّلِ دونَ كسرِ