حَمَاكِ اللهُ يا لغة َ الكتابِ = بمَجْدِكِ عزَّتي ، و لكِ انتسابي
وفخرُكَ أنَّ آيَ الله تتلى = بحرفكَ قد عَلا فوق السَّحاب ِ
تألق في نواحي الأرض نورا ً = وأشْرَقَ في الأباطح ِ و الرَّوابي
وعانقت ِ القلوبُ به حياة ً = كما أحيا الحَيَا غرْسَ الترابِ
و ما سِحْرُ اللغَاتِ إذا تراءى = لسِحْركِ غيرُ شيء ٍ مِن سَرَابِ
وما اللُّغة ُ الجميلة ُ غيرُ روح ٍ = من الإيمان في ألق ٍ سَرَى بي
أرى عشقي لها - والله - دِينا ً= بهِ أرجو مِنَ الله ِ اقترابي
هي الحَسْناءُ فاضَ الحُسْنُ منها = كفيْض ِ النَحْل ِ بالشَّهْدِ المُذابِ
وصَوْتُ الحقِّ أيْنعَ في حِماهَا = قويا لا يُجَامِلُ أو يُحَابي
قديما ً كان أهْلُ الذِكرِ فيها= أساطينَ الطبيعة ِ و الحسابِ
كسَاهُمْ رَبُّهُمْ بالعِلم نورا ً = و مِن فيْض ِ العُلا أبْهَى ثيابِ
قضوا عُمْرا ً أوائلَ في هواها = أكابرَ في البلاغةِ و الخِطابِ
وَ كمْ دانتْ لهم فيها قوافٍ = يشفُّ جمالها خلفَ الحجابِ
أمَا غاصوا بأبْحُرها و عادوا= بصَيد لآلئ الدُّرِّ العُجَابِ
هِيَ الفصْحَى التي عشنا نغنِي = لها عِشْقا ً بأيَّام ِ الشباب ِ
و شبنا في الغرام بها مشيبا ً = وما شابتْ فتسعى للتصَابي
هي الحسناءُ إن نظرَتْ بطرْف ٍ= فأبشرْ بالوصال ِ أو العتاب ِ
مَوَاردُ عِشْقها بَرَدٌ و رِيٌ = يهيمُ بورْدِها أهْلُ الشَّراب ِ
بكتْ لجفاء ألسنة ٍ تمادتْ = بهُجْران ٍ رسا فوقَ العذاب ِ
تغرَّبَ نطْقُ أمَّتنا فساءتْ = وباتتْ في أسى نارِ اغترابِ
يميدُ بأهلها في الأرض ِ كيدٌ = سعى بشعوبها نحو الخراب ِ
فذاقتْ مُرَّ وَيلاتِ الأعادي= و تاهتْ بَيْنَ وَيلات ِ اضطرَابِ
هي الحَرْبُ التي دارتْ رَحَاها = بعولمةٍ لها نابُ الذِئاب ِ
بعَوْلمَة ٍ طغتْ منها البلايا = تداعَتْ مثل َ أنسال ِ الذبَابِ
فهلْ يوما ً ترى العَيْنان ِ نصْراً = لفرسان ٍ مَضَواْ نحو الغلاب ِ
مضوا عُرْبَ اللِسان ِ دُعَاة َ مَجْدٍ = أبَوْا إلا مواجهة َ الصِّعاب ِ
وبالعِشْق ِالحلال سَعَواْ كمَاة ً = لأجْل ِ عيون ِ صَاحِبةِ الجَنابِ
هي الحَسْناءُ صَاحِبة ُ المَعالي = سَقتْ عُشَّاقها شَهْدَ الرِّضاب ِ
أيا لغتي التي فاضتْ حياة ً = لتفتحَ للمكارم كلَّ باب ِ
رعاكِ اللهُ من باغ ٍ أثيم ٍ = ومن مَكْر ِ الثعالبِ و الذئاب ِ
دعاءُ العاشقين وليس يغفو= حماكِ اللهُ يا لغةَ الكتابِ