جسر بنات يعقوب
مع مقطع روائي للدكتور غبريال وهبة في كتابه
د. حسن الربابعة
قسم اللغة العربية
جامعة مؤتة
ضم كتابه المذكور ستة عشر مقطعا روائيا بدءا ب"مساعد طيار " وانتهاء ب"الغريب"في 189 صفحة من القطع المتوسط ، أهدى كتابه إلى أبطال أكتوبر الذين حققوا النصر في ما يراه لمصر عام 1973م
وقد اخترت مقطعا له "جسر بنات يعقوب "الذي عنون كتابه به ص57ـ 73واحتل المقطع الروائي "رقم ستة في كتابه "
أما المقطع فيبدأ بالزمان ثم بالمكان ثم بالشخوص منمقا بأسلوب لغوي رائع يكتبه أديب أريب
فالزمان فجرا والمكان عبر نهر يلف بغلالة من الدخان الرقيق انه حسر بنات يعقوب ، وهناك شخوص احدهم شخصية رئيسة هو رجل عاري القدمين في أسمال بالية ، تتناوح حوله طيور ، وجسمه يتصبب عرقا ،يحدق في تيار نهر على عمق أربعة أمتار، كان الرجل موثوق اليدين بالحبال خلف ظهره،وعلى عنقه حبل يتدلى من عارضة خشبية ، يقف علي العارضة رجل من ثلاثة من جلاديه ، وبقريهم رئيسهم يحمل مسدسا يدُه عليه ، وعلى ضفتي النهر مجموعة من المشاهدين لعملية إعدامه ، وهنا عقدة فكيف يتطور المشهد ؟
توقفت الحركة فوق الجسر، وصمت الأربعة، والرجل في الثامنة والخمسين من عمره ، فقير مطحون ذو شعر أشيب محكوم عليه بالإعدام ، لم يغطِّ احدُهم وجه المحكوم عليه بالإعدام ، فطفقت عيناه تدوران شاردتين إلى فقاعات الحوا مات من النهر ، فجذبت نظره جثة قطة تتراقص في الماء ، والمياه تجرفها فأغلق عينيه ؛ فتذكر والدته المسنة ،وحفنة من أحفاده الصغار ، وجثم على الكون سكون رهيب ، أحسَّ باضطراب، وسمع أصواتا هزَّت أفكاره ؛كانت أشبه بضربات معاول حفاري القبور ولم يدر أن كانت قادمة من بعيد أو قريب، ، فتح عينيه وشاهد الماء يجري من تحته فقال في نفسه لو استطعت أن أفك يدي لتمكنت من خلع أنشوطة الحبل من حول رقبتي ولقفزت في النهر متفاديا الطلقات غائصا في الماء ولسبحت إلى الضفة الشرقية من النهر ثم أتسلل في الغابات لأرى أحفادي كان يفكر عندما أعطى القائد إشارته إلى الجلادين الذين خطوا جانبا وأطاحوا باللوح الخشبي من تحت قدمي الرجل بضربة واحدة من مطرقة ثقيلة.
*****
وفي المقطع ذاته يعرض مشهدا لإبراهيم الحلاج"مذكرا بالحلاج الشهسد " الذي ذهب ليصلي في يوم جمعة، فأحدق به جنود يهود واعتقلوه وأرسلوه معتقلا بعد ضرب ولكم ، وهناك ذاق الأمرين ومات كثير من المعتقلين.