كتاب عمر أبو ريشة عاشق المجد - المقدمات والمحتويات
مقـدمة الطبعة الثانية
يسعدني أن أضع بين يدي القارئ الكريم، الطبعة الثانية من كتابي «عاشق المجد عمر أبو ريشة شاعراً وإنساناً» بعد أن أعدت النظر فيه طويلاً، مستفيداً من ملاحظات متنوعة، بعضها من مراجعتي الشخصية لما كتبت، وبعضها من حصولي على مواد جديدة للشاعر وأخرى عنه، وبعضها مما قاله أو كتبه عدد من أهل العلم والفضل وجدت من واجبي أن أشكرهم شكراً جزيلاً، وهم:
❊ أستاذ الأجيال، الأديب العلامة الموسوعي، الشيخ الجليل علي الطنطاوي رحمه الله، الذي أثنى على الكتاب ثناء كبيراً، ووصفه بأنه مدهش وممتاز ومنصف، ووصف لغته بأنها عالية.
❊ الأخ النبيل الأستاذ عبد العزيز السالم الذي قرأ الكتاب قراءة دقيقة، وكتب عنه ست حلقات في جريدة الرياض الغراء، وفي كتابته متابعة واستقصاء، وفيها ملاحظات عامة وأخرى جزئية، بل إن فيها رصداً لأخطاء طباعية وغير طباعية، وهي مما لا يكاد ينتبه إليها القارئ، وقد فاتتني وفاتت سواي، ومع ذلك استوقفته فنبه إليها وحدد مواقعها، فله الشكر الجزيل مرتين، مرة لما فعل، والأخرى لأنه فعل ذلك وهو مشغول جداً بأعباء عمله المتنوعة والمهمة والكثيرة.
❊ الأخ الكريم الأستاذ الدكتور محمد علي الهاشمي الذي قرأ الكتاب قراءة دقيقة، وزودني بملاحظاته المشكورة، التي يظهر فيها حرصه ودقته وإتقانه، وهي صفات معروفة عنه في حياته وكتابته على السواء.
❊ الأستاذ الدكتور يوسف عز الدين الذي كتب في الأربعاء ــ وهو ملحق أسبوعي تصدره جريدة المدينة ــ مقالاً جميلاً علق فيه على ما كتبه الأستاذ السالم، وهو مقال فيه ذوق وأدب وثناء، وأفكار نافعة، أرجو أن أستفيد منها.
❊ الأخ الكريم الأستاذ عبد الرزاق ديار بكرلي، الذي قرأ الكتاب وكتب عنه مقالة جميلة، ضافية ودقيقة، أعانه عليها حســه الأدبي، ومعرفته بالكتاب منذ أن كان فكرة تقدم للجامعة، ثم رسالة تجاز منها، ثم عملاً منشوراً بين أيدي الناس، فضلاً عن الصلة الطويلة بينه وبيني، وهي صلة وثقى شدت عراها أخوة ومودة، وتقارب كبير في الفكر والثقافة والطباع.
❊ ❊ ❊
أشرت في مقدمة الطبعة الأولى إلى أن أصل هذا الكتاب هو رسالة علمية تناولت الجانب الفني عند عمر أبو ريشة، وقد أضفت إليه طائفة من الموضوعات يوم خرج من حيز الجامعة إلى حيز النشر، لكني وجدت أن هذه الإشارة مجملة ولابد من شيء من التفصيل.
أصل هذا الكتاب هو رسالة تقدمت بها إلى قسم اللغة العربية في كلية الآداب في جامعة عين شمس، للحصول على درجة الدكتوراه، وعنوانها هو: «عمر أبو ريشة - دراسة فنية»، وقد نوقشت الرسالة مساء يوم الأربعاء 7/12/1414هـ ــ 18/5/1994م، ونالت درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف الثانية. وقد أشرف عليها الدكتور يحيى عبد الدايم رحمه الله، وشاركه في مناقشتها الأستاذان الدكتوران إبراهيم عبد الرحمن، وأحمد مرسي.
أما موضوعات هذا الأصل فهي: الوحدة العضوية ــ الصورة الشعرية ــ الموسيقى الشعرية ــ لغة الشعر ــ الرمز الشعري ــ تبديل وتعديل ــ القصة الشعرية ــ الملحمة الشعرية ــ المسرح الشعري.
وكان هذا الأصل موزعاً على بابين وعدد من الفصول، لكني حين طبعته كتاباً للناس ألغيت هذا التوزيع، وجعلته موضوعات متوالية، كل موضوع يحمل عنوانه المذكور دون أن تسبقه كلمة «فصل» أو كلمة «باب» فقد وجدت ذلك أيسر على القارئ وأسهل، لأنه يتيح له أن يستمر في قراءة الكتاب دون أن تشغله تقسيمات فنية تتــــوزع عليها موضوعاتـــه، وأياً كان الأمر فإن هذا التغيير لم يجر على منهج الدراسة ومادتها ونتائجها، كما أنني حذفت من هذا الأصل بعض المواد التي بدت لي مغرقة في التخصص، مما لا يهم القارئ العادي، بل ربما أدى به إلى الملل.
أما الإضافة فهي الموضوعات التالية: صورة كلية ــ مسيرة الحياة ــ في رحاب فيصل ــ إباء وكبرياء ــ مواقف جريئة ــ مبالغات وادعاءات ــ شعره الوطني ــ شعره الإسلامي.
هذا وإن موضوع «مبالغات وادعاءات» يأتي إضافة جديدة في هذه الطبعة الثانية، ولقد كان لها جذور في الطبعة الأولى، لكنها أخذت مداها الآن.
وقد جعلت المواد المضافة تسبق الأصل لأنها بمنزلة تمهيد شامل تعرف بالشاعر وحياته، وتعين على فهم شعره.
ولقد تعاملت مع مناهج الدراسة الأدبية بمرونة وانفتاح في الحدود التي رأيتها تخدم البحث، ولكن همي الأكبر كان هو استنطاق النصوص، والغوص فيها، واستجلاء أبعادها، واكتشاف غوامضها، وإدراك مراميها، وإعادة النظر فيها، مؤملاً أن تكون دراستي هذه لشعر عمر أبو ريشة «دراسة نصية» بالدرجة الأولى وعساي نجحت.
هذا وأود أن أشير إلى أن الشاعر كان يلتزم الواو في اسم عائلته أينما وقعت لأنها شهرة ثابتة له، وقد وجدت عدداً من الكتاب يفعل ذلك، ففعلت مثلهم ومثله. أما النصوص التي أنقلها عن هذا الكاتب أو ذاك فأورد اسم الشاعر فيها كما كتبه صاحب النص.
وعسى أن يفسح الله في العمر، ويبارك في الوقت والجهد والهمة لنلتقي في طبعة ثالثة تكون خيراً من أختيها السابقتين.
اللهم لك الحمد على ما أعنت ويسرت، فمنك العون، وعليك الاعتماد، وإليك المآب، لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا، ولك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.
حيدر الغدير
الرياض - 1426هـ/ 2005م
---------------------------------------
مقـدمـــة الطبعة الأولى
عمر أبو ريشة شاعر كبير، بدا لي بعد أن سمعته ينشد شعره، وبعد أن عكفت على هذا الشعر، وبعد أن تتبعت أخباره، أنه رجل عاشق للمجد، تغلغل عشقه للمجد في أعماقه وسيطر عليه ووجه الكثير من مواقفه طيلة عمره شاعراً وإنساناً.
عشق المجد لأمته فأراد لهــا العــزة والظفر، وعشق المجد لوطنه فأراد له الحرية والاستقــلال، وعشق المجد لشعره فبذل فيه جهداً كبيراً وتطلع فيه إلى أعلى المراتب وبالغ في شأنه كثيراً، وعشق المجد لنفسه فأراد لها المكانة العليا وحرص على مصاحبة المشاهير والعلية من الساسة والأدباء والوجهاء والأعيان، وأدرك من ذلك حظاً طيباً كان يبالغ فيـــه. ومن هنــا جاءت تسمية هذا الكتاب التي أرجو أن تكون موفقة.
أصل هذا الكتاب رسالة علمية تناولت الجانب الفني عند الشاعر، ولكني حين عزمت على طباعته كتاباً للناس أجريت فيه بعض التعديل، وأضفت إليه مواد تتناول حياة الشاعر ونفسيته ومواقفه، وموضوعات شعره، وطائفة من أخباره، لذلك يجد القارئ فرقاً واضحاً بين الأصل الذي تحكمه التقاليد العلمية المقررة وبين الإضافة التي لاتلتزم بذلك.
ومن الله جل جلاله العون، وعليه الاعتماد، وإليه المآب، وله الحمد كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه.
وسوم: العدد 982